يشير الأمير سلطان إلى «الفرص الضائعة» ويقول إنه كان يتمنى أن يرى هذا المشروع قبل عشرين عاماً، فمنذ تلك الفترة وحتى اليوم بنيت عشرات الألوف من المساجد وكان يمكن أن تكون هذه المساجد صديقة للإنسان وللبيئة، ويؤكد على أهمية عدم تضييع مزيد من الفرص خصوصاً في الجانب الاقتصادي لأنها تؤثر على المستقبل. قبل أيام وبالتحديد يوم الاثنين الفائت (5 رمضان) وقعت وزارة الشؤون الإسلامية وجائزة عبداللطيف الفوزان اتفاقية مشروع «كود بناء المساجد» برعاية كريمة من الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس أمناء جائزة الفوزان. هذه الاتفاقية لها جذور بعيدة جداً فالأمير سلطان له اهتمامات قديمة بوضع معايير للمساجد بدأت عام 1417ه تضمنتها مخاطباته لوزير الشؤون الإسلامية آنذاك الدكتور عبدالله التركي والتي وضح فيها أهمية إعادة التفكير في عمارة المساجد والبدء في وضع معايير ترفع من جودة هذا المبنى الرمزي وتقلل من الهدر في مساحاته وفي الطاقة والمياه التي يحتاجها المسجد. تلك اللفتة المبكرة لم تتوقف عند تلك المخاطبات بل ظل الأمير يحلم بأن تتحول الأفكار إلى واقع وها نحن اليوم بعد مرور عقدين من الزمن نبدأ برؤية الحلم يتحقق. يشير الأمير سلطان إلى «الفرص الضائعة» ويقول إنه كان يتمنى أن يرى هذا المشروع قبل عشرين عاماً، فمنذ تلك الفترة وحتى اليوم بنيت عشرات الألوف من المساجد وكان يمكن أن تكون هذه المساجد صديقة للإنسان وللبيئة، ويؤكد على أهمية عدم تضييع مزيد من الفرص خصوصاً في الجانب الاقتصادي لأنها تؤثر على المستقبل. ويمكن أن نتوقف عند نقاط مهمة يثيرها هذا التوجه، فلدينا الآن أكثر من مئة ألف مسجد موزعة على كافة مدن وقرى المملكة، تستهلك من الطاقة والمياه ما يعلمه إلا الله (لأنه لا أحد يريد أن يعلن ما تستهلكه المساجد من كهرباء ومياه)، وكثير من هذه المساجد مبالغ في مساحتها لأننا لو افترضنا أن عدد السكان 33 مليون نصفهم نساء وأطفال (وسأفترض هنا أن النصف المتبقي جميعهم ممن توجب عليهم الصلاة) فستكون السعة المطلوبة لكل مسجد لا تزيد على 170 مصلياً أي أن مساحة المسجد الافتراضية يجب أن لا تزيد عن 250 متراً مربعاً (مع المرافق) لو أحسنا التوزيع المكاني للمساجد. ببساطة «كود بناء المساجد» سوف يعمل على «ترشيد» عمارة المساجد وتقنينها وتطويرها وربطها بالتخطيط العمراني الشامل على مستوى المدينة ككل وليس على مستوى الاحياء فقط. عندما تم طرح فكرة عمل «كود» بناء للمساجد تسائل البعض عن أهمية هذا الكود وكيف سيكون مختلفاً عن «كود البناء السعودي». في البداية يجب أن نوضح أن كود المساجد لا يخرج عن نظام كود البناء السعودي وعن تشريعاته وتنظيماته لكنه سيفصل في الجوانب الخاصة بعمارة المساجد على المستوى التخطيطي والمعماري والتقني. الهدف باختصار أن يكون المسجد صديقاً للمحيط السكاني تخطيطياً وجمالياً ويكون كذلك صديقاً للبيئة تقنياً. هذه المعادلة لا يمكن أن تتحقق دون عمل حقيقي على مستوى التشريع والتنظيم وعلى مستوى تطوير المواصفات والالتزام بها. كما أن الكود يهدف إلى وضع تصور واضح لما يعني «مسجل المستقبل»، فهل نحن نريد أن نبني مساجد كبيرة وواسعة دون الحاجة إلى ذلك أم نتجه إلى بناء مساجد ذات كفاءة عالية وتكاليف تشغيل مناسبة واقتصادية؟ هذه الأسئلة وضعتها جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد في اعتبارها منذ البداية، لذلك عملت مع وزارة الشؤون الإسلامية بشكل مباشر كي يكون هناك حراك تنظيمي لبناء وعي اجتماعي ومهني يجمع المتبرع بالمصمم وبمستخدم المسجد لخلق نموذج للمسجد المرن والبسيط وذي الكفاءة الوظيفية والتقنية، وهذا لن يحدث دون وضع كود ملزم يكون تفصيلاً لكود البناء العام ويتم تطبيقه من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والجهات الحكومية المهنية ويتبناه المصممون بشكل دقيق. هذه النقلة النوعية سوف تتواءم مع رؤية المملكة 2030 وسوف تدعم برنامج التحول الوطني كما أنها ستصنع وعياً ثقافياً جديداً لعمارة المساجد يجعلها كما قال الأمير سلطان «أهم وأنظف وأكفأ من بيوتنا». Your browser does not support the video tag.