في يومنا هذا لم يعد ما تفعله روسيا يجعل أميركا تخشى كثيراً من صعودها كقوة عظمى، إذ تورط روسيا نفسها بحروب عبثية لكسب بعض النفوذ بينما تدهور هذه الحروب وتدخلات الاقتصاد الروسي المؤشر الأكثر أهمية على قوة البلاد وعظمتها. في ضوء غرق روسيا بطموحات هنا وهناك، تطلع واشنطن بقلق شديد باتجاه الشرق نحو عملات القارة الآسيوية وعملاق الاقتصاد العالمي "الصين" حيث فاق نمو الاقتصاد الصيني في سنة كل التوقعات، مسجلاً نمواً بنسبة 6.8 % في الربع الأول من العام 2018. ورداً على الحرب التجارية التي أعلنها الرئيس ترمب على الصين، قامت بكين بدورها الثلاثاء بالإعلان عن إجراءات لمكافحة سياسة ترمب (منع إغراق الأسواق الأميركية بالبضائع الصينية)، حيث طلبت بكين تقليل الكميات المستوردة من الذرة الأميركية البيضاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضرب مزارعي الولاياتالمتحدة وتفاقم الحرب التجارية بين البلدين. وقالت وزارة التجارة الصينية أنه اعتباراً من الأربعاء، ستطلب من المستوردين الصينيين للذرة الأميركية التي يستخدمها الصينيون كأعلاف للحيوانات، خفض الودائع بنسبة 178.6 % تحسباً لرسوم من الجانب الأميركي، ومن المتوقع أن يثبط تقليل الودائع من واردات الذرة البيضاء الأميركية، مما يضر المنتجين الأميركيين. وقال مزارعو الذرة البيضاء في أميركا إن هذا الإجراء وضعهم في قلب العاصفة التجارية التي قامت بين الصين وأميركا دون أي ذنب منهم. حيث يقول تيم لوست، الرئيس التنفيذي لمنتجي الذرة البيضاء، لقد تم وضعنا في الخطوط الأمامية لهذه المعركة التي لم نطلبها! وجاء القرار الصيني بعد يوم واحد من قيام الولاياتالمتحدة بمنع الشركات الأميركية من بيع قطع الغيار لشركة الهواتف الصينية ZTE لمدة سبع سنوات، والسبب بحسب وزارة التجارة الأميركية أن الشركة الصينية انتهكت اتفاقاً بين الطرفين بعد أن ضبطت شحنة للشركة كانت ذاهبة لإيران. وفي تطور آخر، أعلنت الحكومة الصينية عن جدول زمني لتطبيق قيود جديدة على شركات صناعة السيارات الأجنبية الأمر المناقض لرغبة الولاياتالمتحدة التي لطالما طالبت بتحسين الوصول إلى السوق الصينية. ويقول خبراء إن الصين أخذت قرارها بضرب الذرة الأميركية بعناية وحنكة لإزعاج ترمب حيث سيؤثر ضرب صادرات الذرة البيضاء الأميركية بمزارعي الولاياتالمتحدة وتحديداً في الولايات التي دعمت الرئيس ترمب وهي كنساس وتكساس وكولورادو وأوكلاهوما وساوث داكوتا التي فاز ترمب فيها كلها باستثناء كولورادو. ويعتبر القرار الصيني ضد الذرة الأميركية مقدمة فقط لحرب أوسع تعتزم الصين شنها ضد الزراعة الأميركية، حيث هددت الصين بفرض تعريفات عالية ضد منتجات أخرى مثل فول الصويا ولحوم الحيوانات ومنتجات غذائية أميركية أخرى. ويتوقّع خبراء أن يكون للحرب التجارية بين الصين وأميركا أكبر اقتصادين في العالم أبعاد كثيرة ستؤثر على عدد من القطاعات وفي مقدمتها القطاع التكنولوجي حيث تشترك الشراكة الصينية - الأميركية في أحدث الابتكارات التكنولوجية في العالم وسيكون من الصعب للعلماء المضي قدماً بأبحاثهم بسلاسة كالماضي في ظل حرب الكلمات والتعريفات العالية خاصة أن معظم الشركات التكنولوجية الكبرى تتخذ من الصين مقراً أساسياً لمصانعها. Your browser does not support the video tag.