دشّن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي مؤخرا مجلس إثراء الثقافي الأول، والذي يُعد باكورة نشاط المركز الثقافي لهذا العام، حيث أقيمت ندوة بعنوان: «ما النص بعيداً عن لغته؟»، وشارك فيها كل من: أستاذ آداب اللغة الإنجليزية الدكتور سعد البازعي، والمترجمان حمد الشمري، وعبدالوهاب أبو زيد، وكانت الندوة بإدارة الكاتب راضي النماصي. وقال المترجم عبدالوهاب أبو زيد: إن هناك الكثير ممن يدعون إلى الترجمة الحرفية باعتبار مراعاة الدقة وأمانة النص، وكذلك يوجد من ينادي بالترجمة الإبداعية خصوصًا في النصوص الأدبية، وأضاف أبو زيد قائلا: أميل إلى هذا النوع لأنه يجب أن تكون الترجمة على درجة موازية من النص المترجم، وهذا يعتمد على نوع النص المترجم، ففي النصوص المباشرة تكون الترجمة الحرفية، ولكن في النصوص الشعرية والأدبية تكون الترجمة الإبداعية هي الأفضل، وكل ما ابتعدت عن الترجمة الحرفية تكون قد اقتربت من روح النص أكثر. وأضاف: أعتقد أن ترجمة الآخر لنا تعتمد على مدى حاجته لقراءة ما ننتجه من أدب، وإذا لم تكن هذه الرغبة موجودة فلن تتم ترجمة الآخر لإنتاجنا، ويلاحظ وجود عزوف في الغرب عن ترجمة الأدب العربي، حتى مع الأسماء الأدبية الكبيرة الحاصلة على جوائز كبرى. وقد عبّر عبدالوهاب أبوزيد عن إعجابه الشديد بأجمل ترجمات الروائي دوستوفيسكي وأنها كانت منقولة عن الفرنسية وليس عن الروسية، في إشارة إلى أن الترجمة عن لغة وسيطة ليست دائماً سيئة، فالأهم هو توفير لغة آمنة. وذكر المترجم حمد الشمري في مسألة الأهلية أو ما يسمى جودة الترجمة بأنه لا بد أن يُنظر للترجمة من جانب إدارة المخاطر وذلك لوجود إشكاليات كثيرة من ناحية الجودة يصعب التحكم فيها حتى لو تدخلت المؤسسات. وروى المترجم الشمري تجربته العصيبة في ترجمة نص إذاعي لا يزيد طوله على خمس صفحات كان قد استمع إليه في الإذاعة بعنوان «على بساط الشعر» للكاتبة الأسترالية إليسا بايبر، وقال كلما زادت الدهشة التي يحدثها فيك النص كلما صعبت ترجمته، الأمر الذي تطلب منه قضاء خمسة أعوام في محاولة لترجمة هذا النص البديع إلى العربية. وقال الدكتور سعد البازعي: يفتقر العالم العربي إلى المراجعات الجيدة التي تضيء للقارئ الطريق لاختيار الكتب، وأضاف: أن هناك إشكاليات كبرى في ترجمة الأدب العربي للغات الأخرى، ومن الصعب وضع تصور سهل لها وكيفية معالجتها، وينبغي أن نترجم أعمالًا نعتقد أنها مقبولة لدى الآخر، كذلك يحب أن يؤخذ الجانب التسويقي والإعلامي بعين الاعتبار وهو الذي يمكن أن يوصل هذه الأعمال ويجعلها مقبولة للقراء في اللغات الأخرى، وهذه ماكينة ضخمة لايزال العالم العربي لا يمتلكها، وتشير الدراسات إلى أن ما تتم ترجمته من اللغة الإنجليزية على مستوى العالم يقدّر ب 40 %، بينما ما يتم ترجمته من اللغة العربية يقدّر ب 1 %، ومعالجة هذا الخلل تحتاج إلى نشاط ثقافي هائل. Your browser does not support the video tag.