عاد كتاب «فن اللامبالاة» للظهور مرة أخرى، بعد أن شوهد النجم المصري محمد صلاح وهو يتصفح نسخته العربية، وكان هذا الكتاب الذي يصنف من ضمن كتب تطوير الذات، قد حصد نجاحاً كبيراً منذ صدوره في العام 2016. فقد احتل المرتبة الأولى في قائمة صحيفة «نيويورك تايمز» لأكثر الكتب انتشاراً بعد أن باع أكثر من ثلاثة ملايين نسخة. شخصياً لا أحفل كثيراً بكتب تطوير الذات، إذ على الرغم من رواجها الهائل، إلا أنها في الغالب لا تقدم جديداً. مجرد وصفات استهلاكية ذات مفعول مؤقت لتهدئة الذات البشرية المهترئة نفسياً. وبالمناسبة كلما زادت مادية الحياة زادت معها المعاناة الروحية، وبالتالي راجت مثل تلك الكتب. إلا أن بعض تلك المؤلفات تقدم أحياناً، أفكاراً مثيرةً للاهتمام، ربما زاوية مختلفة للنظر إلى الأمور، ومن ذلك الكتاب الذي كان يطالعه صلاح. عنوان الكتاب كاملاً «فن اللامبالاة .. لعيش حياة تخالف المألوف». مؤلفه الشاب مارك مانسون، بطرح رؤية مختلفة للتعامل مع الحياة لا تعتمد على التفاؤل والإيجابية التي قد تأتي بنتائج عكسية، بل على التكيف مع خشونة الحياة، ولكماتها التي ستصيبك مهما حاولت تفاديها. كما أن عليك أن تميز ما يستحق عناء المبالاة ممّا لا يستحق. وأن تسمي الأمور بمسمياتها. أن تعرف الفشل والنجاح، ومحدودية قدراتك وإمكاناتك. يقول المؤلف: «عندما نعتنق مخاوفنا وأخطاءنا وشكوكنا، عندما نتوقف عن الهرب ونبدأ في مواجهة الحقائق المؤلمة، يمكننا أن نعثر على القيم التي نسعى إليها». يطرح مانسون أيضاً نقطة مهمة، وهي أن النجاح ليس له تعريف ثابت، وأن ما تعارف عليه الناس من كون القوة والنفوذ والمال والشهرة أعلى درجات النجاح، ليس بالضرورة كذلك. فما يقيس نجاح الإنسان هو الزاوية التي ينظر منها إلى قيمته، فقد يصل الشخص إلى أعلى درجات الشهرة، لكن روحه منكسرة تعيّره دائماً بالفشل. في المقابل، قد يكون إنساناً عادياً، لكن يرى أنه بلغ قمة النجاح، لمجرد أنه أفلح في تكوين أسرة صالحة. وأخيراً، اللامبالاة ممارسة تحتاج إلى تدريب، وذلك للتمييز بين ما يستحق بالفعل أن نمنحه اهتمامنا وما لا يستحق. وهي إحدى الطرق الفعالة لتجاوز الألم النفسي وللتقوّي على مفاجآت الحياة السيئة. كتاب مانسون يستحق القراءة، وتأمل الزاوية التي ينظر منها للتحديات التي تواجهنا. Your browser does not support the video tag.