رحب قطاع الأعمال السعودي ممثلاً في مجلس الغرف السعودية بقرار اللجنة الوزارية المشكَّلة من وزراء الصناعة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فرض رسوم وقائية نهائية ضد الزيادة في واردات دول المجلس من مسطحات الحديد الملونة، وذلك لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من 15 مايو 2018م، مؤكداً أنه يمثل خطوة مهمة وانتصاراً وإنجازاً للصناعة الخليجية، حيث يوفر لها التدابير الوقائية والحمائية اللازمة من الممارسات الضارة في التجارة الدولية. ويأتي هذا القرار في أعقاب الشكوى التى تقدمت بها الشركة العالمية لطلاء المعادن - يونيكويل السعودية في مارس 2016م، للجنة الدائمة لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي انتهت بإصدار سلطة التحقيق تقريراً نهائياً في أبريل 2017م، أكد على أن الصناعة الخليجية قد عانت من وجود الضرر الجسيم بسبب الانخفاض الكبير في المبيعات وفي حصتها السوقية، وتدهور كافة المؤشرات الاقتصادية للصناعة، وتفاقم أزماتها المالية، جراء الزيادة الحديثة والمفاجئة والحادة والكبيرة في حجم الواردات من منتج مسطحات الحديد الملونة. وفي هذا السياق أشاد رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي بالقرار واعتبره إنجازاً يستحق الثناء والتقدير، داعياً أن يكون القرار مؤشر قياس يحتذى به من قبل صناعات أخرى هي بأمس الحاجة للحماية من المنافسة غير العادلة، مثل صناعات حديد أخرى، وصناعة الورق والسيراميك والدجاج والأسماك، إضافة إلى العديد من الصناعات الوطنية الخليجية الأخرى. وقال الراجحي إن التدابير الوقائية لا تهدف إلى منع الواردات بقدر ما تهدف إلى تنظيمها بالشكل الذي يحقق عدالة المنافسة وفق تشريعات التجارة الدولية. مؤكداً أن دول الخليج من خلال هذه الإجراءات الحمائية ستواكب المتغيرات العالمية، وتمكّنها من الانتقال من حالة المتأثّر إلى حالة المؤثّر في الأحداث العالمية، حالها حال العديد من الدول التي اتخذت إجراءات وقائية لحماية صناعاتها ومنتجاتها الوطنية، ليس أولها قرار الرئيس الأمريكي ترمب بفرض رسوم وقائية على الواردات الأمريكية من منتجات الحديد والألمنيوم، وليس آخرها قيام الاتحاد الأوروبي بفتح تحقيق للوقاية من واردات الحديد أواخر شهر مارس 2018 الماضي، وكذلك إعلان تركيا فتح تحقيق وقاية من واردات الحديد والصلب، وذلك تمهيداً لفرض رسوم وقائية لحماية صناعاتهم الوطنية. فيما شدد أمين عام مجلس الغرف السعودية الدكتور سعود بن عبد العزيز المشاري على ضرورة أن تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي والصناعات الوطنية الخليجية والسعودية خاصة من الحقوق القانونية التي كفلها لها نظام مكافحة الإغراق المقر من قبل منظمة التجارة العالمية والذي يسمح بفرض رسوم الإغراق والوقاية ضد الواردات الأجنبية التي تتسبب في ضرر للصناعات الوطنية، مؤكداً أن استخدام هذه الحقوق القانونية بالصورة المثلى من شأنه أن يوفر الحماية اللازمة للصناعة الوطنية ويقيها من الممارسات الضارة في التجارة الدولية، لافتاً إلى الجهود التي يبذلها مجلس الغرف السعودية في حماية الصناعات السعودية وتوجهاته في الفترة المقبلة نحو تأييد وتعضييد الدعاوى التي قد ترفعها الشركات السعودية ضد واردات أجنبية وذلك بكافة السبل القانونية ووسائل الاثبات والدعم الفني الذي يمكن في الأخير من كسب هذه الشكاوى والحفاظ على مصالح الصناعة الوطنية. من جانبه قال رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الحديد بمجلس الغرف السعودية والرئيس التنفيذي لشركة يونيكويل صاحبة الشكوى المهندس رائد بن عبدالله العجاجي، أن قرار فرض رسوم وقائية على واردات مسطحات الحديد الملونة من شأنه أن يعزز تكيف أوضاع الصناعة الوطنية الخليجية بما يضمن استمرار مساهمتها في التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال المحافظة على معدلات العمالة المحلية وزيادتها، وزيادة فرص الاستثمار وخلق فرص وظيفية جديدة، وزيادة معدلات الإنتاج الوطني، فضلاً عن حماية الاستثمارات المحلية وإتاحة الفرصة لنمو الصناعة الوطنية وتطورها. وأضاف أن القضية والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى الخليج، اكتنفتها بعض التعقيدات والتأخير، سيما وأن قرار تطبيق الرسوم الوقائية جاء متأخراً سنة كاملة بعد صدور التقرير النهائي والتوصية من قبل سلطة التحقيق، الأمر الذي أضر بالصناعات الوطنية الخليجية التي كانت تُراهن على سرعة التطبيق لمواجهة الآثار السلبية للزيادة غير المبررة في الواردات معرباً عن أمله في أن تتخذ دول الخليج موقفاً موحداً إزاء القضايا التي تشكل تهديداً لصناعاتها التي تمثل عصباً أساسياً لنموها وتطورها وبناء اقتصادياتها الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل غير النفطية، خاصة وأن القانون الخليجي الموحَد يستند إلى وحدة الحال والمصير الخليجي المشترك، مما يجعل الدول الأعضاء مطالبة بوحدة الصف والإجماع، والحرص على التحرك بالسرعة اللازمة التي تتناسب وحجم مخاطر الممارسات الضارة في التجارة الدولية الموجهة تجاهها. وحول أساليب حماية الصناعات والمنتجات الوطنية قال العجاجي أنها لا تقف عند حدود التدابير الوقائية المقرّة بمنظمة التجارة العالمية ضد الإغراق والزيادة في الواردات، لكنها تشمل تطوير مواصفات محلية وطنية للمنتجات مع الحرص على تطبيقها على أرض الواقع، عبر الرقابة الجمركية على الواردات، والرقابة على المنتجات المحلية والواردات في الأسواق عبر الجولات التتفتيشية من قبل وزارة التجارة والاستثمار، فضلاً عن تطوير كفاءة المختبرات الحكومية والعمل على تواجدها بجاهزية كاملة داخل المنافذ الجمركية البحرية والبرية، لإجراء الفحوصات اللازمة على الواردات بالمنافذ والتأكد من مطابقتها للمواصفات بالسرعة اللازمة، والحيلولة دون دخول منتجات مخالفة لأسواقنا الوطنية. في حين قال رئيس اللجنة الوطنية الصناعية بمجلس الغرف السعودية المهندس أسامة بن عبدالعزيز الزامل أن القرار يعد خطوة هامة على طريق التحرك الجاد لدول الخليج لحماية صناعاتها المتضررة أسوة بدول العالم الأخرى، حيث يعطي صورة مغايرة عما عُرٍف عن دول الخليج من أنها الأقل تطبيقاً للإجراءات الحمائية عالمياً، وأن أسواقها متاحة لمختلف الممارسات الضارة في التجارة الدولية، مشيراً إلى أن تطبيقات الحماية المشروعة من شأنه رفع مستوى ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الأسواق الخليجية، مشدداً على ضرورة تفعيل دور هيئة التقييس الخليجية لتعمل على تبني مواصفات خليجية موحدة وفاعلة، وتسريع ضوابط تطبيقها خليجياً، حيث أن ذلك يعتبر أحد خطوط الدفاع الهامة لحماية الصناعات الوطنية، وحماية حقوق المستهلكين على حدٍّ سواء. بدوره دعا نائب رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الحديد محمد بن صالح الجبر إلى ضرورة تطوير آليات عمل القانون الخليجي الموحد بما يضمن عدم تأخير تنفيذ التوصيات والقرارات، حتى لا تتضرر الصناعات الوطنية جراء الممارسات الضارة في التجارة الدولية، مشيداً في الوقت نفسه بالجهود المضنية التي بذلتها الشركة صاحبة الشكوى والتي كُلّلت بصدور هذا القرار الهام الذي يمهد الطريق أمام العديد من الصناعات الخليجية المتضررة للاستفادة من تجربتها الثرية. فيما أكد عضو اللجنة الوطنية الصناعية وممثل القطاع الخاص في لجنة تيسير للصناعة، بندر بن إبراهيم الخريّف أن نجاح أول قضية وقاية من الواردات على مستوى الخليج، يعتبرعلامة فارقة تشجع بقية الشركات والصناعات الوطنية، ودعا للإستفادة من هذه التجربة لاختصار الوقت على الصناعات المتضررة من الممارسات التجارية الضارة، منوهاً إلى الجهود التي تقودها اللجنة الوطنية الصناعية لمساعدة الصناعات الوطنية في مواجهة المنافسة غير العادلة عبر التعاون والتنسيق مع بعض الجهات المسؤولة، للعمل على تقييم أدوات الحماية المتاحة، ومنها المواصفات الوطنية، والمختبرات في المنافذ الجمركية، منوهاً إلى أن من أسباب إغراق الأسواق الخليجية هو الإغراء المتمثل في الرسوم الجمركية المنخفضة المطبقة في دول الخليج، داعياً لرفع الرسوم الجمركية على الواردات المثيلة للمنتجات الوطنية المتضررة إلى الحدود القصوى المسموحة والمتاحة بموجب اتفاقيات انضمام دول الخليج الأعضاء لمنظمة التجارة العالمية. Your browser does not support the video tag.