أول إعلامي يقوم بالتعليق على مباريات كرة القدم بالإذاعة الرسمية منذ بداية الحركة الرياضية في المملكة العام 1382ه، إذ قام بالتعليق على نهائي كأس الملك بين أهلي جدة وأهلي الرياض، كما كان أول من نقل المباريات عن طريق التلفزيون السعودي عندما بدأ البث العام 1386ه - 1965م-، وهو أيضاً أول من أعد وقدم برامج رياضية، أفنى (48) عاماً من عمره في خدمة الحركة الرياضية السعودية بجانب خدمة وطنه في المجالات التعليمية والتربوية والإعلامية، عمل في الحقل التعليمي مديراً للعديد من مدارس مكةالمكرمة لنحو ربع قرن، وأحيل للتقاعد في العام 1416ه، هو زاهد بن إبراهيم قدسي المولود العام 1356ه، الموافق للعام 1937م بمنزل الصواف في مكةالمكرمة، وسمي زاهداً تأسياً بابن مالك المنزل الذي كانت أسرته تقيم فيه، وكان اسمه زاهد صوّاف، سافر زاهد قدسي إلى مصر للتعلم وتحديداً إلى محافظة الجيزة، ومكث فيها (13) عاماً تكوّنت من خلالها شخصيته وعاد إلى مسقط رأسه مكةالمكرمة بعد رحلة طويلة في العام 1377ه، وكان عمره آنذاك (21) ربيعاً، ومعه شهادة دبلوم تجارة، ولا شك أن إرثاً تاريخياً لبدايات النهضة الرياضية والإعلامية في بلادنا ممثلاً بسيرة الراحل زاهد قدسي ما كان له أن يبقى حاضراً بيننا لولا اهتمام أبنائه بتاريخ والدهم، وكتابات عدد من الزملاء الإعلاميين، لا سيما الزميل المؤرخ فهد الدوس الذي تتبع مسيرة الراحل في عددٍ من أعماله ومقالاته الصحفية. عدة أعمال يعد زاهد قدسي من أوائل من أطلق الصحافة الرياضية في المملكة منذ العام 1377ه، حيث كان أول مدير تحرير لأول جريدة رياضية أسبوعية تصدر بالمملكة العام 1380ه، وكان اسمها «الرياضة» لفؤاد عنقاوي ومحمد مليباري، ورغم أن الصحيفة توقفت منذ أعدادها الأولى، إلاّ أنها سُجلت كأول صحيفة سعودية في مجالها، وما زال الأديب والباحث محمد الحمدان يحتفظ بنسخ منها. رأس قدسي لجنتي المعلقين العرب والسعوديين، وكانت له إسهامات إدارية في نادي الوحدة بمكةالمكرمة، بعمله مستشاراً للنادي وعضواً لإدارة المنتخبات باتحاد الكرة بجانب عضويته في اتحاد الكرة الطائرة لمدة (16) عاماً، واختير عضواً للجنة قواعد لعبة الطائرة بالاتحاد الآسيوي لمدة ثماني سنوات، وشارك في العديد من المؤتمرات والتجمعات العربية والعالمية الكشفية، كما علق على العديد من الدورات المدرسية والخليجية والعربية وكأس العالم للناشئين والشباب والكبار، وحمل قدسي عضوية اللجنة الكروية الفنية لثلاث وزارات الداخلية والمعارف والعمل، كما عمل في التحكيم كحكم معتمد للألعاب المختلفة، وقام بتحكيم العديد من المباريات. زاهد الإعلامي كانت الصحافة إحدى هوايات زاهد أثناء دراسته في مصر، فقد كان رئيس تحرير جريدة الجوالة للتجارة المتوسطة، وعضواً ضمن محرري جريدة المرأة في البعثات السعودية، وكانت البداية بعد عودته عبر صحيفة «الندوة»، حيث ظل يكتب فيها تحت عنوان «إصلاح الأسرة»، بما يهم الأسر السعودية والمجتمع المكيّ، وفي الجريدة المنافسة للندوة كتب زاهد مقالاً ثابتاً أسماه «هدايا» بجريدة البلاد، ناقش فيه قضايا وهموم المواطن مع البلدية، موجهاً رسائله الصريحة للأستاذ عبدالله عريف رئيس البلدية، ورئيس نادي الوحدة الأسبق، وقد وجدت المقالات قبولاً كبيراً في الشارع المكي. زاهد الرياضي مع بداية الثمانينات واصل زاهد قدسي مرحلة التعليق بكفاءة واقتدار ليظهر كأحد رواد التعليق الرياضي في بلادنا إن لم يكن هو الأول، إضافة إلى مشاركته في إعداد برنامج «مجلة الرياضة» الإذاعي، والذي كان يقدم الوصف والتعليق على المباريات المحلية، وكان معه في هذا البرنامج الدكتور بدر كريم، والدكتور هاشم عبده هاشم، كما كان فاعلاً في جميع المحافل المحلية والآسيوية والعربية والعالمية، ونال عدّة شهادات تقدير وأوسمة من عدة جهات، ويشير المؤرخ الرياضي عبدالله المالكي إلى أن قدسي أصدر كتاباً عن الدوري المحلي والقاري والعالمي لكرة القدم، وشارك في العديد من دورات المعلقين الرياضيين كمحاضر في المملكة والبحرين والأردن وتونس، وجاء اختيار المعلقين العرب له في اجتماعهم بتونس رئيساً للجنة المعلقين العرب في العام 1416ه. زاهد التربوي بدأ زاهد مشوار العمل في العام 1378ه عقب عودته من مصر بالتدريس في مدرسة السعدية الابتدائية في حارة جرول المكية التاريخية، لمدة عامين، وساهم في ترتيب أوضاع المدرسة، وفي العام 1379ه عملت إدارة التعليم على الاستفادة من إمكانات زاهد فوجهته إلى ما يناسب تخصصه بالعمل وكيلاً للمدرسة التجارية المتوسطة بحي الشامية بمكةالمكرمة، وتم تكليفه العام 1386ه بمسؤولية إدارة أكبر مدرسة متوسطة في مكةالمكرمة، وهي مدرسة متوسطة الزاهر، والتي كانت تضم أكثر من ألف طالب، وكان زاهد قدسي قد أسس أول مدرسة نموذجية في مكةالمكرمة في العام 1392ه وهي مدرسة الملك فيصل النموذجية، وأحيل إلى التقاعد العام 1416ه. جائزة المعلقين بعد وفاته العام 1424ه تبنت أسرته فكرة إقامة جائزة للتعليق الرياضي تحمل اسمه، تقدم بشكل سنوي للمعلقين الرياضيين؛ وذلك تخليداً لذكراه وتقديراً لحياته الرياضية الحافلة بالعطاء، والتي امتدت لنحو خمسة عقود، خدم فيها وطنه بمجال التعليق والإعلام الرياضي والتعليم المدرسي، وتولى رئاسة اللجنة وعضويتها على مدى سنوات شخصيات بارزة في جميع المجالات، وتنافس عليها العديد من المعلقين المعروفين في الوطن العربي، وقد حصل على الجائزة على مدى السنوات الماضية عدد من المعلقين البارزين. أصبحت جائزة أفضل معلق حدثاً ينتظره جميع من له علاقة بالتعليق الرياضي والرياضة عموماً، خاصةً أنها تحمل اسم شخصية تميزت في ذات المجال، ناهيك عن مجالات أخرى عديدة، وتختار اللجنة المعنية المرشحين ثم الفائز بالجائزة، لاختيار المعلقين الأفضل في جميع القنوات الرياضية العربية من خلال معاييرها الإعلامية الدقيقة التي وضعتها، وكانت الجائزة حلقة من حلقات تكريم الراحل، يضاف إليها دورة باسمه في مكةالمكرمة، ينظمها مكتب رعاية الشباب، خلال شهر رمضان المبارك، بمشاركة (16) فريقاً، وتقام على ملعب مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية بالشرائع، كما خصصت جائزة باسم زاهد قدسي في خليجي (16)، وذلك إيماناً بالدور الذي قدمه طيلة مشواره الرياضي والإعلامي، ولا أدل على ذلك إلاّ ما ذكره زميله ورفيق دربه المعلق الشهير محمد بن عبدالرحمن رمضان حين قال إنه عند السلام على الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بعد تحقيق المنتخب السعودي لكأس آسيا العام 1984م، سأله الملك عن زميله زاهد قدسي، ولم يكن هذا إلاّ لقدر ومكانة قدسي - رحمه الله - عند خادم الحرمين والراعي الأول لرياضة البلد. ابنه يتحدث ويتذكر إبراهيم زاهد قدسي - نجل الراحل - أن والده نشأ يتيماً بالقاهرة، وتعلم على نفقة الشيخ أحمد الملائكة لمدة (16) عاماً كاملة، موضحاً أنه كان يشارك في أنشطة الكشافة والرياضة بمصر، وأنه عاد إلى المملكة العام 1379ه، فوجد الناس جميعهم يلعبون كرة القدم فقط، ففكر في حث الناس على ممارسة ألعاب أخرى، فأسس النادي الأهلي للألعاب المختلفة غير كرة القدم، وهو يختلف عن النادي الأهلي المعروف في جدة. الثلاثي المكاوي ارتبطت أسماء كل من زاهد قدسي ومحمد رمضان وعلى داود بباكورة إنجازات كرة القدم السعودية، لاسيما في عصر الثمانينات الميلادية، كما ارتبط الثلاثي المكاوي بإبداعات وأهداف الحاضر المشرق للكرة السعودية آنذاك الأسطورة ماجد عبدالله، الذي لطالما شنّف زاهد قدسي وزميلاه مسامع المشاهدين والمستمعين بتعليقهم على أهدافه الشهيرة، وما زال أبناء ذلك الجيل يتذكرون عبارات زاهد قدسي وغزلياته في السهم الملتهب، بل إنه كان يصيح قائلاً: «راسك يا جميل» قبل أن تصل الكرة إلى اللاعب ماجد عبدالله، وحين تلج الكرة المرمى، يتغنى قدسي بلهجته المكاوية «أنا قُلّت له راسك يا جميل قال لي حاضر وراح حطها» فقد كان بين المعلّق واللاعب حوار خفي يترجم بالأهداف، ولا يفهمه إلاّ زاهد قدسي وماجد عبدالله. ويخلط البعض بين أسبقية زاهد قدسي ومحمد رمضان في التعليق الإذاعي، والحقيقة أن زاهد قدسي كان أول من علق على مباراة لكرة القدم في الإذاعة الرسمية، كما أوضحنا ذلك آنفاً، في حين كان رمضان أول من علق على مباراة لكرة القدم في المملكة عبر أثير الإذاعات الخاصة، وذلك عن طريق إذاعة طامي العام 1381ه، في المباراة التي أقيمت على كأس الملك سعود بين فريقي الوحدة من مكةالمكرمة والهلال من الرياض. لجنة المعلقين كان للجنة المعلقين دور كبير في ترتيب وتطوير مسار التعليق الرياضي، في بلادنا حيث ساهم في صقل مهارات المعلقين لاسيما الجدد منهم، خاصةً أن من تصدى لذلك العمل قديماً كانوا من جيل الرواد المحصنين لغوياً ومعرفياً، ولذا عرفوا بسلامة اللغة، ومتعة التعليق وجمال العبارة، والحماسة في حدود اللباقة والحياد وغيرها من الصفات السهلة الممتنعة التي لا يجيدها أي معلق، كما كانت اللجنة تضع الأسس والمعايير لاعتماد المعلق للتعليق الرياضي، وكانت تراقب وتضبط المصطلحات وطريقة التعليق على المباريات، وتساهم بل وتشدد على استخدام اللغة العربية وترجمة جميع المصطلحات الأجنبية واستبدال بعض المفردات والعبارات الدارجة التي من شأنها أن تعزز وتزيد من الاحتقان بين الجماهير، وكانت تجري اختباراً للمعلقين لتختار الأجدر منهم من حيث الثقافة والمستوى العلمي وخامة الصوت والخلفية الرياضية، كما كانت تقيم الدورات والمحاضرات للمعلقين. وفاته في يوم الأحد السابع عشر من شهر محرم العام 1424ه، الموافق 14 / 9 / 2003م، تعرض قدسي إلى جلطة قلبية، أثناء وجوده في مكةالمكرمة، وكان قد أحس بآلام عارضة في القلب وتوجه إلى مستشفى النور بالعاصمة المقدسة، وذلك عند الساعة الواحدة ظهراً، وقد تم إعطاؤه العلاج اللازم وخرج بعد ساعة من المستشفى، إلاّ أن الآلام عاودته بشدة عند الساعة الخامسة مساءً، وهناك أعلن الأطباء انتقاله إلى البارئ الأعلى عن عمر ناهز (68) عاماً، وكان - رحمه الله - قد تزوج من السيدة هند ابنة الشيخ محمد علي علاف، وله من الأبناء ستة، ولدان وأربع بنات، وكان لأبنائه دور في تأسيس متحف رياضي يؤرخ لجميع مراحل حياة والدهم، لاسيما في المجال الرياضي والإعلامي، وما زال الأبناء يحتفظون بالإرث التاريخي الذي تركه لهم والدهم، الذي شهد وعاصر البدايات الأولى للحركة الرياضية والإعلامية في بلادنا، فرحم الله رائد التعليق الرياضي زاهد بن إبراهيم قدسي رحمة واسعة. .. وهنا يُعلّق على مباراة لمنتخب الناشئين 1396ه زاهد قدسي زاهد قدسي في الصغر يُعلّق على إحدى مباريات المنتخب خارج المملكة 1408ه كان مُميزاً في تعليقه على المباريات جائزة زاهد قدسي للمعلقين الرياضيين إعداد - منصور العساف Your browser does not support the video tag.