ميزة الاقتصاد أنه لغة رقمية، فإما أن تنشر ما يثبت صحة ما تقول أو العكس، وأي أرقام تنشر دون دقة وموضوعية، تصبح كالخطأ المحاسبي يكبر ككرة ثلج مع الزمن فيصبح مدمراً. اليوم نلحظ انهيار العملة التركية الليرة.. وسبقه الريال الإيراني، وأركز هنا على الليرة التركية لدولة تعتبر ضمن دول العشرين، ومرت بنمو اقتصادي جيد خلال سنوات سابقة، ولكن ماذا حدث لليرة التركية لكي تنهار لتنخفض لأكثر من 70 % خلال سنة فقط، و40 % خلال 7 شهور وأيام من العام الحالي، فقد كانت الليرة التركية تعادل 1،2 ليرة أمام الدولار، وهذا يعتبر جيداً ومتماسكاً، ولكن اليوم نتحدث عن 6،4 ليرات أمام كل دولار واحد، وأكتب هذا المقال والأسواق الدولية مغلقة مساء الأحد، واحتمالات تراجع الريال أقرب من أي شيء آخر، الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، عزى السبب إلى مؤامرة، وأنه سيلجأ للتعامل مع دول روسياوالصينوأوكرانياوإيران، بعملات البلدين! وطالب الشعب التركية بعدم شراء الدولار بل والتخلص منه، ورفض رفع سعر الفائدة «عمل وتخصص البنك المركزي» لمواجهة التضخم، وغيرها من القرارات والتوجيات من قبل الرئيس التركي. واقع الاقتصاد التركي اليوم «مؤلم ويتألم» مهما حاولوا إخفاء ذلك، فالعقوبات الأميركية بدأت لمنتجات تركية زاد من تأزيم الليرة التركي، كذلك انخفاض الليرة وارتفاع التضخم سيزيد من تكلفة الدين التركي مما يزلم تركيا لدفع المزيد من المال، كذلك ارتفاع العجز التجاري في تركيا، وتحفظات المستثمرين مقابل القرارات الحكومية والتدخل المباشر، وهذا ما يهدد بقاء المستثمرين في ظل هذه التقلبات والتدخلات في قرار اقتصادي، دعوات الرئيس التركي بالتعامل بالعملة المحلية «روسيا - إيران - الصين - أوكرانيا» وهذه الدعوة لا أعرف لها أي مبرر اقتصادي حقيقي، فدول «البريكس» وهي عبارة عن عدة دول مثال روسياالصينالهندنيجيريا وغيرها، ولكن لم تنجح في الحد من جعل الدولار العملة الأولى في العالم في التجارة الدولية والتي تدار بها يومياً تريليونات الدولارات. تراجع وانحسار الكبير لليرة التركية، تثبت أن النمو الاقتصادي والحراك سابقاً لم يكن ذا أسس قوية أو صلبة، وأن الأخطاء كبيرة وكثيرة في الاقتصاد التركي، فهي تحتاج صناعة حقيقية وقوى بشرية ماهرة حقيقية، وأن تكون واقعية في قراراتها وتوجهها الاقتصادي الحقيقي، فالوضع اليوم منهار للعملة ويترتب على ذلك كثير من العقبات والعواقب، مبالغات كبيرة عن الاقتصاد التركي وفي أول اختبار للعملة لم يصمد!. Your browser does not support the video tag.