كُنت في الولاياتالمتحدة الأميركية أثناء دراستي الجامعية العليا عندما سألت زميلي الياباني عن، ماذا يعرف عن السعودية؟ وأجابني بأنها دولة صحراوية شعبها يستخدم الخيول في تنقلاتهم لأعمالهم! قد يكون هناك قصور ثقافي عند صاحبي الياباني في الإطلاع على الثقافات والدول وأخبارها ولكن لابد ألا ننتظر أن يبدأ الناس بالبحث عنا، بل نحن من يصل إليهم ونعرفهم بمن نحنُ. لا شك أن تفعيل الاتصال الثقافي المتمثل بمظاهر التبادل الفكري والمعلوماتي واللغوي والاقتصادي يلعب دوراً مهماً وحراكاً تنويرياً في تعريف البشر ببعضهم وباختلافاتهم الطبيعية. ونرى ما تفعله دولة مثل بريطانيا من فتح مكاتب ثقافية لها تجاوزت المئة مكتب حول العالم لتعريف الشعوب عن الثقافة البريطانية ولغتها وإلى أي مدى وصلت من الرقي والتحضر. ومثل بريطانيا العديد من الدول التي تهتم بهذا الجانب وتستفيد من المناسبات العالمية التي تقام في دول أجنبية وذلك بعمل لقاءات ثقافية وتعريفية عن بلدانها. قريباً سيكون هناك تظاهرة عالمية سيتابعها ويشاهدها نسبة كبيرة من سكان العالم. هذه التظاهرة هي كأس العالم 2018م، والتي ستقام في روسيا، هذا الحدث الكبير سيصاحبه العديد من الفعاليات الثقافية التي تتعدى رياضة كرة القدم للدول المشاركة في كأس العالم، وكذلك الدول التي لها سفارات ومكاتب في موسكو. السؤال المهم هو، ماذا سنقدم كسعوديين في هذا المحفل الكبير؟!! أجزم أن المؤسسات الحكومية المعنية بالمشاركة في مثل هذه الأحداث والفعاليات تعد عدتها للمشاركة الثقافية. ولكننا نتساءل عن نوعية المشاركة. لابد من مشاركة فاعلة وعالمية ترتقي لمستوى الحدث ولحجم السعودية التي لها أدوار مؤثرة في مجالات متنوعة في الاقتصاد والجوانب الاجتماعية والإنسانية والتي هي جديرة أن يتم التعريف بها بالإضافة للموروث الثقافي السعودي الغني بتنوعه وتميزه والتي تستحق أن يتم إبرازها في هذه التظاهرة العالمية الكبيرة والتي هي وجه من أوجه الاتصال الثقافي. إن الاتصال الثقافي يتسبب في كشف وإبراز عناصر القوة الكامنة لأي ثقافة أو مجتمع أو دولة، إبراز تلك العناصر الجذابة يسهم في تشكيل وتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية لأي بلد مما قد يكون سبباً ومفتاحاً لتطور أي بلد في جوانب الاقتصاد والمجتمع والتعليم والصحة وحتى الترفيه والرياضة والسياحة والمجالات المهمة الأخرى. بالتأكيد إن مشاركة المنتخب السعودي في كأس العالم في دولة روسيا والتي تعتبر من أهم الدول في العالم، إنما هي مشاركة مهمة على الصعيد الرياضي على وجه الخصوص والثقافي على العموم. ونرجوا أن تكون المشاركة فاعلة ومؤثرة بما يتواكب مع تطلعات القيادة ورؤيتها والتي تسعى أن تبرز مكانة المملكة كبلد مؤثر يخدم الإنسان على مختلف الأصعدة. ختاماً، يجب أن نؤمن بأننا نملك ثقافة هائلة ومميزة تلقى دائماً إعجاب من يطلع عليها، ويجب أن نطورها ونبرزها ونستخدمها في جوانب حياتنا المختلفة. وكما قال الروائي البرتغالي أفونسو كروش «الثقافة لا تستهلك، فكلما استخدمتها زادت أملاكك». Your browser does not support the video tag.