منجم بلجيكا لمواهب كرة القدم، هو أجمل وصف يمكن إطلاقه على منتخب بلجيكا في عام 2018، بعد أن حقق طفرة كروية عالية، قادته إلى أن يكون من أوائل المنتخبات الواصلة إلى نهائيات كأس العالم الصيف المقبل، حيث سيلعب المنتخب البلجيكي في المجموعة السابعة، وإلى جانبه كل من منتخبات بنما وتونس وإنجلترا، ويتسلح منتخب بلجيكا بعدد كبير من المواهب والنجوم المنتشرين في أعرق أندية أوروبا، وذلك بهدف البحث عن مشاركة مشرفة للكرة البلجيكية. بلجيكا، دولة أوروبية تقع في غرب القارة، وسميت بهذا الاسم عن طريق يوليوس قيصر وذلك في 57 قبل الميلاد، ويقصد بهذا الاسم الأقاليم الهولندية والفلمنكية معاً، وهما الاقليمان اللذان توحدا لاحقاً تحت اسم مملكة الأراضي المنخفضة، وهو المعنى الخاص باسم بروكسل عاصمة بلجيكا الحالية، حيث يقصد بمعناها المستنقع، وهو الأرض المنخفضة والممتلئة بالماء، باعتبار أن الأراضي البلجيكية منخفضة وفيها وفرة مياه، وهو ليس بجديد على الدولة التي تميزت من الناحية الطبيعية بشكل ملحوظ، حتى باتت وجهة يقصدها الكثير من السياح حول العالم، وذلك للتمتع بطبيعتها وجمالها. بداية كرة القدم جاءت بداية كرة القدم في بلجيكا مبكراً، حيث حمل طالب آيرلندي بين أمتعته الشخصية كرة جلدية، أثناء توجهه إلى بروكسل للدراسة في إحدى الجامعات البلجيكية، ولم تكن هذه اللعبة قد اشتهرت كثيراً في القارة الأوروبية، لذلك كان تأريخ بدء ممارستها مبكراً، حيث لعبت في بلجيكا عام 1863م، وإن لم تكن لعبت على الصعيد الرسمي وفي ملاعب مجهزة، وبوجود أندية معتمدة، إلا أنها أصبحت تنتشر في الملاعب الترابية داخل بلجيكا، وترتفع أسهمها لدى الشعب المنجذب إلى لعبة الركبي، والتي تعتبر واحدة من أشهر الرياضات في بلجيكا، حيث ظلت لسنوات طويلة مسيطرة على المشهد، ولم تستطع كرة القدم منافستها ولا الاقتراب منها، وانتظر لسنوات حتى ارتفعت أسهم كرة القدم، وبات شعب بلجيكا يهتم بهذه اللعبة الوافدة حديثاً على بلجيكا. منتخب بلجيكي تشكل منتخب بلجيكا متأخراً عن تاريخ بدء كرة القدم فيها، حيث كان عام 1904م هو العام الذي لعب فيه منتخب بلجيكا أول مبارياته الودية، وهو العام ذاته الذي انتسب من خلاله منتخب بلجيكا إلى عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، حيث خاض المنتخب البلجيكي مباراته أمام منتخب فرنسا، وانتهت المباراة بين المنتخبين بالتعادل 3/3، وكان الاتحاد البلجيكي لكرة القدم قد تأسس في عام 1895م، واتخذ موقعه في العاصمة البلجيكية وكان اإدوارد دي لافليي هو أول رؤساء الاتحاد البلجيكي، واستمر رئيساً له لمدة طويلة بلغت نحو 30 عاماً، وهو أحد أطول الرؤساء الذين تسلموا رئاسة الاتحاد البلجيكي، وساهم في فترة رئاسته الطويل لإنشاء المنتخب الوطني، وتعميده بشكل رسمي لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، وإنشاء الدوري المحلي وتطوير الأندية البلجيكية، والارتقاء بمستوى كرة القدم داخل البلاد. الدوري والأندية ابتدأت الأندية البلجيكية تتشكل في إطار كرة القدم، وأصبحت ولادة الأندية منتظرة بشكل دائم، ففي عام 1891م تأسس فريق كلوب بروج وذلك على يد عدد من الطلاب في المدرسة الكاثوليكية، وكان من أوائل الأندية التي ابتدأت كرة القدم تلعب فيها، وهو ثاني أكثر أندية بلجيكا تتويجاً بلقب الدوري المحلي، وأحد الأندية الجماهيرية التي تحظى بشعبية كبيرة في مدرجات ملاعب كرة القدم في بلجيكا، ويعتبر فريق ستاندر دو لياج كذلك من أوائل الأندية التي تأسست عليها كرة القدم البلجيكية، حيث تشكل في عام 1898م واتخذ موقعه داخل حي سكلين في مدينة لييج، ويمتلك في رصيده عشرة ألقاب للدوري المحلي، ومن أوائل الأندية التي أنشئت في كرة القدم البلجيكية، جاء فريق أندرلخت العريق، والذي تأسس في عام 1908م واتخذ العاصمة بروكسل موقعاً له، ويعتلي أندرلخت صدارة الفرق البلجيكية بعدد مرات الفوز بلقب بطولة الدوري، حيث توج نفسه بلقب الدوري المحلي 34 مرة، كان آخرها قبل موسمين. إطلالة أولى بعد أن استجمعت كرة القدم البلجيكية قواها، شاركت في أول بطولة عالمية، وكانت دورة الألعاب الأولمبية عام 1920م، والتي احتضنتها بلجيكا، وسجل منتخبها الكروي ظهوره الأول في البطولات العالمية، واستطاع أن يحقق الميدالية الذهبية، مسجلاً بهذا أول إنجازات كرة القدم في بلجيكا، وفي كؤوس العالم كان أول ظهور لمنتخب بلجيكا في النسخة الأولى، التي استضافتها الأوروغواي عام 1930م، لكن البعثة التي غادرت من مطار بروكسل إلى مطار مونتفيدو عادت بخيبة أمل، حيث فشل منتخب بلجيكا من تحقيق أي انتصار له في المباريات التي لعبها، ليكون من أوائل المنتخبات التي تغادر كأس العالم، فقد خسر المنتخب مباراته أمام المنتخب الأميركي 3/0 ، ثم خسر أمام منتخب الباراغواي 1/0. استمرارية ضعيفة أكمل منتخب بلجيكا حضوره وتواجده في نهائيات كأس العالم، لكن هذا الحضور كان ضعيفاً إلى حد كبير، حيث فشل منتخب بلجيكا في ظهوره الثاني بكأس العالم عام 1934م من تجاوز الدور الأول، فقد غادره بعد الخسارة أمام منتخب ألمانيا 5/2، في البطولة التي لعبت بنظام خروج المغلوب، وفي كأس العالم 1938م كرر سيناريو الفشل مجدداً حيث غادر من الدور الأول على يد منتخب فرنسا 3/1 ، وبعد أن استعادت منافسات كأس العالم عافيتها، على خلفية انقضاء الحرب العالمية الثانية، عاد منتخب بلجيكا للمشاركة في نسخة عام 1954م، يحمل آمالاً كبيرة في تحقيق انتصاره الأول بكؤوس العالم، وهو الأمر الذي لم يحدث بعد أن تعادل أمام إنجلترا 4/4، وخسر على يد منتخب إيطاليا 4/1، وغاب منتخب بلجيكا بعد ذلك عن الظهور في كؤوس العالم، حتى نهائيات عام 1970م بالمكسيك، والتي شهدت تحقيق منتخب بلجيكا أول فوز له في مسابقات كؤوس العالم، حيث انتصر على نظيره منتخب السلفادور 3/0، وهو الانتصار الذي لم يكن له معنى إلا أنه أول انتصارات بلجيكا في كأس العالم، فقد غادر المنتخب كذلك من الدور الأول بعد خسارته أمام منتخب الاتحاد السوفيتي والمكسيك. حضور مميز بعد غياب 12 عاماً عن التواجد في نهائيات كأس العالم، جاء اسم المنتخب البلجيكي من ضمن أسماء المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم 1982م، ووجد نفسه في مجموعة واحدة مع الأرجنتين والمجر والسلفادور، وكانت مباراته الافتتاحية أمام رفاق دييغو آرماندو مارادونا هي التي منحت لاعبي بلجيكا دفعة معنوية، بعد أن نجحوا من هزيمة المنتخب الأرجنتيني بنتيجة 1/0 ، لتتأهل بلجيكا بصدارة مجموعتها للدور الثاني، وفي هذا الدور توقفت مسيرة بلجيكا، بعد أن خسرت مباراتيها أمام بولندا والاتحاد السوفيتي، وهو الأمر الذي لم يتكرر في نهائيات كأس العالم 1986م بالمكسيك، حيث قدم لاعبو منتخب بلجيكا واحدة من أفضل المشاركات التاريخية بمسيرتهم، وبالرغم من تأهل بلجيكا كأفضل مركز ثالث من دور المجموعات، إلا أنه نجح في إقصاء الاتحاد السوفيتي من دور ال16 ، ثم تغلب على المنتخب الإسباني بفضل ركلات الترجيح، وطار إلى نصف نهائي البطولة لمواجهة المنتخب الأرجنتيني، وبفضل هدفي نجم التانغو مارادونا، غادر منتخب بلجيكا البطولة بالمقعد الرابع. نهضة كروية ودع منتخب بلجيكا منافسات كأس العالم عام 1998م من دور المجموعات، ثم تكرر السيناريو ذاته في بطولة أمم أوروبا عام 2000م ، وفي نهائيات كاس العالم 2002 حاول منتخب بلجيكا أن يقدم مستويات مميزة إلا أنه غادر من الدور الثاني، وظل غائباً عن التواجد في البطولات العالمية، لذلك كان لازماً أن يبحث الاتحاد البلجيكي أو أحد منسوبيه عن خطة نجاح لانتشال كرة القدم البلجيكية من مستواها المتواضع، ويقودها إلى مستويات متقدمة، وهو ما حدث من ميشيل سابلون المدير الفني للمنتخب البلجيكي في عام 2002، والذي أعلن أن بناء جيل كروي يحتاج إلى إنشاء أكاديميات كروية، تهتم بتقوية وصقل مواهب اللاعبين الصغار، كما طالب أن تركز هذه الأكاديميات على طريقة اللعب الشهيرة في أكاديمية برشلونة الإسباني وهي 4/3/3، وابتدأ كرة القدم في بلجيكا تعمل على صقل مواهب الصغار من خلال الأكاديميات الرياضية، بعيداً عن وجود أي أثر لهذه الخطوات على نتائج المنتخب البلجيكي آنذاك. ثورة بلجيكية العمل الدؤوب والمركز الذي كان يجري في الأكاديميات البلجيكية، لم يثمر عن تحقيق بلجيكا للقب كأس العالم 2006، أو يجعلها من ضمن أبطال كأس أمم أوروبا، لكنه بحلول عام 2008 تقريباً تسبب في تفجّر عدد كبير من المواهب الشابة البلجيكية في دوريات العالم، فقد برزت نجومية لاعب الوسط ايدين هازارد، وأصبح الشاب دي بروين مطلب الكثير من كبار الأندية الأوروبية، وتحول الشاب ذو الطول الفارع كورتوا إلى هدف تتنافس عليه أعرق أندية أوروبا، وبات الهداف روميرو لوكاكو محل نزاع في سوق الانتقالات الأوروبية، وبفضل هذه الكوكبة من الأسماء الشابة، التي تشكلت في جيل واحد للكرة البلجيكية، تقدم منتخب بلجيكا في تحقيق النتائج بمشاركاته الدولية، ففي نهائيات كأس العالم 2014 وصل المنتخب البلجيكي إلى ربع النهائي، بالرغم من أنها أول مشاركة للمنتخب البلجيكي منذ نهائيات كأس العالم الآسيوي 2002، وكذلك في كأس أمم أوروبا 2016 توقفت مشاركة بلجيكا في دور ربع النهائي. البحث عن إنجاز يبحث منتخب بلجيكا تحت قيادة المدير الفني روبيرتو مارتينيز، إلى تحقيق إنجاز جديد للكرة البلجيكية في نهائيات روسيا المقبلة، في ظل امتلاك الكرة البلجيكية لجيل ذهبي، وأسماء لامعة تشكل قوة فنية لأي فريق تدافع عن ألوانه، وانعكست هذه القوة الفنية على مسيرة المنتخب البلجيكي في التصفيات، حيث كان هو من أوائل منتخبات أوروبا وصولاً للمونديال، بعد أن حقق تسع انتصارات متتالية، كسر بها أكبر عدد أهداف مسجل في التصفيات بلغ 43 هدفاً، ورغم أن كثرة الأسماء اللامعة في المنتخب الواحد، هي أمنية الكثير من المدربين قبل خوض أي بطولة عالمية، إلا أن هذه الميزة التي يتمتع بها منتخب بلجيكا، لا تبدو محببة إلى مدرب المنتخب مارتينيز، والذي واجه الكثير من المتاعب حتى استقر على إعلان القائمة الأولية التي ستغادر نحو موسكو بعد أقل من شهر، حيث اضطر بسبب وفرة النجوم إلى استبعاد بعض الأسماء المميزة، وعلى رأسهم نجم وسط روما راجا ناينغولان والذي وصف قرار استبعاد من القائمة بالصدمة، بعد أن قدم موسماً كبيراً مع فريقه روما، وصل خلاله إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وبسبب هذا القرار المفاجئ أعلن ناينغولان اعتزاله اللعب دولياً، وبرر مارتينيز قراره بأنها خيارات فنية وقال:" ناينغولان لا يدخل ضمن الرسومات التكتيكية الحالية للمنتخب، لا شك أنها خيارات فنية"، ويتعين على مارتينيز أن يحسن قيادته لمنتخب بلجيكا في ملاعب روسيا، باعتباره يتولى تدريب واحد من أفضل الأجيال الكروية في تاريخ بلجيكا ويتوجب عليهم تحقيق إنجاز فريد للكرة البلجيكية. لوكاكو يقود هجوم بلجيكا ناينغولان أبرز الغائبين عن مونديال روسيا هازارد قائد الجيل البلجيكي الجديد منتخب بلجيكا هل يصنع إنجازاً جديداً؟ Your browser does not support the video tag.