في نهاية الحرب العالمية الثانية اقترح المهندس وكاتب الخيال البريطاني آرثر سي كلارك نشر أقمار اصطناعية تدور في الفضاء لبث الاتصالات الموجية للأطراف المقابلة (المحجوبة) من كوكب الأرض. غير أن سلاح الجو البريطاني رفض حينها مشروعه باعتباره خياليا أكثر من اللازم - ناهيك عن عدم ظهور فكرة الصواريخ الفضائية اللازمة لحمل الأقمار الاصطناعية فوق الغلاف الجوي. لم ينجح كلارك في إقناع أحد طوال تسع سنوات، وأقصى نجاح حققه كان عام 1945 حين وافقت مجلة Wireless World (المتخصصة في التقنيات اللاسلكية) على نشر مقال مصور يشرح فيه استخدام الأقمار الصناعية لنقل موجات الراديو والتلفزيون والاتصالات اللاسلكية للطرف الآخر من الأرض. غير أن اقتراحه أصبح مقبولاً بعد نشر المقال بفضل تقدم تقنية الصواريخ وظهور المشروعات الفضائية، وفي أكتوبر1947 بدأ عصر الفضاء حين فاجأ الروس العالم بتطبيق فكرة كلارك من خلال إطلاق أول قمر صناعي في التاريخ (سبوتنيك1) وحينها فقط أدرك الجميع أنه كان محقا قبل أحد عشر عاما.. ومنذ ذلك التاريخ أصبح البشر يملكون أكثر من 6443 قمراً اصطناعياً تدور حول الأرض (بنهاية 2017) تؤدي خدمات وأهداف مختلفة.. والمدهش أن 44 % من هذه الأقمار انتهت صلاحيتها (أو أصيبت بالعطب) ومع ذلك مازالت تحجز المدارات بأسماء دولها، وهي تابعة لأربعة وأربعين دولة، وأكثر من نصفها تملكها أميركا وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي - في حين تعد اليابان والصين وكوريا الجنوبية الدول الأكثر امتلاكاً للأقمار الصناعية في قارة آسيا. وهذه الأقمار توجد في مدارات وارتفاعات مختلفة حول الأرض.. ففي المدار الثاني وحده ما يقارب 3600 قمر، أما المدار الثالث والرابع فيوجد فيه حوالي 1000 قمر، و500 قمر في المدارات المنخفضة، و50 قمراً في المدارات المتوسّطة التي تبعد عن الأرض 20 ألف كيلو متر (علماً أن هذه الأرقام خاصة بالأقمار العاملة والمعلن عنها فقط).. وبحسب مكتب الشؤون الفضائية الأميركي (UNOOSA) تم في عام 2017 وحده إطلاق 357 قمراً جديداً لأغراض مختلفة تتنوع بين التصوير والمراقبة والبث التلفزيوني والرصد الجوي والتجسس العسكري وتوجيه السفن والطائرات - وقد يرتفع الرقم لأكثر من ذلك في حال احتسبنا أقمار التجسس العسكري التي لا يُعلن عنها. المملكة سباقة في إطلاق الأقمار ذات (المدار الثابت)..وضمن القائمة القصيرة لأصحاب «الحدود الفضائية» السعودية والأقمار الصناعية علاقة الدول بالأقمار الصناعية تتدرج على ثلاثة مستويات: فهناك دول لا تستطيع شراء أو تصنيع أقمارها الوطنية فتعمد إلى استئجار خدمات أو قنوات خاصة بها ضمن الأقمار التابعة للدول الكبرى.. وهناك دول قادرة على شراء أقمارها الخاصة وتكليف شركات أو دول أخرى بإطلاقها بالنيابة عنها.. وهناك دول صناعية متقدمة (كاليابان وكوريا الجنوبية) تصنع أقمارها بنفسها ولكنها تطلقها بواسطة شركات فضائية متخصصة.. والمملكة مرت بكل هذه المراحل حيث بدأت باستئجار قنوات خاصة بها مطلع السبعينات ضمن أقمار أميركية وأوروبية.. وقبل نهاية هذا العقد كانت قد أنشأت شركة عربسات لتقديم خدمات الاتصالات الفضائية، وامتلكت النسبة الأكبر منها بما يقارب 37 % الأمر الذي شكل حينها قفزة استراتيجية مهمة في مجال الفضاء... وفي منتصف الثمانينات بدأت السعودية بإطلاق أقمارها الخاصة (من خلال شركات عالمية) وكانت البداية مع قمر عربسات1 الذي أطلق بواسطة الصاروخ الفرنسي أريان3 (وانتهت صلاحيته في عام 1992).. تلاه قمر عربساتB1 الذي صنعته شركة أيروسبيستيال الفرنسية وأطلق بواسطة مكوك الفضاء الأميركي.. ثم قمر عربساتC1 الذي صنعته أيضا شركة أيروسبيستيال وأطلق بواسطة الصاروخ الفرنسي أريان44 (وانتهت فترة عمله عام 2004) ... وفي الإجمال بادرت المملكة لإطلاق أكثر من ثلاثة عشر قمراً اصطناعياً كان آخرها مجموعة سعودي سات (Saudisat) التي ساهمت في صنعها والإشراف عليها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (وأطلقت من قاعدة بوكينور الروسية في كازخستان). المركز الوطني للاستشعار عن بعد كانت حقبة الثمانينات الميلادية مميزة من حيث تأسيس المركز الوطني للاستشعار عن بعد بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.. كانت مهمته في البداية استقبال الصور الفضائية من الأقمار الصناعية لخدمة الجهات الحكومية، ثم تطور ليصبح الأكثر تنوعاً وتقدماً في خدمات التحليل في منطقة الشرق الأوسط (حيث يستقبل الصور حالياً من أكثر من 10 أقمار تجارية وبدقة تصل إلى 31 سم). وبالإضافة إلى استقبال الصور الفضائية، يقدم المركز الوطني خدمات تتضمن معالجة وتفسير وتحليل الصور وتحديث المعلومات الجغرافية والبيئية والسكانية للجهات المحلية التي تطلب أحيانا خدمات خاصة أو طارئة كتحركات السيول وتحديد مواقع الممتلكات. وفي عقد التسعينات الميلادية بدأت السعودية جهودا جريئة لتوطين صناعة الأقمار الصناعية وتأهيل العنصر البشري المحلي للقيام بأدوار التطوير والتصنيع والتشغيل للأقمار الصناعية.. كانت السباقة بين الدول العربية في تدريب الكوادر الوطنية ووضع برنامج استراتيجي لتوطين الإمكانيات ونقل التقنية والشراكة مع الجهات البحثية والتصنيعية العالمية المتخصصة في هذا المجال. صناعة الأقمار الصناعية السعودية بدأت السعودية منذ عام 2000 تساهم في صنع وبرمجة أقمارها الخاصة من خلال مركز الابحاث الفضائية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.. أطلقت خلال السبعة عشر عاما الماضية (كما يتضح من الإنفوغرافيك) 13 قمرا تدور في مدارات منخفضة (وهذه ميزة نوعية تحسب لها).. وهذه الأقمار تم بناءها في معامل المدينة بواسطة مهندسين وعلماء سعوديين تولوا عمليات تصنيع واختبار وتأهيل وتشغيل الأقمار الصناعية (ويعدون هم المكسب الحقيقي للسعودية في هذه الصناعة). وبحسب التسلسل التاريخي تم إطلاق: 1. القمر الصناعي (سعودي سات 1أ وسعودي سات 1ب) : وهما أول قمرين سعوديين بحمولة لاستقبال وتخزين البيانات ثم إرسالها إلى المحطات الأرضية. عملت المدينة مع شركة أرامكو السعودية على استخدام هذه الأقمار لقياس مستوى التآكل في أنابيب الامدادات دون الحاجة للتدخل البشري. تم إطلاقهما عام 2000م. 1. والقمر الصناعي (سعودي سات 1 ج) والذي تم اطلاقه عام 2002 بحمولة لنقل البيانات وحمولة لنظام راديو الهواة (أوسكار 50) كما تم ترقية بعض الأنظمة التي استخدمت في الأقمار السابقة. 1. القمر الصناعي (سعودي سات2) تم إطلاقه في عام 2004م بحمولة مصغرة للتصوير ونظام للتحكم ثلاثي المحاور بكامل أجزاءه من المستشعرات وعجلات الدوران لتوجيه القمر حسب متطلبات المهمة. 1. القمران الصناعيان (سعودي كومسات 1 وسعودي كومسات 2) وتم إطلاقهما عام 2004م بحمولة لتتبع الممتلكات ونقل البيانات. ويمثل إطلاق وتشغيل هذين القمرين المرحلة الأولى من منظومة أقمار نقل البيانات (منظومة أقمار سعودي كومسات) التي تشمل سبعة أقمار. 1. القمر الصناعي (سعودي سات3): وهو القمر السعودي الأول للاستشعار عن بعد لتحقيق أهداف متعددة تشمل الدفاع والأمن والتطبيقات المدنية مثل التخطيط العمراني ودرء مخاطر السيول والذي تم إطلاقه عام 2007م. 2. منظومة أقمار نقل البيانات (سعودي كومسات 3، 4، 5، 6، 7) وهي استكمال لمنظومة أقمار سعودي كومسات والبالغ عددها سبع أقمار حيث قامت (المدينة) بتصنيع وإطلاق خمسة أقمار من هذا النوع في عام 2007م. ومن خلال هذه الأقمار يتضح تميز "المدينة" بتطوير نظام متقدم لاستقبال البيانات المعيارية لملاحة السفن التجارية وتعقبها حول العالم والتي تستخدم نظام (AIS)، وبدأ اطلاق هذا المنظومة بدء من عام 2007م كأول قمر صناعي يحمل هذا النظام في العالم. 1. القمر الصناعي (عربسات 5C): ويأتي ضمن الشبكة الوطنية لنقل المعلومات عبر الأقمار الصناعية. هذه الشبكة تسعى إلى المساهمة في زيادة وتحسين قدرات الاتصالات للجهات الاستراتيجية بالإضافة إلى تحسين مستوى خدمات تقنية الاتصالات والمعلومات في المملكة العربية السعودية وقد قامت المدينة ببناء القطاع الأرضي للقمر عربسات 5ج وتشغيله وتقديم خدمات الاتصالات للجهات الحكومية منذ العام 2012م. 1. القمر الصناعي (سعودي سات4) ويهدف هذا القمر إلى إجراء تجارب علمية خاصة بالسعودية تم تطويره بواسطة فريق مشترك من المدينة وجامعة ستانفورد ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بالإضافة إلى خاصية تتبع جغرافية وتصويرية آليه للمواقع والممتلكات. 2. القمر الصناعي عالي الدقة (سيطلق قريباً): وهو قمر يتم العمل عليه (حاليا) في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ويعتبر الجيل الجديد من الأقمار السعودية للاستشعار عن بعد ويهدف هذا المشروع إلى تنفيذ نظام متكامل للاستشعار الكهروضوئي بشقيه الفضائي والأرضي ويتميز بأنظمة متقدمة للتصوير الكهروضوئي بدقة 0,5م وعمر افتراضي يبلغ خمس سنوات ومخطط أطلاقه خلال هذا العام (2018). القمر السعودي (الأول) للاتصالات: قبل الحديث عن هذا القمر دعونا أولا نفسر معنى كلمة (الأول) التي وردت بين قوسين؛ فرغم أن المملكة بدأت بإطلاق أقمارها الخاصة منذ عقد السبعينات.. ورغم أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قامت بتصنيع واطلاق أكثر من 13 قمرا اصطناعيا منذ عام 2000؛ يعد هذا القمر (الذي وقع عليه مؤخرا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان) الأول من نوعه من حيث ثباته ومواجهته للنطاق الجغرافي للسعودية.. فالأقمار الاصطناعية (وبسبب دورانها السريع حول الأرض) تمر بشكل دوري ومتقطع فوق الدول والمناطق الجغرافية.. في حين أن هذه النوعية من الأقمار تدور (مع دوران) المنطقة المعنية فتبدوا ثابته فوقها الأمر الذي يجعلها أكثر كفاءة وفعالية ودقة في التشغيل.. وهي نوعية لا تملكها معظم دول العالم وتمنح المملكة مدارا (وطنيا) خاصا بها في الفضاء ناهيك عن استقلاليتها وحرية التصرف ببقية خدماتها.. مواصفات القمر الثابت القمر الذي وقع عليه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يعد ثمرة تعاون بين مدينة الملك عبد العزيز مع شركة لوكهيد مارتن.. وهو قمر (بمدار ثابت) متخصص بتقديم خدمات الاتصالات الفضائية الآمنة للجهات العسكرية والأمنية في المملكة. كما يغطي ويكشف مناطق شاسعة من المنطقة باستخدام تقنيات متقدمة تم توطينها في السعودية من خلال (اشتراطات تصنيعية مسبقة) تتضمن مشاركة المهندسين السعوديين في عمليات التصنيع في مقر الشركة في الولاياتالمتحدة. وهذا القمر بالذات يتميز بتقنيات تعد الأولى من نوعها وتعد الاكثر دقة وكفاءة حيث يبلغ وزنه ستة أطنان. ويصنف هذا القمر ضمن الأقمار كبيرة الحجم ويمتاز بتقنية الألواح الشمسية المرنة التي توفر طاقة اعلى ووزنا اقل بنسبه 30 % ويعادل امتدادها كاملة عرض ملعب كرة قدم.. أضف لهذا يمتلك القمر تقنية القفز الترددي المقاوم للتشويش ويستخدم انظمة دفع هجينة تطيل عمره إلى 20 عام الأمر الذي سيعزز ويراكم قدرات المملكة المستقبلية في هذا المجال.. أيضا سيوفر القمر السعودي للاتصالات الأول قدرات عالية و متقدمة للنطاق العريض (Ka-Band) بما يؤمن للقطاعات العسكرية والأمنية والمدنية شبكة فضائية للاتصالات المرئية والإنترنت والهاتف والاتصالات الامنة، تشمل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا (ومن المقرر تسليم منظومة هذه الأقمار في نهاية هذا العام). رحلة ولي العهد وتعزيز التعاون الفضائي بالإضافة إلى القمر الأخير تم (خلال رحلة ولي العهد لأميركا) الاتفاق على امتلاك صندوق الاستثمارات العامة حصة كبيرة في مجموعة شركات فيرجن غالاكتيك، وذا سبيس شيب، وفيرجن أوربت بمبلغ مليار دولار بإلاضافة ل480 مليون دولار كخيار إضافي في المستقبل.. وفي المقابل تساهم هذه الشركات الثلاث في دعم جهود المملكة في تطوير أنظمة الرحلات الفضائية المأهولة، وأنظمة إطلاق الأقمار الصناعية بتكاليف منخفضة، وتفعيل قطاع الترفيه المرتبط بالفضاء، وصناعات النقل الفضائية في المستقبل القريب... وتعاون كهذا سيحقق للسعودية استقلالية خاصة ومميزة لا تملكها معظم دول العالم في مجال الفضاء ناهيك عن إمكانية استقطاب استثمارات مربحة تتأتى من خلال الخدمات التي ستقدمها المملكة للدول الأخرى (تماما مثل أي شركة فضائية تقدم خدماتها لدول لا تملك قدرات خاصة بها). ومن أهم ما يميز هذا الاتفاق مع مجموعة شركات فيرجن، نقل الخبرات الفضائية في مجال الفضاء والصواريخ وأطلاق الأقمار الصناعية وتوطينها في السعودية.. وبهذا التوطين والاستثمارات المشتركة تكون المملكة قد ضمنت لنفسها استقلالية فريدة بين الدول العربية والإسلامية وتنقلها من دور المستهلك إلى المقدم لخدمات فضائية كثيرة تتنوع بين رصد وتصوير وبث ومتابعة وتعقب ملاحي وتنبؤ جوي. دور مدينة الملك عبدالعزيز مدينة الملك عبد العزيز هي الجهة الأبرز فيما يتعلق بالخدمات العلمية والأبحاث الوطنية ورعاية برامج الفضاء السعودية.. ومن أهداف المدينة الرئيسية توطين التقنيات الفضائية والأقمار الصناعية تماشيا مع رؤية السعودية لعام 2030.. فهي تحرص مثلا على إشراك المهندسين السعوديين في عمليات التصنيع في مقرات الشركات والدول المصنعة (كما رأينا في القمر الأخير الذي ساهم في تصنيعه فريق سعودي يعمل في شركة لوكهيد مارتن)... .. أما على الطرف الآخر من الأرض فتتعاون مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مع وكالة الفضاء الصينية في برنامج شانجي4.. وهي منظومة أقمار تملك أنظمة تصوير دقيقة تتفاوت بين 60 متر/بكسل إلى 38 متر/بكسل عند الارتفاعات بين 650 كم - 450 كم ومخطط أطلاقها 2018م.. أما (داخليا) فتقوم المدينة حاليا ببناء الأقمار الكهروضوئية المتقدمة وستقوم بتسليم بعضها نهاية هذا العام.. كما تتعاون مع الجامعات السعودية لبناء أقمارها التعليمية وتقديم الخبرات والاستشارات المتخصصة. إذا؛ لماذا لا نسمع عن صناعة الأقمار في السعودية؟ بقي أن نجيب على هذا السؤال الذي لابد خطر بذهن من يقرأ هذا التقرير.. وهو سؤال مشروع ولكنه لا يلغي الإنجازات السعودية العريقة في هذا الجانب.. فالقدرات السعودية -كما استعرضنا- تطورت منذ عقد السبعينات (حين كانت السباقة في استئجار قنواتها الخاصة) ووصلت هذه الأيام لمستوى المساهمة الفعلية في تصنيع وبرمجة وإدارة أقمارها الخاصة... أما لماذا لم نسمع بمثل هذه الإنجازات من قبل؛ فيعود ذلك لعدة أسباب، أهمها: * أن التنافس العلمي يقتضي أحيانا عدم النشر أو البوح بالتقنيات التي تعمل عليها الدول لاحتوائها على تقنيات جديدة وملكية فكرية تخشى تسربها خصوصا في الجانب العسكري (فمن كان يعرف مثلا أن السعودية تعمل منذ سنوات على انتاج طائرات عسكرية بلا طيار خاصة بها). * ولأن مدينة الملك عبدالعزيز هي في النهاية جهة علمية تنفيذية (وليست جهة إعلامية) لا تقوم بمشاركة إنجازاتها أو الإعلان عنها إلا بعد اكتمالها بشكل فعلي... * أما السبب الأهم فهو أن معظم الناس لا يميزون بين البحث العلمي والإنتاج التصنيعي.. فالجهد العلمي يقوم به فريق صغير من العلماء وينتهي بصنع نموذج مبتكر، أو اكتشاف غير مسبوق.. ليس من مهام الفرق العلمية تصنيع ابتكاراتها بشكل تجاري أو بيعها على عامة الناس في الأسواق فهذه مهام الشركات الكبرى مثل فورد وسوني وتويوتا.. وهذا الفارق (بين البحث العلمي والإنتاج الصناعي) هو ما يفسر تقديم "مدينة الملك عبد العزيز" لتقنيات وأبحاث لا يراها عامة الناس ولا يتم تصنيعها للأسواق.. غير المتتبع لانجازات المدينة العلمية يكتشف أنها نجحت ليس فقط في صنع أقمار صناعية تتوائم من المتطلبات السعودية؛ بل وصنع طائرات بلا طيار، وألياف كربونية متطورة، وأنسجة متقدمة لتحلية المياه... ليس من مهامها تصنيعها أو بيعها بشكل تجاري. كلمة أخيرة: النجاحات السعودية الأخيرة في مجال الفضاء والأقمار الصناعية ستنتهي حتما بظهور صناعة جديدة ترفد الاقتصاد الوطني بمجرد توطينها بالمملكة.. فالخدمات الفضائية تعد اليوم من أسرع الصناعات نموا ويتوقع لها مستقبلا زاهرا ونموا مضطردا.. لن تتوقف عند الخدمات العسكرية والمدنية التي تقدمها الأقمار الصناعية (رغم كثرتها وتنوعها) بل وستتجاوز ذلك إلى الرحلات الفضائية.. فخلال هذا القرن سيتمكن البشر (قبل السياحة فوق القمر والمريخ) من السفر بسرعة فضائية خارقة بين أطراف الأرض نفسها - حيث يمكن لطائرة فضائية في المدار المنخفض أن تصل بين الرياض وبكين خلال 47 دقيقة.. وفي جميع الأحوال ستكون المملكة شريكا استراتيجيا قويا وفاعلا لشركات فضائية كبيرة تسيطر على هذه الصناعة وتؤثر في قراراتها ومشاريعها المقدمة لكافة الدول.. ومن هذا المنطلق تبرز أهمية المشاريع التعاونية التي وقعتها السعودية أثناء زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأميركا.. وترقبوا نتائج زيارته لفرنسا. القمر السعودي (الأول) للاتصالات كفاءات وطنية تنقل صناعة الفضاء لمرحلة جديدة توطين الكفاءات في مجال الفضاء أحد الأهداف الرئيسة لزيارة ولي العهد Your browser does not support the video tag.