منذ سنوات تقدمت ابنتي لشغل وظيفة في وزارة الصحة، عن طريق وزارة الخدمة المدنية، فيما كان يعرف بنظام المفاضلة، وقُبل طلبها فوراً، نظراً لما لديها من الخبرات والشهادات، لكن قرار التوظيف عندما ذهب إلى وزارة الصحة ما لبث أن عاد إلى وزارة الخدمة المدنية، وفيه إفادة أن الوظيفة قد شغلت عن طريق وزارة الصحة دون الرجوع إلى الجهة المعنية، بتوجيه الوظائف، وهي وزارة الخدمة المدنية، وقد بدأت في مراجعة مكوكية بين الوزارتين، حتى رزق الله ابنتي بوظيفة بعيدة عن الوزارتين، والغريب أنه رغم مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الواقعة، لم يأتنا أي اتصال من الوزارتين، فيه إفادة، أي إفادة، عما تم من مخاطبات بين الوزارتين، هذا نموذج من عندي، ولا بد أن ما عند بعض المواطنين أكثر وأمر! تلك الواقعة كانت سبباً في أن أغشى وزارة الخدمة المدنية عدة مرات، لاكتشف أن في هذه الوزارة عدة مميزات جميلة، لا ينقص هذه المميزات إلا أن تسيطر بطريقة لا لبس فيها، على ما كلفت به أو أنيط بها من مهام، وقد ذكرت آنفاً مثالاً بسيطاً. الوزارة آنذاك كانت جميع أمورها تدار وفقاً لأحدث الأنظمة الإلكترونية، ولن تجد في ممراتها النظيفة الصامتة ظلاً لمراجع، وكانت كافة مكاتب الموظفين مغلقة على من فيها من الموظفين، وهم -والحق يقال- غاية في اللطف والانضباط، لكنك عندما تذرع تلك الممرات الصامتة، يراودك إحساس، أن لا أحد في تلك المصلحة، التي تسمح لوزارة أخرى بالتعدى على مهامها! وكان لهذه الوزارة موقع إلكتروني نشط ومرتب، ومكاتب استقبال تقدم كافة الخدمات للمراجعين، ولم يحصل أن وجدت مكتباً من مكاتب الاستقبال، خالياً من موظفيه. ويصدر عن هذه الوزارة عديد من النشرات الإرشادية، ومجلة حافلة بكل ما يتعلق بالوظائف والموظفين. ومع كل هذه المزايا الجميلة، فإن الفجوات موجودة، فجوات في الوزارة نفسها، وفجوات في الجهات التي تشرف عليها، أو التي تستمد صلاحياتها منها، ولعل من أبرز هذه الجهات، مصلحة معاشات التقاعد، ومعهد الإدارة العامة، والمكاتب الاستشارية والشركات، التي نبتت كالفطر، لتقديم الموظفين والاستشاريين برواتب عالية لكافة الوزارات والشركات والهيئات الحكومية، مع وجود آلاف الوظائف الحكومية الشاغرة، وكان المفروض أن تكون وزارة الخدمة المدنية حاضرة، وأن تكون كافة الخيوط في يدها، خيوط الوظائف كلها، ليس في الحكومة فقط، ولكن في القطاع الخاص أيضاً، وأن تكون هي المرجع الأول، في الاطلاع على مؤشرات سوق العمل في المملكة! لقد أصدر معالي وزير الخدمة المدنية الأستاذ سليمان عبدالله الحمدان قبل أيام قراراً إدارياً بالموافقة على هيكل تنظيمي حديث لوزارة الخدمة المدنية، في إطار سعي الوزارة لتنفيذ خططها الاستراتيجية، للتحول في أعمالها على نحو داعم للجهات الحكومية، من خلال تمكينها من القيام بكافة المهام المنوطة بها بكفاءة وفعالية. ويبقى الأمل كبيراً في أن يساهم هذا القرار في الارتقاء بهذا الجهاز، الذي تتجه إليه كافة الأنظار، عندما تستفحل قضايا التوظيف والموظفين، دعونا نتفاءل خيراً بوجود مسؤول جديد على رأس هذه الوزارة، سبقته الكثير من النجاحات في عديد من القطاعات الحكومية والخاصة، قبل أن يتولى حقيبة الخدمة المدنية، كان الله في عونه، إلى اللقاء. Your browser does not support the video tag.