منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- واجهت المملكة الكثير من التحديات وتعاملت مع كثير من الأزمات وخرجت ظافرة منتصرة بفضل حنكة قادتها ووضوح سياساتها ورسوخ ثوابتها. لقد شكلت سياسة المملكة ثقلاً مؤثراً في السياسات والاستراتيجيات الإقليمية والدولية، خاصةً وأنها اتبعت نهجاً حازماً تجاه ما يحصل في المنطقة من تجاذبات وتغيُّر في مواقف الدول الكبرى وتقاطعات مصالحها. ولعلّ آخر نموذج لهذا المشهد المتغير انتهاكات المدّ الصفوي الإرهابي في المنطقة، والحروب بالوكالة والتي نشطت بعد السياسات التي تبنتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تجاه طهران في إطار الاتفاق النووي، والذي -رُبّما- كان يتصوّر من خلاله إيجاد توازن جيوسياسي جديد في منطقة الخليج. كما اتخذت المملكة نهجاً حازماً وحاسماً تجاه ملفات المنطقة بدءاً من اليمن، مروراً بسورية، ووصولاً إلى لبنان، وتأكيداً على النهج الحازم كانت رؤية المملكة تتعارض أحياناً مع السياسات الإقليمية التي تتبعها واشنطن إبَّان عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وبرهنت المملكة من خلال سياساتها المستقلة للمجتمع الدولي «المعنى الحقيقي للسيادة»، حيث أثبتت مدى قدرتها على التصرف ككيان مستقل بمواقفها الثابتة والرصينة، ورغم ما يُحاك حولها من مؤامرات يُراد النيل منها بواسطة ضرب اللُحمة الوطنية بالداخل إلاّ أنّ الشعب السعودي قد ضرب أروع الأمثلة في التلاحُم والإخلاص والفِداء لقيادته ووطنه، ما يؤكد سيادة القرار الوطني السعودي وقوة الدولة بشكل عام، فالدولة ذات السيادة هي التي تنطلق من مصالح شعبها ويستطيع مواطنوها تحديد وجهتها ومصيرها باصطفافهم مع قادتها. ورغم ما مرَّت به المملكة مؤخراً من أزمات دبلوماسية مروراً بتدخُّل كندا بالشأن الداخلي للمملكة إلى حادثة اختفاء المواطن جمال خاشقجي في ظروف غامضة على الأراضي التركية، إلاّ أنّها أعطت دروساً في مفهوم السيادة الداخلية والخارجية، وتمسكاً بالقوانين والمواثيق الدولية والأخلاقية التي تُبرهن على ثباتها رُغم تكالُب مُدبري المؤامرات. إنّ حنكة القيادة السياسية وقدرتها على إدارة الأزمات مشهود لها، وقيادتنا الرشيدة أثبتت مراراً وتكراراً للعالم أجمع أنها قادرة على التعامل بحنكة وحكمة وصبر مع كل السيناريوهات، ونحن نثق بلا حدود في أنها قادرة على قيادة البلاد إلى بر الأمان مهما اشتدت العواصف. Your browser does not support the video tag.