تكريم المولى عز وجل للإنسان جاء بناءً على مجموع القدرات والإمكانات التي وهبها الله له ووضعها بداخله، وكان أحد أسباب خلق الله للإنسان بعد عبادته وإقامة شرائعه هو عمارة الأرض، والعمل على بناء الحضارات، وإظهار الإبداع الإنساني، والإنسان بما أودع الله فيه من تلك المواهب والقدرات قادر على تحقيق تلك العمارة بكل جوانبها وعناصرها سواء عمارة الأرض بالعمران أوعمارتها بالعلم والثقافة أو عمارة الحياة بالصناعة والمعرفة. مصطلح "ازدراء الذات" يستخدم في علم النفس، ويعنى به تقليل الإنسان من قدراته وإمكاناته مع النظر لنفسه دائماً بأنه أقل من غيره في كل الجوانب وأنه عاجز عن النجاح مثل الآخرين ويحاول أن يثبت لنفسه ذلك بالتفتيش والبحث عن المقارنات كما أنه ينظر إلى أن الآخرين لا يرونه شيئاً ويقللون من مكانته، وهو يقف في العكس تماماً من مصطلح "تقدير الذات" والذي يعني احترام الإنسان وتقديره لمزاياه ومواهبه وقدراته وشعوره بأنه قادر على النجاح كما أنه ينظر إلى أن الآخرين ينظرون إليه باحترام وتقدير. وعند المقارنة بين مصطلح "تقدير الذات وازدراء الذات" نجد لكل منهما نتائج وآثاراً، فمن نتائج وآثار تقدير الذات هو الانفتاح في العلاقات لأنه يشعر بالثقة والارتياح، ولديه إصرار على النجاح والمحاولة والتفاؤل، كما أنه يعالج الأمور بعيداً عن التوقعات السلبية بل يستعمل المنطق والعقل، ويرى أن المشكلات عبارة عن تحديات طبيعية يكيف نفسه سريعاً لمعالجتها، بينما في المقابل من لديه ازدراء لذاته يتردد في بناء العلاقات لأنه يتوقع الرفض من الآخرين، ويكبت أفكاره وآراءه خوفاً من عدم قبولها لأنه يعتقد أن نظرة الآخرين تجاهه سلبية، ويرى أن التحديات عوائق وهي عبارة عن حواجز ومؤشرات لمنعه من الإنجاز. تعليم الأطفال والشباب قوة تقدير الذات مهم جداً لأنه سيتيح أمامهم الفرصة والمهارة لعرض أفكارهم ومواهبهم ومبادراتهم ولا يشعرون بالازدراء تجاه أنفسهم أمام الآخرين، وحتى بعض الكبار قد يكون لديه مواهب وإمكانات وقدرات لكن أفكاره نحو نفسه تجعله دائماً يتوقع الرفض والفشل، ولذا يقال (الراضي بالدون ضعيف) ويقال أيضاً (من أهان نفسه فلا أكرم الله من أكرمه). قصة توضح أهمية النظر بإيجابية للذات، حيث يروي د. سعد الكريباني في كتابه "كيف أصبحوا عظماء؟" قصة لبطل العالم للملاكمة محمد علي كلاي بأنه كان في بداية حياته الرياضية يردد ويكرر مقولة "أنا الأعظم أنا الأعظم" وهو يوجه اللكمات أثناء التمرين. فمن هنا يمكن أن يقال ليس المهم كيف ينظر إليك الآخرون، ولكن المهم كيف تنظر إلى نفسك، والإنسان بالاختيار إما أن يستعمل كبسولة الفشل المتمثلة في ازدراء الذات أم كبسولة النجاح المتمثلة في تقدير الذات. Your browser does not support the video tag.