جبر الخواطر من الأخلاق الحميدة في ديننا الحنيف، فهو خلق طيب نبيل، حثت عليه الشريعة الإسلامية، وقد يرى البعض أنه عبادة من العبادات. فبمجرد إلقاء كلمة طيبة تضيف بها سرورا وفرحة على قلب شخص، أو أن تشارك شخصا آخر وقت فرحه، أو بمساعدتك الآخر سواء كان بإسداء معروف له أو تنقله من حالة حزن وانكسار إلى حالة فرح، فالسؤال عنه في حال همه وحزنه لوفاة قريب له، أو عيادته والاطمئنان عليه في مرضه ومراعاته ومراعاة ذويه، فجميعها ما هي إلا جبر للخواطر. أعظم جبر للخواطر يكون من خالقنا لنا، يليه جبر خواطر بعضنا بعضًا، فجابرو الخواطر منا ما هم إلا أناس ذوو نفوس طيبة، صادقة، صافية، نبيلة؛ نفوس تحب الآخرين وتتعامل معهم، كما تحب أن يعاملها الله. إن هناك صورا عديدة للجبر، فمن أعظمها كانت من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في عام الحزن، وكانت بمعجزة الإسراء والمعراج؛ وذلك للتخفيف عنه، وزيادة قوته وعزمه بعد وفاة عمه أبي طالب، والسيدة خديجة رضي الله عنها، وأذى قريش وبعض الناس له. صورة أخرى نجدها لأناس فقدوا أقارب لهم، أو لديهم مرضى عزيزون على قلوبهم، ففيهم من ألم وحزن ما فيهم، ومع ذلك تجدهم صابرين، راضين بقضاء الله وقدره، وراجينه أن يجبر خواطرهم. أيضاً نراها في أناس عند الذهاب إليهم أو السؤال عنهم وجبرهم في مرضهم وانكسارهم، نراهم رغم شدة الألم والتعب والإعياء يبدو رضاهم بقضاء الله ظاهرا، وما هو إلا نتاج قوة إيمانهم بالله وبقضائه وقدره، فهؤلاء المرضى وعلى الرغم من تعبهم وحزنهم على أنفسهم، فهم لا يرغبون في إحزان من حولهم لحالهم؛ حتى لا تتأثر نفوسهم. اللهم في هذا الشهر الكريم أجبر قلوباً قد كُسرت، والطف بها، ولا تُرِها فيما تُحِب أذى أو مكروهًا، اللهم أجبرها جبراً يتعجب منه أهل السماء والأرض، جبراً يليق بقدرتك وعظمتك وكرمك. Your browser does not support the video tag.