ما أن يقع المثقف في عشق الكتاب وسعة الاطلاع والتبحر حتى تبدأ كُتبه بالتكاثر والتناثر هنا وهناك ويوما بعد يوم وسنة بعد سنة، يصبح لزاماً عليه أن تكون لهُ مكتبته الخاصة لتبدأ بينهُ وبين أركانها ورفوفها علاقة متجذرة تحكي لنا الكثير عن جوانب مضيئة في تكوين شخصية هذا الأديب أو ذاك المثقف. تعد مكتبة د. مسعد العطوي الأديب والمؤلف والناقد والروائي والأكاديمي بجامعة تبوك ورئيس النادي الأدبي سابقا أول مكتبة شخصية تمثل ملتقى أدبياً ورافداً ثقافياً لمرتاديها من داخل تبوك وخارجها، كما تعتبر مثالاً مميزاً لترحال المكتبة المنزلية وتنقلها بين مناطق مختلفة في المملكة وخارجها. إذ خصص في كل منزل استقر فيه بمناطق المملكة مكتبةَ منزلية تضم القديم والجديد من الكتب لهذا أصبحت مكتبته غنية وجامعة لكل الفترات الزمنية التي عاصرها بتغيراتها وتحولاتها التاريخية والثقافية. يقول د. مسعد: إن المكتبة تمثل لعضو هيئة التدريس والأديب والمثقف شريان حياة، فهي مثل الغذاء اليومي تارة تتواجد أمام عينيه وتارة في عقله. المكتبة هي زاده وهي مجتمعه وهي أنسه وهي سعادته وأخيرا هي الصديق الصادق الذي يلازمه ويرافقه في كل مكان. هي زهور المثقف المتناثرة في منزله. المكتبة حياة فكر ومنبع ثروته الفكرية وموطن ثروته المادية وهي أيضا مزرعته التي يجول بين أشجارها وأغصانها ويزهو بها فرحا وفخرا أمام زائريه. هي أيضا إحدى معالم زيارته لأي مدينة وهي مناط بصره عند زيارته للآخرين. ويذكُر العطوي أن نواة المكتبة وبدايتها كانت بجائزة مدرسية تمثلت بمعجم المنجد –مازال يحتفظ به- وبتشجيع من معلمه اشترى كتاب التمثيل لطه حسين قبل ان يعرف مفهوم التمثيل أو يرى مشاهده إذ لم يستفد منه إلا متأخرا ثم اعتاد شراء الكتب بالجامعة، وخصص خمسين ريالا شهريا من أصل المكافأة آنذاك 315 ريالا لشرائها. ومازال د. مسعد الذي شغف حبا بكل ما تحويه زوايا مكتبته ورفوف كتبه ذاكرا لأول كتاب امتلكه من راتبه الأول وهو كتاب العقد الفريد ونظرا لأن دراسته في مصر فإنه اعتاد أيضا أن يعود محملا بمجموعة من الكتب إن كان بالحقائب أو يحملها بأكياس بكلتا يديه. واستمر د. مسعد في شراء كل ديوان شعري محقق أو مطبوع معاصر ثم المؤلفات السعودية والروايات الوطنية. وكان قبل ذلك قرر في وقت مبكر شراء أمهات الكتب مثل الأغاني والكامل والأمالي ومعاجم الأدباء وصبح الأعشى وسيرهم. وحرص على كتب التفاسير وقد سجل بحث التخرج عن ظلال القرآن، والآن موجوده كتب التفاسير بطبعات مختلفة. كما لم يغفل المجلات المحكمة مثل الفكر والمنهل ومجلات المجامع والجامعات. كما حرص على السفر حيث تقام معارض الكتب. وما ساهم في توسع المكتبة الخاصة للعطوي ارتقاؤه لفضاءات الكتابة والتأليف إذ يملك رصيدا كبيرا من المؤلفات والبحوث في الأدب والتاريخ والفكر الإداري والتربوي. أما عن عدد الكتب في المكتبة يؤكد د. مسعد أنه لا يستطيع أن يحصيها ولكنها تتجاوز عشرة آلاف كتاب وتم ترتيبها بحسب الاختصاص وكثيرا ما يضيع الكتاب حين حاجته فيشتري آخر مع يقينه بوجوده في المكتبة. و يحكي د. مسعد بأنه حاول أن يزرع مثل هذا الشغف لدى طلابه حين انتقل الى تبوك إذ كلف الطلاب بإعداد بحث عن المكتبات الخاصة في منطقة تبوك وكانت المفاجأة بأنها لا تتجاوز عدد أصابع اليد وحينما رأي بأنها قليلة حثهم على تأسيس المكتبات المنزلية معتبرها ثروة حقيقة لمن يمتلكها. وعن دور مكتبته يقول بأنها مصدر أبحاثه وقل أن يذهب إلى المكتبات لثرائها بالكتب والمصادر والمراجع وهي معلم من معالم تبوك قام بزيارتها كثير من الوزراء والعلماء وسجلوا انطباعاتهم في سجل الشرف كما زارها عدد من عضوات التدريس في الجامعات والباحثات والصحفيات. وكثير من طلاب الدراسات العليا نهل منها واستعار كتبا كثيرة منها. وباعتبار أن مايعمر المكتبة هي القراءة وطلاب العلم الذين يهتمون بالأبحاث والدراسات العليا.. اختار العطوي "الرياض" ليوضح مصير مكتبته حينما قال: اوصي بأن تودع مكتبتي الخاصة في مكتبة جامعه تبوك. المكتبة تضم أكثر من عشرة آلاف كتاب Your browser does not support the video tag.