تسعة لاعبين افتتحت بهم هيئة الرياضة مشروع تطوير اللاعبين السعوديين عبر إعارتهم إلى "اللاليغا" الإسبانية بجميع فئاتها وهم يحيى الشهري (ليغانيس)، وفهد المولد (ليفانتي) وسالم الدوسري (فيا ريال) وجميعهم في دوري الدرجة الأولى وعلي النمر (نومانسيا) وعبدالمجيد الصليهم (رايو فالكانو) وعبدالله الحمدان (سبورتينغ دي خيخون) ونوح الموسى (بلد الوليد) واللاعبون (المواليد) مروان أبكر (ليغانيس) وجابر مصطفى (فياريال) في دوري الدرجة الثانية، وهو احتراف أشبه بابتعاث مجموعة من الطلاب للخارج لتحضير ونيل درجة الماجستير، إلا أن الطلاب أنفسهم لم يكملوا البكالوريوس بعد، احتار الكثيرون في ماهية الهدف الأهم من أجل إعارة اللاعبين للخارج، هل هو من أجل كأس العالم، أم من أجل تطوير اللاعبين، وتعدد الهدف ليصبح أهدافاً أكثر من زوايا أوسع تفاؤلاً وأكثر أملاً لرؤية جيل جديد يرفع الكرة السعودية إلى مدار أعلى قيمة يقترب به أكثر فأكثر من أباطرة الكرة حول العالم في أوروبا وأميركا اللاتينية، كما سبقنا في هذا المجال أشقاؤنا في الدول العربية من مصر وتونس والمغرب والجزائر، إلا أن هذه الآمال والطموحات تلاشت تماماً عندما تكرر منظر استبعاد "ثلاثي الأضواء" وأحد أهم لاعبي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم يحيى الشهري وفهد المولد وسالم الدوسري من مباريات أنديتهم واحدة تلو الأخرى والأمر ذاته ينطبق على باقي اللاعبين باستثناء اللاعبين علي النمر وعبدالله الحمدان اللذين استطاعا الدخول في أجواء المباريات بشكل رسمي في بداية مشجعة لكنها بحاجة لأن تكون بفاعلية أكبر. تعددت الأسباب حول هذا الإخفاق ورأى الجمهور الرياضي أن هناك أسباباً عدة دفعت الأجهزة الفنية في الأندية الإسبانية إلى تجميد مشاركات اللاعبين السعوديين وإبقائهم بعيداً عن التشكيلة الأساسية والاحتياطية حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، منهم من رأى أن الأسباب فنية وآخرون رأوا أن فارق الإمكانات والقوة بين الدوري الإسباني والدوري السعودي كان سبباً في ذلك وارتأى آخرون أن السبب هو الوقت غير المناسب لإعارة اللاعبين قبل نهاية الموسم بثلاثة أشهر في وقت كان من المفترض أن تبدأ الإعارة قبل بداية الموسم. من الناحية الانضباطية وكيفية تأثيرها على المستوى الفني يرى المدير السابق لأكاديمية نادي الاتحاد ناصر المحمادي أن الانضباط الإداري يجب أن يكون نابعاً من اللاعب نفسه قبل أن يتم فرضه عليه وقال: "اللاعب لا يجد الالتزام في الأجواء المحلية التي تعودت على السهر والغذاء غير الصحي وقلة التدريبات عكس ما هو متعارف عليه في الوسط الرياضي عالمياً والذي يعتمد بشكل رئيسي على أهمية توفير بيئة خارجية مناسبة وصحية للاعب قبل الانطلاق في التدريبات لذلك من الأفضل أن يتم إصلاح المنظومة الإدارية محلياً من خلال فرض التدريبات الصباحية وإقامة المعسكرات الشاملة رياضياً وثقافياً للاعبين حتى يتعود اللاعب على نظام الاحتراف بمعناه الحقيقي ليستطيع مجاراة اللاعبين في الخارج". غياب التهيئة النفسية.. يرى المدرب الوطني عمر العيدروس أن اللاعبين المعارين لإسبانيا افتقدوا للتهيئة النفسية لتجهيزهم لأجواء الاحتراف الخارجي وقال: "خروجهم من الجو المحلي المحاط بالأسرة والأصدقاء والأقارب إلى جو الغربة بشكل متسارع من دون سابق إنذار أضاف نوعاً من الرهبة لديهم مما كان سبباً في إعاقة تطويرهم الذي كان من الممكن تجاوزه بإحضار مستشارين فنيين ذوي خبرة عالية لتجهيز اللاعبين نفسياً وفنياً قبل ذهابهم للخارج بالإضافة إلى إرسال أهل اللاعب معه ليكونوا عوناً وسكناً له بعد انتهائه من التدريبات، وأفضل الاحتراف الخارجي هو الذي يبدأ للاعبي الأكاديميات اليافعين بتجهيز أجواء احترافية متكاملة شاملة الأمور الفنية والصحية وتأمين كل احتياجاتهم ومتطلباتهم مع الاستعانة بخبراء عالميين في هذا المجال حتى يصل الناشئ لعمر 18 عاماً، حينها يكون مهيئاً فكرياً للاحتراف الخارجي وقادراً على تجاوز كل التحديات والصعاب". وبسؤالنا لعمر عن المولد وما يراه فيه من نقاط ضعف بحاجة إلى تطوير بصفته المدرب الذي أشرف عليه منذ نشأته في الفئات السنية واستمر معه حتى لمع نجمه وذاع صيته قال: "المولد في بداياته كان ينقصه الجانب المهاري واستطاع طوال فترة تدرجه في الفئات السنية إلى الفريق الأول وتحت إشراف مدربين كبار من تطوير هذا الجانب، وكذلك تحسين مهارة التسديد نحو المرمى مما مكنه من أن يحجز مركزاً مهماً له ضمن المنتخب لكن يُخشى الآن أن يفقد كل هذه الميزات في بقائه على دكة البدلاء طوال هذه الفترة في إسبانيا والتي كان من الممكن تجاوزها لو تمت إعارة اللاعب في نادٍ آخر حتى يضمن المشاركة واللعب حتى ولو لم ينل الصيت والشهرة". الجاهزية الصحية مفقودة من زاوية أخرى يرى الدكتور أيمن الحماد الباحث في الإصابات الرياضية بجامعة سالفورد في مانشستر أن عضلات اللاعب السعودي تفتقد إلى القوة اللازمة لتحمل التدريبات المكثفة التي تُفرض عليه تحت إشراف طاقم طبي يجري له العديد من الاختبارات اللياقية الاحترافية منها اختبارات فحص التحمل واختبار قياس استجابة العضلة وفحص قياس التجانس العضلي الحركي، وهذه الاختبارات وغيرها تعتمد كلياً على مقاييس محددة لا تعرف الاجتهاد أو المجاملة لمعرفة كفاءة اللاعب ومدى جاهزيته للعب مع الفريق وقال: "نتائج هذه الاختبارات أحد أهم الأسباب التي أبعدت اللاعبين عن المشاركة لكن في المقابل هي تعد خطوة بالغة الإيجابية إذ إنها ستعزز من قوة اللاعبين وستطور أكثر من قواهم البدنية والعضلية مما سيعطي لهم الفائدة القصوى على المدى البعيد ويبقى عليهم فقط التركيز الذهني وعدم الاستسلام لأن الفائدة ستحدث لهم حتماً في ظل توفر البيئة الاحترافية المناسبة لهم". Your browser does not support the video tag.