لم يشهد التاريخ الإسلامي مشروعات توسعة للحرمين الشريفين مثلما يشهد في هذا العصر ومنذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز «رحمه الله» والمملكة ماضية في مشروعات التوسعة والعناية بالحرمين الشريفين وزيادة مساحتهما، ورفع قدرة استيعابهما ليؤدي الحجاج والمعتمرون والزوار مناسكهم في يسر وطمأنينة، وفي أجواء ميسرة من التكييف، والفرش، ووفرة المياه، وغير ذلك، وقد عدت مشروعات توسعة الحرمين الشريفين من الأعمال الجليلة التي تخدم بها المملكة الإسلام والمسلمين، حيث أولى ولاة الأمر عمارة الحرمين جل اهتمامهم وعنايتهم، وجاءت في مقدمة الاهتمامات انطلاقا من إيمانهم العميق أن تلك أمانة شرفت بها المملكة. «الرياض» ترصد في هذا التقرير بداية مشروع توسعة الحرمين في العهد السعودي الزاهر الممتد بالعناية بالحرمين الشريفين، والبداية كانت العام 1344ه حينما انطلقت مشروعات توسعة الحرم المكي في العصر الحديث، فقد أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن «طيب الله ثراه» بصيانة المسجد الحرام وإصلاحه، وفي مستهل العام 1373ه أدخلت الكهرباء وتمت إضاءة المسجد الحرام ووضعت فيه المراوح الكهربائية. وواصل أبناء المؤسس بعد موته «رحمه الله» مسيرة تطوير وتجديد المسجد الحرام، واستمرت بعهد الملك سعود «رحمه الله» عملية توسعة وتطوير المسجد الحرام على ثلاث مراحل من العام 1375ه وحتى العام 1381ه، فقد أصبحت بعدها مساحة الحرم 193 ألف متر مربع، وبلغت طاقته الاستيعابية 400 ألف مصلٍ، وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز «رحمه الله» استمرت عمليات التوسعة التي بدأت العام 1409ه وشملت تجهيز الساحات الخارجية، وإدخال نظام التكييف، وإدخال أنظمة إطفاء الحرائق وتصريف الأمطار، وغيرها من الخدمات الأخرى، وبلغت مساحة المسجد 356 ألف متر مربع، وطاقته الاستيعابية 600 ألف مصل، وشارك الملك عبدالله «رحمه الله» بمشروع كبير شمل الحرم والمطاف وشمل عددا من عقود الصيانة والتشغيل والنظافة وسقيا زمزم بالحرمين الشريفين وأعمال الإشراف على تلك العقود، وبرامج تقنية المعلومات، ورخص أنظمة التشغيل وقواعد البيانات، كما تم اعتماد عدد من المشروعات الأخرى وتأمين فرش جديد للحرمين الشريفين واعتماد مشروعين لمصنع كسوة الكعبة المشرفة تتضمن استبدال مصبغة مصنع كسوة الكعبة المشرفة وتحديث نظام إطفاء الحريق بالمصنع، وإنشاء مستودعات للرئاسة ومبنى لمركز التدريب وبعد اكتمال هذه المشروعات تصبح الطاقة الاستيعابية للحرم أكثر من مليون ومئتي ألف مصلٍ تقريبا، وتشتمل على أحدث وأرقى النظم الكهربائية والميكانيكية وهي مشابهة للطراز المعماري الحالي للمسجد الحرام ومتناسق معه. ودشن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «رعاه الله» خمسة مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام في مكةالمكرمة تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات والطريق الدائري الأول، وتفضل خادم الحرمين الشريفين بتدشين مشروع مبنى توسعة المسجد الحرام المكون من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 320 ألف متر مربع يستوعب 300 ألف مصلٍ إضافة للأعداد السابقة. وكان خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- قد أمر باستبدال رخام شاذروان الكعبة المشرفة ورخام جدار الحطيم اللذين لم يتغيرا منذ العام 1417ه. وقد تقرر على الفور توريد وتصنيع رخام من نوع (كراره) -وهو من أفضل وأرقى أنواع الرخام- وفق المقاسات والأحجام المماثلة لما هو موجود مسبقاً، وقد بدأ العمل في صفر العام 1437ه، وباستبدال (مرحليّ) لكل جهة على حدة لتجنب التأثير على حركة الطائفين والوصول للكعبة المشرفة، كما دشن «أيده الله» ساحات التوسعة التي تبلغ مسطحاتها 175 ألف متر مربع وتتسع لحوالي 330 ألف مصلٍ، وأنفاق المشاة التي تضم خمسة أنفاق للمشاة لنقل الحركة من الحرم إلى منطقة الحجون وجرول وخصص أربعة منها لنقل ضيوف بيت الله الحرام فيما خصص الخامس للطوارئ والمسارات الأمنية. وتؤكد مشروعات التوسعة والعناية بالحرمين مضي المملكة وقادتها بأداء دورها الدائم لتوسعة وخدمة الحرمين الشريفين وهي توسعة ذات انعكاسات متعددة على تنمية منطقة مكةالمكرمة ككل ولها أثر إيجابي مهم لخدمة زوار المسجد الحرام، ويبدأ الأثر الإيجابي من الحرم المكي ولتشمل مجالات عدة على الصعيدين الاقتصادي والخدماتي، ويعد هذا المشروع الأكبر في تاريخ المسجد الحرام، وتشمل هذه التوسعة والعناصر المرتبطة بها، مليونين ومئتين وتسعة وستين ألف متر مربع. مشروعات التوسعة امتدت للمناطق المحيطة بالحرمين والطرق المؤدية لهما Your browser does not support the video tag.