لكل مهنة أو حرفة أخلاقها وقواعدها التي تحدد التعاطي مع الآخر، الطبيب مع مرضاه، المعلم مع تلاميذه، والمحامي مع موكليه، حتى الصحفي وإن اختلفت مهامه في العمل الإعلامي لديه مجموعة من المواثيق المهنية والأخلاقية التي ترسم أمامه ملامح ما يقول وما يفعل داخل المؤسسة التي يعمل بها أو من خلال ما يصدر عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في حياته الشخصية، لأنه كما يقال لا يمثل نفسه حتى وإن ادعى ذلك. عندما تتصاعد الأحداث في معركة الآراء والمواقف السياسية المتباينة يجد الإنسان نفسه لا شعورياً في خانة الوطن، هذا ما جبلت عليه النفس البشرية، وهذا ما يفرضه عليك الولاء للكيان الذي تنتمي لترابه وتتنفس هواءه حتى وإن كنت بعيداً عنه. لكن.. ماذا سيفعل من لا وطن له، لا انتماء، لا قضية، لا ولاء.. إلا.. لمن يدفع أكثر؟ ما دفعني لكتابة هذا المقال استمرار البعض في التشدق بحرية التعبير والرأي.. والرأي الآخر في التعامل مع أزمة «قطر»، تلك الأزمة الصغيرة جداً جداً التي كشفت لنا الكثير من الوجوه التي تخفت وراء قناع المصداقية وخمار العفة والنزاهة وهي أبعد ما تكون عن ذلك. وبما أن تلك الشعارات قد أصبحت قديمة وبالية تحولت إحدى مذيعات تلك القناة التي تبث من «جزيرة قطر» للحديث عن أخلاق المهنة وأخلاق الإسلام في تبرير ما ساد على وجهها من ملامح الحزن عندما قرأت خبر تصفية تحالف دعم الشرعية في اليمن للمقبور صالح الصماد الرجل الثاني في ميليشيا الحوثي الذي عرف عنه خيانته لوطنه وشعبه بعد أن تلطخت يداه بدماء آلاف اليمنيين. لذا لم تتمالك نفسها عندما علقت شخصية معروفة قائلة: لا جعلها الله آخر الأحزان! فلبست عمامة الوعظ وانبرت لتحاضر عن الأخلاق والقيم الإنسانية. ومع أنّ القناة التي تعمل بها تميزت عن غيرها من القنوات العربية بالدهاء والمكر في تزوير الأخبار والتلاعب بالألفاظ لخدمة أهداف رعاتها والقائمين عليها، إلا أن هذه المذيعة فشلت في تغطية «ما وراء الخبر» من مشاعر الحقد التي تسكنها، فعادت إلى مفاهيم «الشريعة والحياة» لتتخفى مجدداً وراء حجاب الأخلاق الذي سرعان ما سيسقط مع تغير المرحلة واختلاف التوجهات. لكن.. هل من الأخلاق وصف رجل يقف بإحرامه الأبيض على خدمة حجاج بيت الله الحرام ليل نهار «بضعف الذاكرة والتركيز في أرذل العمر»؟ هل من الأخلاق والحياد إعادة نشر كل ما يقال ضد بلادنا ورموزنا دون تمييز أو تدقيق؟ والسؤال الأهم.. هل من الأخلاق والوطنية أن تجعلي ولاءك لحسابك البنكي ومن يملؤه بالأموال والهبات حتى لو كان ذلك على حساب وطنك الأم وما تدعينه من مصداقية؟ هناك مثل عربي لوصف هذه الحال أربأ بنفسي عن ذكره، لذا سأتصرف فيه بما يتناسب مع الوقف ومع ما أتميز به كصحفي سعودي من أخلاق وقيم. إن حالك يا سيدتي فيما تمارسينه من كذب وتزوير وما تقولينه وتنادين به من شعارات «كعديمة المبادئ والقيم التي تحاضر عن الأخلاق والشرف». Your browser does not support the video tag.