حسب معطيات علم الاجتماع التربوي أحد فروع علم الاجتماع الحيوية الذي يهتم بدراسة أثر العمل التربوي في الحياة الاجتماعية،وإيصال القيم الاجتماعية والثقافية والتربوية,والدينية والوطنية إلى الطفل عن طريق النظام التعليمي، وبالتالي المساهمة في نمو أفضل للشخصية السوية، يشير هذا الفرع الأصيل..أن أسلوب القدوة الحسنة من أهم الأساليب التربوية الحديثة, ومن أنجح الوسائل المؤثرة في إعداد النشء خلقياً ونفسياً وصحياً وعقلياً وعاطفياً واجتماعياً,تكمن أهميتها المعيارية في تربية الفرد وتنشئته على أسس سليمة في كافة مراحل نموه, لأن البشر لديهم دافع أو حاجة نفسية إلى تقليد ومحاكاة سلوك من يحبون ويقدرون, وبالتالي الاقتداء بهم، وهذه الحاجة -لامناص-تنشأ في بادئ الأمر من خلال تأثير الأطفال بوالديهم وتقمص أدوارهم وسلوكهم داخل البيئة الأسرية, ولأهمية القدوة في بناء الفرد وإعداده.. فقد أكد القرآن الكريم أهمية القدوة في تقرير مصير الإنسان تأكيداً قوياً, وهو يدعو المسلمين إلى أن يدرسوا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فيتخذونها قدوة وأسوة لهم في سلوكهم وتعاملهم وتفاعلهم في الحياة الاجتماعية والأسرية. يقول تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً). ومن هنا كان أسلوب (القدوة) عاملاً كبيراً في صلاح الأجيال, أو إفسادهم, فالطفل الذي يرى والده يترك الصلاة يصعب عليه اعتيادها والمحافظة عليها.. والذي يرى والده يغش في تجارته وتعاملاته يصعب عليه تعليم الأمانة والصدق, والذي يرى والده يرمى النفايات من نافذة السيارة أو في المكان غير المخصص من الصعب عليه أن يتعلم ثقافة النظافة والمحافظة على البيئة. والأب الذي يصبح كذاباً ويخدع غيره بكذبه وخداعه فإن أبناءه وتلامذته ومعاشريه يقلدونه ويتعلمون منه أساليب الكذب ووسائل الخداع ويحاكونه في ذلك ويتبادلونه كذباً بكذب، وخداعاً بخداع, أي إن ما يكتسبه الفرد من عادات مرغوب فيها, أو غير مرغوب فيها يتوقف على نوع القدوة والأسوة التي تعرض له أثناء اندماجه وتفاعله مع أسرته ومجتمعه. ولذلك يبرز دور الأسرة والوالدين في مساعدة أطفالهم وأبنائهم على اختيار الصحبة الصالحة المنضبطة التي تساعد بالتالي على اختيار القدوة الحسنة, والابتعاد عن القدوة السيئة..!!كما أن البيئة المدرسية تؤثر في ذلك من خلال وجود القدوة الحسنة والمربي الصالح الذي يقوم بمتابعة طلابه وتوجيههم وحثهم على الالتزام بالقيم التربوية والثوابت الشرعية، واحترام النظام والانضباط في الحياة بشكل عام. كما يساهم المربي القدوة في إثراء عملية التعليم التربوية, ودعم الاتجاهات الأخلاقية والحضارية, وتعزيز القيم الاجتماعية للطلاب ومن ثم يتعلم الأطفال المنتمون للمدرسة طاعة الآخرين والامتثال بقواعد المجتمع وقيمه ومعاييره المختلفة. كما يؤثر الجار القدوة ,وإمام الحي القدوة في كثير من الاتجاهات الأخلاقية والتربوية والسلوكية للأبناء, فالقدوة الحسنة, والأسوة المثالية تعين على التقدم والنجاح وتحقيق الأهداف المنشودة, وعلى النقيض من القدوة السيئة التي قد تهوى بمن يقتدي بها في دهاليز الظلام والضياع والهلاك..! ولذلك ينبغي أن نرسخ في أذهان ووجدان أطفالنا وأبنائنا منذ نعومة أظفارهم معنى القدوة الحسنة وأن نربيهم على الأخلاق الفاضلة والقيم التربوية, وتأصيل السلوك الاجتماعي السليم أسوة بخير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم, وتنفيذا لتعاليم ديننا الحنيف.. والدين معاملة، وبالتالي تحصين عقول الأبناء وحمايتهم من الأفكار المنحرفة والآراء المتطرفة التي تؤثر على السلوك والعاطفة والقيم لبناء مجتمع متماسك وقوي يستطيع مواجهة أي تهديد داخلياً أو خارجياً..! * باحث متخصص في القضايا الاجتماعية Your browser does not support the video tag.