تصدر الشأن الاقتصادي محاور «إستراتيجية العزم» والتي اعتمدها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي في أول اجتماع منذ تأسيسه قبل عامين، وترأس الاجتماع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة في جدة مساء الأربعاء واللذين أعلنا عن بزوغ فجر جديد مبتكر من أعماق التلاحم المتين بين البلدين الشقيقين واللذين يمثلان أقوى اقتصادين في المنطقة والأكثر تطورا وابتكارا وانفتاحاً واستثمارا في الأسواق الإقليمية والعالمية. في ظل وحدة المواقف الثنائية السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها الراسخة والمتأصلة في الجذور، وتشابه اهتمامات ورؤية وخطط البلدين للتوسع ولاسيما في قطاعات صناعة النفط والغاز والطاقة والبتروكيماويات والحديد والصلب والأسمدة بتكلفة عشرات المليارات والتي أتت ضمن «إستراتيجية العزم» والتي تضمنت توقيع 20 مذكرة تفاهم لتنفيذ 44 مشروعا مشتركا من أصل 175 مشروعا مخطط تنفيذها وإطلاق حزمة من المشاريع الإستراتيجية التي تبشر بمستقبل أكثر إشراقا وازدهارا ورخاء لاقتصاد البلدين. وبدأ مجلس التنسيق السعودي الإماراتي اجتماعاته في المملكة وسط ترقب عالمي، واهتمام واسع حيث تم استعراض ما تم إنجازه على صعيد الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني العسكري، وإجراء مزيد من التشاور والتنسيق، ومناقشة تعزيز التعاون المشترك، وبحث تطورات الأحداث ومستجداتها في المنطقة. وانطلقت اجتماعات المجلس من اتفاقية إنشائه الموقعة بين المملكة والإمارات في 17 مايو 2016، بقصر السلام في جدة، تحت رعاية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويمثل المجلس النموذج الأمثل للتعاون الثنائي بين الدول وتعزيز التكامل بين مختلف القطاعات والمجالات، وإضافة لمكانة المنطقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على الساحة الدولية. الطموح والتفاؤل بالمستقبل وثمن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإمارات، معرباً عن ارتياحه التام وتفاؤله وثقته الكبيرة بنجاح المجلس وذلك عبر سلسلة تغريدات أطلقها عبر حسابه بموقع تويتر عقب توقيع الاتفاقيات وقال «أن الطموح والتفاؤل بالمستقبل يحفزنا، وعلى أرض السعودية تجتمع الرؤية والإرادة والمصير المشترك مع إخوة كرام لتعلن عن ولادة مرحلة أكثر قوة وحيوية تعود على البلدين بالخير والازدهار». وأشار في تغريداته إلى أن التاريخ سيسجل أحداثا فارقة في عمق العمل والتعاون المشترك بين الإمارات والسعودية.. أحداثا ولحظات كانت فيهما قيادتا البلدين تتفقان على رسم ملامح مستقبل واعد لشعبيهما.. مستقبل يمنح الشباب أينما كانوا فرصا أكثر وأفضل.. فرصا لا تحد طموحاتهم.. بل تجعلهم إيجابيين متفائلين لبناء أوطانهم. وتابع قائلاً: «إن بلدينا ولله الحمد يمتلكان الرؤية الإستراتيجية المستقبلية والإمكانات والموارد، ويقبلان على المستقبل بثقة وتفاؤل، نراهن على جيلنا الجديد وشبابنا الطموح ..إطلاق مجلس التنسيق ‹›السعودي-الاماراتي›› إطار مؤسسي يعزز فرص التنمية والتعاون و التمكين ... السعوديّة الشقيق والشريك. وشدد في تغريدة على مدى التزام قيادة البلدين بتدعيم مسارات التعاون ومواصلة نهج البناء والعطاء وتوحيد الصف.. وقال «تحالفنا مع السعودية خيار استراتيجي يزيد قوتنا قوة.. ويضيف إلى البلدين بعدا تنمويا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا واعدا.. نحرص من خلاله على تشكيل نواة تعزز من التقارب وتوحد العرب حول قضاياهم المصيرية». تحالفات استثمارية مشتركة وما يدعم هذا التحالف المرتقب اعتماده على الاستفادة القصوى من مكامن القوة والمدخرات الهائلة من الموارد الطبيعية التي تحظيان بها البلدين وتقنياتهما المبتكرة وبالأخص في صناعة البتروكيماويات حيث تقرر إطلاق تحالفات استثمارية مشتركة في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات في ظل تأهب متوقع من قبل عملاقي النفط والبتروكيماويات في العالم شركتي أرامكو السعودية و»سابك» لتحالفات مشتركه مع نظرائهم في الأمارات للاستفادة من المزايا التنافسية المكتسبة في البلدين. ويجسد التحالف السعودي الإماراتي عبر مجلس التنسيق بين البلدين عمق الرؤى الوطنية لمجلس التعاون الخليجي واستراتيجيات التحول وتنويع الاقتصاد، في وقت تبرز فيه صناعة الأسمدة الإقليمية بمرورها بفترة تغيير متأثرة بأسعار المواد الأولية، والقيود المفروضة على إمدادات الغاز داخل المنطقة، وزيادة المنافسة في الأسواق بالخارج، حيث أجبرت هذه الصناعة على البحث عن طرق جديدة لإثبات الوجود والقدرة على المنافسة من خلال الاستفادة من نقاط قوتها والبحث عن فرص جديدة للتعاون والابتكار عبر سلسلة القيمة الخاصة بها. ومع استمرار توترات التجارة العالمية في النمو، يستكشف التحالف الصناعي المرتقب أسواقًا جديدة داخل دول مجلس التعاون الخليجي ومناطق التصدير. وعند النظر في هذه التغييرات يتطلب الأمر عقد اتفاقيات لاستثمارات ضخمة في قطاع الأسمدة بين البلدين وذلك نظراً لدورها الرئيسي في ضمان الأمن الغذائي في عالم سريع النمو في تعداد السكان وارتفاع الطلب على التغذية، وتشجيع الابتكارات الإقليمية في الزراعة وتحديد الاتجاهات التجارية الرئيسية من جميع أنحاء العالم. فضلاً عن تبادل الكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية واستشراف مزيدًا من الفرص لمشاركة المعرفة وأفضل الممارسات في هذا القطاع الاستراتيجي والهام من الصناعة. في وقت تتزعم المملكة إنتاج الأسمدة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يشكل إنتاج المملكة أكثر من 44% من إجمالي إنتاج الأسمدة الكيماوية في أسواق المنطقة، بطاقة تصل إلى نحو 17 مليون طن سنوياً، ومبيعات تقدر بأكثر من 11 مليار ريال، في وقت أضافت شركتي «سابك» ومعادن طاقات بلغت 6.7 مليون طن و3 ملايين طن متري سنوياً على التوالي، إضافة إلى طاقة شركة معادن للفوسفات الإجمالية التي ستبلغ حين اكتمال مصانعها نحو 10 ملايين طن. صندوق استثماري وترتكز المشاريع السعودية الإماراتية المقترحة في الشأن الاقتصادي على إنشاء صندوقا استثماريا مشتركا للطاقة المتجددة، وصندوقا للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن الاستثمار بالقطاع الزراعي بإنشاء شركة للاستثمار الزراعي برأس مال 5 مليارات درهم، مدعمة بوفورات وإمدادات هائلة من الأسمدة التي تتزعم إنتاجها المملكة على المستوى العالمي. وتتطلع المملكة والأمارات أن تساهم الإستراتيجية في تسهيل انسياب الحركة في المنافذ، وبناء قاعدة بيانات صناعية موحدة، وتمكين القطاع المصرفي في البلدين، ومواءمة الإجراءات والتشريعات الاقتصادية بين البلدين ومجلس مشترك لتنسيق الاستثمارات الخارجية. ويشمل المحور الاقتصادي تفعيل للصناعات التحويلية ذات القيمة المشتركة، وتنفيذ مشروع الربط الكهربائي، وإطلاق خدمات وحلول إسكانية وتمويلية مشتركة بين البلدين وإنشاء مركز مشترك لتطوير تقنيات تحلية المياه وتعاون في إدارة مشاريع البنية التحتية التي تبلغ 150 مليار دولار سنويا، وتعاون في تطوير تقنيات التكنولوجيا المالية الحديثة. إبراز مكانة الدولتين وتسعى المملكة والإمارات من خلال مجلس التنسيق إلى إبراز مكانة الدولتين في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني العسكري، والوصول إلى آفاق أوسع، تعزز مكانة الدولتين التنافسية، وتبرز مكانتهما كقوة سياسية واقتصادية متنامية. في وقت ينطلق المجلس من الروابط الدينية والتاريخية والاجتماعية والثقافية بين الدولتين، وحرصهما على توطيد علاقاتهما الأخوية، ويهدف إلى تعزيز العلاقات المستدامة بين البلدين في المجالات كافة. في حين أن اتفاقية إنشاء المجلس تؤكد أن مهامه لا تخل بالتزامات المملكة والإمارات، ولا بالتعاون القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يشكل المجلس التنسيقي قوة تعزز منظومة مجلس التعاون، وتضيف لمكانة منطقة الخليج والعالم العربي السياسية والاقتصادية والعسكرية. إضافة إلى أن التطورات الإقليمية والدولية تجعل الرهان على التعاون الاستراتيجي السعودي الإماراتي حقيقياً وقوياً، من أجل حماية المنطقة والدفاع عنها، وتعزيز الاستقرار والأمان والسلام فيها. في وقت كانت الإمارات على الدوام سباقة لمساندة الخطوات والمواقف والآراء والقرارات الحكيمة للقيادة السعودية، لاسيما فيما يتعلق بأمن منطقة الخليج والعالم العربي، وأكدت ذلك بمساندتها ودعمها للتحالف العربي، وإطلاق عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل في اليمن الشقيق. محاربة التطرف والإرهاب والإمارات والمملكة داعمان قويان ورئيسيان لمحاربة التطرف والإرهاب، ولم تدخر الدولتان جهدا في سبيل تعزيز التعاون في هذا المضمار، ودعم سياستها وتشجيع الحوار بين الحضارات واحترام التنوع والانفتاح على الآخر. ويعكس التعاون والتفاهم العميق بين قيادتي البلدين، وتبادل الزيارات والتشاور المستمر فيما بينهما، يعكس قوة القواسم المشتركة إزاء التحديات الإقليمية والمتغيرات الدولية، ما يجعل التنسيق السعودي الإماراتي عنوان المرحلة الجديدة في العالم العربي. ثقل إقليمي ويتيح التعاون السعودي الإماراتي فرصاً كبيرة، واعدة ومثمرة، نظرا لما تمثله الدولتان من ثقل إقليمي، وما تمتلكان من تميز، كفيلان بإنجاح التعاون الثنائي بين الدولتين. في حين أن التنسيق والتكامل بين الدولتين يعد فرصة تاريخية وقفزة نوعية، للاستفادة من تجربة الإمارات الرائدة في مجال التحول الاقتصادي والسياحي، وعاملاً محفزاً لجذب الاستثمارات الأجنبية واستقطابها، وتعزيز الاستثمارات الداخلية وتنميتها. فضلاً عن إبراز الموروث الاجتماعي والثقافي والتاريخي المشترك بين الشعبين السعودي والإماراتي بشكل مناسب، وعرضه بصورة واضحة أمام شعوب العالم، ليعود بالنفع على الدولتين، وبالفوائد الملموسة سياسياً وإعلامياً واقتصادياً. وتشمل الاتفاقيات المجالات الإستراتيجية ومنها الصناعات والمشتريات العسكرية، والحوار السياسي الاستراتيجي، والشراكات الخارجية والسياحة والتراث الوطني، والتعليم والبحث العلمي، والشباب وريادة الأعمال، والتطوير الحكومي والخدمات الحكومية، والقطاع اللوجستي والبنية التحتية والجمارك، والسوق المشتركة والمالية والعقارات وقطاعات الحديد والألمنيوم وذلك بالتشارك مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى تعزيز منظومة البحث والتطوير لدعم الصناعات التحويلية والتي لاقت استحسانا وترحيباً كبيراً من الخبراء وصناع القرار. الخدمات الحكومية ويركز البلدان للتعاون في مجال أمن الإمدادات، بهدف بناء منظومة أمن الإمدادات في القطاعات الرئيسية في البلدين أثناء الأزمات والكوارث، والعمل على تحسين وتطوير سلاسل الإمدادات بما يحقق التعاون والتكامل بين البلدين في هذا المجال. إضافة التعاون في مجال التطوير الحكومي والخدمات الحكومية، والتي تهدف إلى تعزيز بناء علاقات شراكة وتكامل حكومية فعالة، تحقق الأهداف الإستراتيجية وتعمل على رفع كفاءة الخدمات الحكومية من خلال تحديد فرص التطوير للقوانين والإجراءات بين البلدين. فضلاً عن التعاون في شؤون الشباب، وذلك بهدف تمكين الشباب في كلا البلدين لمواجهة التحديات المستقبلية، ومن خلال المشاركة الفعالة في وضع خطط ومبادرات إنمائية واجتماعية، وتوفير برامج وخدمات لمساندة رواد الأعمال الشباب السعوديين والإماراتيين للعمل على إقامة المشاريع الخاصة بهم. كما تبرز اتفاقيات التعاون في القطاع اللوجستي والبنية التحتية، وذلك بهدف الاستفادة من تجربة الدولتين في مجالات إدارة مشاريع البنية التحتية، وتطوير الموانئ وتشغيلها، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجال الأبحاث واستشراف المستقبل ضمن قطاعات النقل البري والبحري والجوي. الإسكان ونالت قضية الإسكان اهتماما كبيراً بين الحكومتين وكان الاتفاق بهدف تحقيق الرؤية المشتركة في توفير مسكن لكل مواطن من خلال مبادرات ومشاريع حكومية، واستقطاب تقنيات البناء الحديثة وتشجيع تصنيعها محليا بالإضافة إلى وضع التشريعات والضمانات اللازمة وتحديثها لتحفيز جميع القطاعات المختصة بالشأن السكني. إضافة إلى تمكين القطاع المصرفي، وتبادل الخبرات في مجال التكنولوجيا المالية الحديثة وقطاع التأمين، وتبادل الخبرات بين البلدين للتعرف على الفرص والتحديات المرتبطة بها. الحوار السياسي الاستراتيجي وفي نفس المنحى ارتكزت الاتفاقيات بشأن تعزيز الحوار السياسي الاستراتيجي المشترك بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، وذلك بهدف تنسيق المواقف في المؤتمرات الدولية، وتعزيز التعاون الدبلوماسي بين البلدين، التفاهم في المجال الإعلامي بهدف تطوير القطاع الإعلامي في البلدين والكوادر العاملة فيه، والتعاون والتنسيق بين المؤسسات الإعلامية وتعزيز علاقاتها وتبادل الخبرات بمختلف المجالات الإعلامية، إضافة إلى تنظيم الفعاليات والأنشطة الإعلامية المشتركة. Your browser does not support the video tag.