"قُم للمُعلِّم وَفِّه التبجيلا كاد المعلِّمُ أن يكون رسولا" صيحةٌ أطلَقَها أمير الشعراء عرفاناً بحقَّ المعلِّم وفضلِه، فَكم بنى أمماً، وأحيا هِمماً، وأيقظ نفوساً، فله منّا كلّ التقدير والإعزاز. وإكرام المعلم إكرام للأمَّة، وقد أولت الحضارة الإسلامية اهتماماً كبيراً بالمعلم والمؤدِّب والمربِّي الذي كان يحرص الخلفاء على أن يتعهّد أولادهم بالتأديب والتربية، وكانت "الكتاتيب" قديماً محضناً لتخريج أجيالٍ عارفة بدينها، حريصة على حفظ كتاب ربِها، وكان الشيخُ والتلميذ قُطبي العملية التربوية التعليمية التي قوامها التبجيل والتوقير. ومع أنّ صورة المعلم اهتزت في العقود الأخيرة؛ فإنّه لا تَزال بقيَّة حريصة على وضاءة تلك الصورة، متمسكة بما يحفظ لها بهاءها، ومع ذلك لم تلتفت الأممالمتحدة لأوضاع المعلم إلا مؤخراً العام 1994م، حيث أُقِرّ الاحتفال بيوم المعلم في الخامس من أكتوبر من كل عام. والاحتفاء بالمعلم ليس يوماً ينقضي، بل هو رسالة تدوم، ويدوم إشعاعها بالنُّور الذي ينتشر في البقاع، فيبدِّد ظلمات الجهل، بل إنّ معلم الناس الخير له فضل عظيم؛ فكان حقيقاً بصلوات الله وملائكته، كما جاء في الآثار. إننا إذا التفتنا إلى إصلاح حال المعلِّم، فإننا ندرك الطريق الصحيح لإصلاح الأمَّة، ونهضة المجتمع. وإنني من هذا المنبر أدعو كُلّ إنسانٍ أن يحتفي بمن علَّمه حرفاً، وأن يحملَ إليه - في عيده - آيات العرفان والتقدير، فما أشدّ سعادة المعلم، وهو يرى غراسه قد أينعتْ، وما أشدّ فخره بما قدَّمَتْ يداه من خير، فلنتوجَّه إلى معلمينا، نُقبِّل لهم يداً ورأساً، وندعو بالرحمةِ لما أفضوا إلى ربٍّ كريم. وإلى الأنظمة والحكومات والمجتمعات، احرصوا على نقاء صورة المعلِّم، فإن هدمتموها، فأنتم تهدمون الأمة؛ فبمعلميها ترقَى الأُمم. Your browser does not support the video tag.