لم يكن الأول من الميزان الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى عام 1351ه الموافق 23 سبتمبر 1932م حدثا عاديا في مسيرة العرب وتاريخهم الحديث، بل كان نقلة نوعية في صناعة أمة وبناء دولة. إن ما قام به الملك عبدالعزيز هو معجزة بكل المقاييس، فقد جاء إلى الجزيرة العربية في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية وداخلية ودولية في غاية من التعقيد، والذي يتمثل في دولة هي أقرب في مساحتها إلى القارة بل تزيد، وولاء الفرد للقبيلة أولاً وآخراً ناهيك عن المشاحنات والضغائن بين القبائل، وقلة الموارد إن لم تكن منعدمة، وعدم وجود إمكانيات مادية أو عسكرية. في ظل هذه الأجواء استطاع الملك المؤسس وفي فترة وجيزة من عمر الزمن أن يجمع الشتات ويوحد القلوب ويؤلف الأفئدة، ويخرج الجزيرة العربية من الثالوث المهلك (الفقر - الجهل - المرض) ويقيم مجتمعا مؤتلفا متماسكا، وما كان للملك المؤسس أن يحقق ذلك إلا بتوفيق الله أولا ثم بإقامة العدل وتحكيم الشريعة الإسلامية وتوحيد القلوب. من أجل ذلك لم ينل زعيم أمة، أو قائد مسيرة، أو مؤسس كيان، أو موحد دولة، من الحديث عنه مثلما قيل في الملك المؤسس، وسبب ذلك أنه كان أمة في رجل، ورجلا يحمل هموم أمة، وأتوقف عند قول الرئيس الأميركي روزفلت في الملك عبدالعزيز (لقد فهمت من الملك عبدالعزيز في عشر دقائق ما لم أفهمه من العرب في عشر سنوات عن قضية فلسطين). إن احتفالنا باليوم الوطني يعني: 1- امتزاج المشاعر والأحاسيس لتفيض حبا لهذا الوطن المعطاء، ومضاعفة الانتماء والولاء للقيادة الرشيدة في ظل الظروف التي يمر بها العالم الآن، والتحديات الصعبة التي تواجه المملكة. 2- اليوم الوطني ليس تاريخا فقط، وإنما هو تأسيس لملامح حياة وتطور إنساني شامل يظل ممزوجا بهوية الإسلام. 3- تذكر التضحيات التي قام بها الملك المؤسس، والذي ظل يوحد هذا الكيان الكبير أكثر من ثلاثين عاما، واجه فيها صعوبات جمة، وعرض حياته للموت أكثر من مرة، كذلك نذكر أبناءه البررة الذين جاؤوا من بعده، وحملوا راية والدهم، وقاموا بمشروعات عملاقة جعلت المملكة في مصاف الدول المتقدمة. 4- أن نذكر وبكل فخر واعتزاز أبطال هذه البلاد الطاهرة الذين قدموا حياتهم رخيصة للذود عن الدين والشرف ودولة التوحيد، ورجال الجيش والشرطة الساهرين في الداخل وعلى الحدود حتى تضل المملكة واحة أمن يتفيؤ ظلالها كل مواطن ومقيم. 5- ألا ننساق وراء الإشاعات المغرضة التي تحاول النيل من الوطن وأهله التي يبثها الأعداء، ويسعون من خلالها إلى غرس بذور الفتنة بين المواطنين وولاة الأمر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. 6- أن نعرف تاريخ بلادنا وما كانت عليه من الفرقة والتناحر والفوضى والشتات، حتى هيأ الله لها الملك المؤسس، وأعاد الأمن إلى الربوع، وعمل على نهضته في شتى المجالات، وما نحن فيه اليوم إنما هو نتيجة من نتائج عمله المخلص، وأصبح المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يؤدون مناسكهم بيسر وسهولة وأمان. 7- ما كان للمملكة أن تظل مرفوعة الهامة لولا حفظ الله أولا ثم باستمرار حكامها على الثوابت الأصيلة التي أرساها الملك المؤسس. حفظ الله بلاد الحرمين من كل مكروه وسوء وأدام عليها أمنها واستقرارها إنه سميع الدعاء. Your browser does not support the video tag.