«النفط» هو ما تسمع به إيران ولا تعيشه خيراً عميماً في البلاد، بل اصطلت به كأكبر عاملٍ تسببّ في انقلابات الحكومات منذ تدفقه هناك عام 1911، وما تنتظره اليوم على غير موعد هي أقسى عقوبات اقتصادية تمرّ عليها مما سيكون له الأثر البالغ والسلبي على الاقتصاد الإيراني ككل. وأوضح خبراء اقتصاد أن الإيرانيين لم يكن أمامهم سوى ابتلاع تهديداتهم السابقة للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، ترافقها دعوات للأوروبيين بعدم الانسحاب والإبقاء على العلاقات الاقتصادية قائمة. في ذات الشأن قال المستشار المالي والمصرفي فضل البوعينين أكد موقف الولاياتالمتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الإيراني حجم انسجامها التام في الرؤى والتطلعات مع المملكة في قضايا الشرق الأوسط، فما برر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسباب الانسحاب سبق أن نادت به المملكة ووضعته أمام المجتمع الدولي؛ لما له من مخاطر عميقة على الأمن الدولي، فالحكومة الإيرانية لم تسعَ إطلاقاً لاستثمار مواردها في تحقيق تطلعات الشعب الإيراني، وإنما في بث الشر والإرهاب وتصديره إلى خارجها. وتابع البوعينين بقوله كان للمملكة ولا زال حضوراً قوياً على المستوى الدولي انعكس على عملية إعادة ترتيب الأولويات في منطقة الشرق الأوسط إما بدحر داعمي الإرهاب ومموليه أو نصرة الشعوب المستضعفة المغلوب على أمرها، وهذه نقطة قوة للدبلوماسية السعودية التي نجحت بامتياز في خلط أوراق داعمي الإرهاب بالمنطقة وإعادتهم لنقطة البداية ومنهم دولة قطر التي لم تستطع قراءة المستجدات الدولية، أما فيما يخصّ العقوبات الاقتصادية على إيران فأعتقد أنه سيتم فرض عقوبات أكثر شدّة وصرامة عن سابقتها مما سيؤثر بشكل حاد على الاقتصاد الإيراني. بدوره قال المستشار والكاتب الاقتصادي المهندس عماد الرمّال، ابتلع المسؤولون الإيرانيون وعلى رأسهم خامنئي والرئيس الإيراني روحاني تهديداتهم السابقة بالانسحاب من الاتفاق النووي وبدء تخصيب اليورانيوم في حالة الانسحاب الأميركي من الاتفاق، وبدأت دعواتهم البائسة تجاه أوروبا بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي واستمرار العلاقات الاقتصادية معهم هو ردهم الوحيد بعدما مزق الرئيس الأميركي الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية هي الأقسى على النظام الإيراني، لذلك وجد الإيرانيون أنفسهم في وسط كماشة العقوبات الأميركية واستمرار العلاقات مع الاتحاد الأوربي مما يضمن أن تتجرع إيران مرارة العقوبات الأميركية وبنفس الوقت تفقد قدرتها على الإقدام على أي عمل انتحاري في المنطقة يفقدها علاقاتها الأوربية، فالنظام الإيراني اليوم يواجه أكبر مخاوفه وهو الشعب الذي يعاني من نكسات اقتصادية على الرغم من ارتفاع الناتج الإيراني الذي يصل إلى 425 ملياراً، ولكن لا يوجد له انعكاس على الفرد الإيراني الذي يعاني من ارتفاع نسبة البطالة وغياب مشروعات الخدمات الأساسية، فالعملة الإيرانية واصلت هبوطها الحر لتصل الى 8500 تومان مقابل الدولار بعد إعلان الانسحاب الأميركي مما يعكس حالة عدم الثقة في الاقتصاد الإيراني، وانعدام الثقة يكفي لإسقاط أي حكومة في إيران مهما كانت تملك من قوة عسكرية واحتياطات بنكية التاريخ أثبت أنه منذ تدفق النفط في إيران عام 1911م حصلت خمس انقلابات في الحكم كان العامل الرئيس فيها هو النفط الذي أفقد الشعب ثقته في الحكومات وأسقطها بأسرع ما كان متوقعاً فمع ظهور النفط عام 1911 انتهت الدولة القاجارية، وظهر رضا شاه الذي استلم الحكم عام 1925، وبسبب خوف الحلفاء البريطاني والسوفيتي من تعاطف رضا بهلوي مع النازية وفقدانهم النفط الإيراني تم عزل رضا بهلوي وتعيين ابنه محمد رضا شاه من خلال اجتياح عسكري للأراضي الإيرانية. وأوضح المهندس الرمّال، أن النفط الإيراني هو الشعار الذي مكن مصدقي من الانقلاب على محمد رضا شاه، في عام 1950 تحت عنوان تأميم النفط الإيراني لفترة قصيرة ومن ثم عودة محمد رضا شاه للحكم عام 1963، وكان عام 1976 بداية سقوط محمد رضا شاه بعد ظهور أطماعه في منطقة الخليج، ودخوله في مواجهة مع حلفائه الغربيين عندما أصر على رفع أسعار النفط لإكمال مشاريعه التي وعد فيها الشعب الإيراني فكانت نهايته في عام 1979، مع انهيار أسعار النفط وعدم قدرته على الوفاء بالتزاماته السابقة، وبعد مرور 40 عاماً على هبوط الخميني بطائرة فرنسية وحماية أميركية مطار طهران وهي نفس الفترة التي قضاها محمد رضا شاه في حكم إيران فإن العقوبات الأميركية الحالية على النفط الإيراني سوف تسجل تاريخاً جديداً في إيران. م. عماد الرمال فضل البوعينين Your browser does not support the video tag.