قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن القاسم -في خطبة الجمعة-: إن من أكبر حقوق النفس تزكيتها وبذلك حفظها من التلف والهلاك، فإن النفوس جبلت على خصال ذميمة، فهي أمارة بالسوء، ولها شر يستعاذ منه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في فاتحة خطبه: "ونعوذ بالله من شرور أنفسنا"، فلا مناص من إصلاحها، والله يحب لعباده ذلك قال تعالى: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ"، أي: باطنكم وظاهركم، ولعظيم أمر تزكية النفوس كانت إحدى مقاصد بعثة الرسل عليهم السلام. وأضاف أن صلاح الخلق وقوام أمرهم بإعطاء الحقوق أهلها، وذلك هو العدل الذي قامت به السماوات والأرض وعليه قيام الدنيا والآخرة، ولكل نفس على صاحبها حق هو مسؤول عنه يوم الدين. وذكر أن من صفات المؤمنين تزكية أنفسهم، ومن المقاصد العظمى في الشريعة حفظ النفس، وأبلغ الحفظ لها تزكيتها، وأعظم ما تزكو به النفوس توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له، ولا زكاة للخلق إلاّ بالتوحيد، والصلاة زكاة للنفس وطهارة للعبد، وبالزكاة والصدقة نقاء النفوس وزكاؤها، والصوم وقاية من آفات النفوس وشرورها ووجاء لأهله من الفواحش. وأشار إلى أنه في الحج تزكو النفوس، والمقبول من الحجاج يعود طاهر النفس كيوم ولدته أمه، وأن الدعاء عبادة عظيمة وبه يدرك العبد مطلوبه، والله سبحانه بيده صلاح القلوب وطهارتها، والإكثار من ذكر الله به انشراح الصدر وطهارة القلب، ومن اشتغل بالقرآن العظيم تلاوة وتدبراً وعملاً وتعلماً وتعليماً صلحت نفسه وانقادت لله، والعلم النافع يزكي أهله وهو دليلهم إليها، وبصلاح القلب وسلامته صلاح ظاهر العبد وباطنه، ومن جاهد نفسه ظفر مقصوده، وزكاة النفس موقوفة على محاسبتها فلا تزكو ولا تصلح إلاّ بالمحاسبة، وبذلك يطلع العبد على عيوب نفسه ويمكنه السعي في إصلاحها وغض البصر مما تزكو به الأنفس. وقال: إن تغير أحوال العباد صلاحاً وفساداً، ورخاء وشدة، وأمناً وخوفاً، تبع لتغيير ما في نفوسهم، ومن أصلح سريرته أصلح الله له علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، والمؤمن وجل يجمع بين إحسان وخوف فيسعى لإصلاح نفسه وتزكيتها، ولا يتمدح بذلك. Your browser does not support the video tag.