احتاج المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا إلى عام لسبر أغوار الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، وقيادة فريقه مانشستر سيتي إلى اللقب في موسمه الثاني معه، على عكس تجاربه السابقة مع برشلونة الإسباني وبايرن ميونيخ الإلماني. في نادييه السابقين، لم يحتج غوارديولا إلى أكثر من الموسم الأول لبدء حصد الألقاب، وما أكثرها على الصعيد المحلي، توج المدرب "الكاتالوني" البالغ من العمر 47 عاما، بلقب "الليغا" الإسبانية ثلاث مرات على التوالي (2008-2009، 2009-2010، و2010-2011)، منذ موسمه الأول على رأس الجهاز الفني لبرشلونة بدءا من صيف العام 2008. مع النادي "البافاري"، كرر غوارديولا الأمر نفسه: ثلاثة ألقاب في "البوندسليغا" في ثلاثة مواسم، على الرغم من أنه لم يصب في تجربته الألمانية، النجاح الأوروبي نفسه لتجربته الإسبانية، عندما تمكن من قيادة برشلونة مرتين إلى تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا في كرة القدم. كان الموسم الماضي الأول لغوارديولا على رأس الجهاز الفني للنادي الإنجليزي، والأول في مسيرته التدريبية الذي ينتهي من دون أي لقب. لم يخف المدرب الذي يعد من الأنجح على صعيد الألقاب في كرة القدم العالمية خلال الأعوام الماضية، أنه كان يخشى على مستقبله مع النادي العام الماضي. وقال في تصريحات سابقة "لقد فكرت إذا لم تسر الامور بشكل جيد، سأعود إلى البيت. سيحل محلي شخص آخر وسيجرب بطريقته، في تلك الفترة، كان هناك قلق من النتائج". قبل ذلك، كان قد أكد إصراره على اعتماد أسلوب اللعب الذي عرف به في برشلونة، ال"تيكي تاكا" الشهير بالتمريرات القصيرة المتقنة، الاستحواذ الشامل على الكرة على امتداد الملعب، والتقدم بثبات نحو مرمى الخصم، في أسلوب غير سائد على نطاق واسع في كرة القدم الإنجليزية. وأوضح: "العام الماضي، طلب مني أكثر من مرة إذا ما كانت طريقتي في اللعب ستنجح في إنجلترا، كان ردي سأصر عليها، لم أشك أبدا بذلك". بدأ غوارديولا هذا الموسم بحصد ثمار ما زرعه العام الماضي في تشكيلة شابة تعززت بشكل واسع في فترة الانتقالات الصيفية، أحرز كأس رابطة الأندية المحترفة على حساب أرسنال، توج بلقب بطولة إنجلترا للمرة الخامسة في تاريخ سيتي (الثالثة في الدوري الممتاز)، بعد موسم شهد هيمنته بشكل كبير مع كرة قدم سهلة وممتعة، وخسارتين أمام ليفربول ومانشستر يونايتد. النادي الأحمر بات بمثابة "العقدة" بالنسبة إلى غوارديولا ولاعبيه. إضافة إلى الخسارة في الدوري (3-4) في يناير، كبد ليفربول سيتي خسارة قاسية في ذهاب دوري الأبطال (صفر-3)، وكرر الفوز إيابا 2-1، ليقصي النادي الأزرق من الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا. الأكيد أن غوارديولا حظي بدعم واسع من الإدارة الإماراتية للنادي الإنجليزي، المتمثلة بمالكه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس إدارته خلدون المبارك، وعوضا عن مساءلته بعد انتهاء الموسم الماضي من دون أي لقب، دعمته الإدارة بقوة في فترة الانتقالات الصيفية، وكان سيتي من الأبرز ضمن أكثر الأندية الأوروبية إنفاقا على اللاعبين الجدد. استغنى غوارديولا عن العديد من اللاعبين الذين لم يجدوا مكانا لهم في التشكيلة الأساسية أو لم يكونوا على قدر تطلعاته: الفرنسيان سمير نصري وباكاري سانيا، الحارس الأرجنتيني ويلي كاباييرو، البرازيلي فرناندو. في المقابل، أبرم النادي بعض الصفقات الكبرى: الحارس البرازيلي إيدرسون من بنفيكا البرتغالي (40 مليون يورو)، المدافعان كايل ووكر (57 مليونا من توتنهام) والفرنسي بنجامان مندي (58 مليونا من موناكو الفرنسي)، البرتغالي برناردو سيلفا (49 مليونا من موناكو)، الفرنسي إيمريك لابورت (70 مليونا من أتلتيك بلباو الإسباني). دافع غوارديولا عن سياسة التعاقدات التي اعتمدها، قائلا إن "بعض الأندية تنفق 300 أو 400 مليون جنيه إسترليني لضم لاعبين. نحن أنفقنا مبلغا مماثلا لضم ستة لاعبين". نجحت صيغته الدفاعية في حماية مرماه، ولم يتلق سوى 25 هدفا في 33 مباراة في الدوري المحلي هذا الموسم، وخسر مباراتين وتعادل ثلاث مرات. صنع غوارديولا تشكيلة شبه مثالية، تقوم على دفاع صلب، وخط وسط قادر على الإمساك بزمام المبادرة لاسيما من خلال البلجيكي كيفن دي بروين المرشح لجائزة أفضل لاعب في الدوري، والإسباني دافيد سيلفا، ومهاجم قناص هو الأرجنتيني سيرخيو أغويرو الغائب منذ أسابيع بسبب الإصابة، علما أنه أصبح هذا الموسم الهداف التاريخي للنادي الإنجليزي. العديد من اللاعبين كرروا على مدى الموسم، أن غوارديولا تمكن من مزج تركيبة سحرية، وخص كلا منهم بالدعم والتوجيه والنصائح التي جعلتهم يتقدمون على المستوى المحلي وعلى مستوى منتخباتهم الوطنية. Your browser does not support the video tag.