كل مواطن سعودي وقبله القيادة تنتظر موسم الحج وتستعد له بفخر لتخدم ضيوف البيت الحرام، وتعمل بحذر على سلامتهم. ويجب أن نعي أن الحج مجال للحياة ويحتاج إلى الخدمات التي يحتاجها كل إنسان في سائر الأيام، لذلك نجد الحكومة السعودية ومنذ قرن أو أقل قليلاً وهي تمارس دورها بكل التزام لتطوير البيت الحرام والمشاعر المقدسة.. ثقافة الحج لها خصوصية، وبعض الناس يستغرب من قولي دائماً «ثقافة الحج» كون هذه الشعيرة من أعظم شعائر الله وهي عبادة والركن الخامس في الإسلام، وأنا دائماً أقول: إن الحج يعكس أسلوب حياة شعوب العالم فهو ليس عبادة فقط بل ممارسة للحياة في أيام معدودات وهذه الأيام تتأثر بأنماط الحياة التي ينقلها الحجاج معهم. فهو أي الحج، نطاق مكاني وزماني تتقاطع فيه الثقافة من كل مكان في العالم وبالتالي هو مجال عميق للمعرفة الإنسانية ومجال للإعلام وبناء صورة مغايرة عن الشعب الذي يستضيف الحجاج كل عام. هذا الفرصة المعرفية والإعلامية تتكرر كل عام وتعد بالنسبة لنا في المملكة، على مستوى القيادة والشعب، جزءاً لا يتجزأ من مخيلتنا الثقافية، وجزءاً من عملنا المباشر الذي تستعد له الحكومة كل عام مبكراً، وتخطط له عبر سنوات طويلة. يقبع الحج في نفس كل مواطن سعودي وليس فقط من هم في المحيط المكاني للحج، الذين هم بالتأكيد الأكثر ارتباطاً بهذه الشعيرة وجدانياً وثقافياً، وبالتالي فقد تشكل الوعي المجتمعي العام على الاستعداد ذهنياً ونفسياً للركن الخامس. كل مواطن سعودي وقبله القيادة تنتظر موسم الحج وتستعد له بفخر لتخدم ضيوف البيت الحرام، وتعمل بحذر على سلامتهم. ويجب أن نعي أن الحج مجال للحياة ويحتاج إلى الخدمات التي يحتاجها كل إنسان في سائر الأيام، لذلك نجد الحكومة السعودية ومنذ قرن أو أقل قليلاً وهي تمارس دورها بكل التزام لتطوير البيت الحرام والمشاعر المقدسة، ومع كل ما تعمله تواجه بعض الانتقادات من هنا وهناك، وهذا أمر متوقع فمن يعمل دائماً يواجه النقد، ولا ترمى بالحجر إلا الشجرة المثمرة، لأن أي إنسان عاقل لن يصدق أن بلداً نقلت الطاقة الاستيعابية للحج من بضعة آلاف قبل قرن إلى أكثر من ثلاثة ملايين حاج من دون عمل وجهد بل وتخطط للمزيد، فقد أعلن أمير منطقة مكةالمكرمة عن أن هناك خطة لرفع العدد إلى خمسة ملايين حاج في المواسم القادمة. هل يعتقد من يقبع خلف أبواق القنوات الفضائية المقرضة أن تحقيق هذا العدد سيحدث هكذا من دون عمل أو أن «الجني» سيخرج من المصباح ويقول شبيك لبيك ويحقق من نتمناه. ألا يعلم هؤلاء أن مجموع مساحة المشاعر (منى والمزدلفة وعرفات) هي 33 كم2 فقط (منى 8,16 كم2 ومزدلفة 12 كم2 وعرفات 13كم2) وحتى تستوعب هذه المساحات 5 ملايين إنسان في أوقات محددة والخطط تقول: إن الهدف الوصول إلى 10 ملايين حاج، وهذا يعني أن يكون هناك تخطيط دقيق وعمل دؤوب لرفع الخدمات، وهذا أمر في غاية التعقيد ويتطلب تفكيراً تنموياً متوازناً. في الوضع الحالي تصلني صور كثيرة تركّز على السلبيات خصوصاً النظافة وتجمع القمامة والروائح الكريهة، ويتمنون إيجاد حلول لها، ورغم كل ما يبذل تبقى الضرورات الإنسانية تمثّل عائقاً كبيراً يتطلب توظيف التقنية وتطوير آليات العمل في المشاعر لحلها. كل هذا يواجه تحدياً أساسياً وهو أن الحج في معظمه خمسة أيام فقط، وأقصد هنا استخدام المشاعر المقدسة، فكيف يمكن تطوير المشاعر لمجرد استخدام خمسة أيام، وكيف يمكن أن يكون هذا التطوير مستداماً ولا يخضع لأي تقلبات اقتصادية قد تحدث في المستقبل؟ هذا السؤال كان مجالاً لنقاش كبير وطويل خصوصاً مجموعة من المتخصصين في كافة المجالات في أحد المنتديات، وكان البعض متحفظاً على أي نظرة تنموية للحج أو التطوير المستدام للمشاعر، ويرى أن هذه لها محظورات دينية، رغم أن الله ذكر أن في الحج منافع للناس «ليشهدوا منافع لهم» (الحج: 28)، بينما يرى البعض أنه من الضرورة بمكان تطوير المشاعر كي تكون مفتوحة للزوار طوال العام ورفع قدرات الخدمات بحيث تكون قابلة لاستيعاب الحجاج بدرجة عالية خصوصاً البنية التحتية وقطار المشاعر، وأن توظف عوائد الاستثمار في موسم الحج. الفريق الثالث يرى أنه من الصعوبة أن توفر الخدمات بشكل كامل خصوصاً البنية التحتية من شبكات المياه والصرف الصحي لأعداد كبيرة (5 أو 10 ملايين إنسان) لمدة خمسة أيام فقط فهذه الشبكات تحتاج إلى صيانة كبيرة وهي مكلفة جداً، وحتى لو تم فتح المشاعر للزيارة فإنه لن يتجمع عدد كبير مثل الحج في وقت واحد ولا حتى عشر العدد. إذاً تطوير البنية التحتية للحج فيها تحدي كبير والحكومة السعودية أخذت على عاتقها هذا التحدي، والحقيقة إن المتفائلين يرون أن التقنيات القادمة سوف تفتح أبواباً كبيرة لتطوير الحج وأن أستيعاب 10 ملايين حاج في المستقبل ليس بالأمر الصعب إذا ما تم التخطيط له مبكراً. ربما نحتاج تحديد أهم التحديات التي نعاني منها اليوم وهي: 1- شبكات الصرف الصحي، 2- وسائل نقل القمامة 3- الحركة بين المشاعر، 4- شبكات المياه الصحية، 5- تعزيز الطاقة المكانية ورفع قدرتها الاستيعابية. ولعل القارئ يضيف بعض التحديات الكبيرة التي تواجه حج المستقبل. اعتقد أن هذه التحديات يجب أن تكون في أعلى سلم أولويات البحث العلمي والتقني، ويجب أن نعمل مع شركات عملاقة على تطوير وسائل مرنة تجعل هذه الخدمات تتمدد وتتقلص حسب الحاجة. Your browser does not support the video tag.