بين استقطاب الكفاءات وتوطين الوظائف تنحصر خيارات شباب وبنات الوطن بين الرضوخ لشبح البطالة والتشبث ببصيص أمل، فمتطلبات الحياة تتضخم، واحتياجات العيش بكرامة تزداد عليهم كل يوم. وفي ظل الخيارين تتوالى المفاجآت التي تسحق أحلام الشباب السعودي وتباعد بينه وبين طموحه كتباعد المشرق والمغرب، من خلال الأخبار التي ترش الملح على جراحه باستمرار. في الأسبوع الماضي أكد عضو مجلس الشورى الدكتور سعيد بن قاسم الخالدي أن 60 ألف وظيفة في الصحة والجامعات يشغلها وافدون وقابلة للتوطين، تصريح يحمل من الأحباط لأبناء الوطن بمطالبات ملحة على توطين هذه الوظائف. وبكل أسف يحمل البعض فكرة أن الشباب السعودي غير مؤهل لتولي بعض المناصب القيادية، هذا العذر الواهي الذي يستخدمه كل مسؤول لممارسة الاستقطاب علناً وإخراس أفواه المعارضين، عذر يحمل في طياته إدانة مبطنة للتعليم ومخرجاته التي يرونها لا تتناسب مع سوق العمل، فكيف لوزارة بهذا الثقل وبكم الجهود والموارد تخرج طلبة غير مؤهلين ويفتقدون للكفاءة اللازمة، فهل يفتقد سوق العمل الثقة بمخرجات جامعات الوطن! وإن كانت الثقة معدومة فما هو حال خريجي الابتعاث الملازمين لكراسي الانتظار لسنوات! ما يثير الاستغراب أن الشباب السعودي حقق نجاحات مبهرة في دول أخرى واعتلى مناصب جديرة بالفخر، ويحظى بالتقدير والتمكين في غير بلاده، فلماذا لا ينال ذلك الفخر في بلاده! نحن لا ننكر أبداً مايحدث في مجتمعنا من سعودة وتوطين، ولكننا أيضاً لا نستطيع أن نغمض أعيننا عن أعداد البطالة المتزايدة وأعداد الوافدين الذين يعملون في وظائف قابلة للتوطين، ولا يقنعنا مايحدث من توطين قاصر على القطاع الخاص والتركيز على سعودة منافذ البيع وغيرها من الوظائف الدنيا التي لا تعطي الشاب السعودي مستقبلاً يوازي مؤهلاته وطموحاته، ولا تسمح له بعيش حياة كريمة في ظل ما نكابده اليوم من متطلبات مادية كبيرة لتوفير أساسيات معيشية. هل مازال مجتمعنا يعاني من عقد النقص، بالنظر للوافدين والأجانب على أنهم يتفوقون على أبناء الوطن بالمؤهلات والخبرات! وما زالت ثقتنا بهم ثابتة وقوية رغم ما اقترفه البعض منهم من تجاوزات وسوء معاملة للمواطنين! وهذا ليس جحوداً أو نكران لجميل ما قدمه البعض الآخر منهم في وطننا من عمل يستدعي الشكر والعرفان، ولكن وطنيتنا تلح علينا باستمرار. إن الشباب السعودي لا يفتقر للأهلية بقدر مايفتقر للثقة والدعم والتشجيع من بلاده وقاداتها، ولا يفتقر للمهارات بقدر ما يفتقر للفرصة التي تسمح له باستخدامها وتوظيفها، ولا يزال تساؤل الدكتور غازي القصيبي يدق فوق رؤوسنا ولم نجد له حتى الآن إجابة مقنعة « كيف تنجح السعودية وأنتم لا تثقون بالشباب السعودي!. Your browser does not support the video tag.