طرحتُ الأسبوع الماضي بعض التساؤلات الخاصة بالسماح بقيادة المرأة للسيارة في المملكة العربية السعودية وقد لاحظت أني لم أحصل على إجابة بعد من إدارة المرور أو أي جهاز معني بالأسئلة، لكني وجدت مزيداً منها مما ما زالت تطرحها وتتداولها النساء في مواقع الاتصال الإلكتروني والاتصال الشخصي. ففي المقال السابق تناولت إشكالية تأخر إدارة المرور في اتفاقياتها وفي خطة عملها لتهيئة البيئة التحتية لدخول المرأة عالم قيادة الطريق، ومن ذلك محدودية مدارس القيادة التي تم الاتفاق معها في مدن المملكة التي لا تتعدى خمس أو ست مدن تاركةً مكةالمكرمة، المدينةالمنورة، جازان وأبها ونجران وغيرها من غير مدارس، ومنعت الجهات التي وقعت على اتفاقيات مع مدارس القيادة من الإعلان عن ذلك لسبب غير مفهوم. كما تم ترك أمر خطة عمل المدارس وأسعارهم لتصورهم الخاص وضميرهم الذي كما رأينا من المقارنات المعقودة أنها تحمل استغلالاً غير مقبول لجيوب النساء مقارنة بمدارس قيادة الرجال، مما يطرح العديد من الأسئلة الشائكة وغير المقبولة على أي صعيد. وقد تطور الأمر إلى قيام حملة على تويتر تحت مسمى #اسعارالتدريباستغلال تدعو إلى الإحجام عن استكمال التدريب مع إحدى جامعات الرياض التي أعلنت أسعاراً تصل إلى 2500 ريال، وتحت ضغط الانسحاب قامت بخصم قيمة الضريبة المضافة لتصل إلى 2400 ريال. لكن للأسف حتى بعد الانسحاب فإن خيارات النساء محدودة وفي ظل ما يشبه الاحتكار، وربما ليس لديهن مخرج إلا القيادة من غير رخص قيادة. ولم تختلف عن ذلك مدرسة جدة المتطورة لتعليم القيادة التي أعلنت عن مبلغ تدريب 2250 بالإضافة إلى الضريبة ورسوم الفحص ورسوم الرخصة. والغريب في الأمر أن رئيس الجمعية السعودية للسلامة المرورية، الدكتور عبدالحميد المعجل في تصريح له في الوطن (في 24 / 4 / 2018) يقول: «إن رسوم مدارس تعليم قيادة المرأة ستتراوح بين 2000 و3000 ريال»، مبيناً أن «مدارس تعليم قيادة السيارات ستكون مدارس نموذجية وتختلف بشكل كلي عن مدارس القيادة للرجال. وستتضمن تعليم القيادة بطريقة صحيحة تحت إشراف مدربات مؤهلات، فيما ستكون الرسوم موازية لجودة التدريس وتطبيق التدريب الإلكتروني وإتاحة ميادين للقيادة مؤهلة بوسائل السلامة». ونذكر هنا أن رسوم الرجال وفقاً للأمن العام، لا تتعدى 450 ريالاً لتدريب 5 أيام، و560 لخمسة عشر يوماً. وتصريح رئيس الجمعية، التي تأسست منذ عام 2010 لتنشر الوعي بالقيادة السليمة والآمنة، غريب جداً وحافل بالتناقض، ويعكس عقلية يبدو شائعة، فهو يبرر مضاعفة رسوم تدريب النساء لستة أضعاف بكون النساء «حريصات»!!! ولحرصهن فعليهن التدريب المضاعف والمبلغ المضاعف سداسياً، ولا يبدو واضحاً كيف يبرر تدريب الرجال المحدود ساعاتٍ وكلفة، وكأنه يراهم يولدون قادة ماهرين، رغم أنه في الجمعية المسؤولة عن التوعية بالسلامة المرورية الأكثر متابعة لسوء حوادث الطرق لدينا إلا أنه لم يربط بينها وبين القيادة السيئة للرجال ومن ندربهم عندنا من سائقين أيضاً، ولم يربط بين ذلك وبين التدريب السيئ ومدارسه الذي يقوم كما يبدو على حذف أجزاء كثيرة من قواعد المرور التي نراها كل يوم من مآسٍ بل فضائح كلها نتاج للتساهل في تسليم رخص القيادة وفي التدريب، وكأن هذه المخالفات والتجاوزات التي مضى عليها أكثر من سبعين سنة تريدون أن تحلوها بإسقاطها على النساء المشهود لهن عبر دول العالم وبشهادة شركات التأمين أنهن الآمن قيادةً والأحرص على حياتهن وحياة الراكبين في سياراتهن. ولم ينته الموضوع بعد. Your browser does not support the video tag.