كان من أكثر الموضوعات جدلا في فترات التحول الاقتصادي وتبني برامج الخصخصة، ماكان يصاحب ذلك التحول وتلك البرامج من فساد يتهم فيه البعض قدرتهم على الاستفادة والتكسب غير المشروعين مما تطرحه الدولة من برامج ومشروعات وتنقلها من ملكية الحكومة إلى ملكية القطاع الخاص. لا يقتصر ما يثار حول الطريقة التي يتم بها تقييم تلك المشروعات وما صاحبها، أحيانا، من إجحاف في حق الحكومة، مالكة تلك المشروعات في الأساس، وبالتالي استيلاء على حق المواطن حيث هو شريك في ما تملكه الحكومة، وإنما يمتد أيضا ليشمل قدرة البعض، بحكم توفر المعلومة لديه أو خبرته بعالم التجارة والأسواق، على التميز على غيره من بقية المواطنين وبالتالي الحصول على نصيب الأسد من تلك المشروعات مما يؤدي إلى تراكم ثروة غير مشروعة لدى البعض على حساب البعض الآخر. إضافة إلى ما سبق هناك الفساد الذي يحدث عند التوظيف سواء ما يخصص من مبالغ ضخمة لتوظيف القياديين أو ما يقوم به بعض المتنفذين من توظيف للأقارب والأصدقاء برواتب ومزايا مبالغ فيها. ربما هذه الأمور، وغيرها، هي ما دعا الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) أن تختار موضوع النزاهة ومكافحة الفساد في برامج الخصخصة ليكون عنوانا لمؤتمرها الثالث، الذي سيقام تحت رعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين. تسعى الهيئة في ذلك المؤتمر إلى مناقشة ما يصاحب برامج الخصخصة من فساد وما قامت به الدول الأخرى من جهود للحد، إن لم يكن القضاء، على محاولات من يسعى لاستغلال ذلك لمنافع شخصية. من أهداف الخصخصة الرئيس تحسين الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين من خلال إسنادها للقطاع الخاص، بحيث يبقى دور الحكومة مشرعا ومراقبا للكيفية التي يتم بها تقديم تلك الخدمات. إلا أن هذا الهدف السامي يجب ألا يقود إلى أهداف أخرى يسعى البعض لاقتناصها ومنها الفساد والإثراء السريع سواء عند طرح المشروعات، أو التحكم لاحقا من خلال احتكار ما يقدم للمواطن من خدمات وتقديمها بسعر مبالغ فيه أو بجودة لا ترقى إلى الطموح والتوقعات. لقد أحسنت نزاهة اختيار هذا الموضوع ليكون عنوانا لمؤتمرها هذا العام، ولكن المهم أن يتم النقاش في هذا المؤتمر بالشفافية والوضوح ومناقشة كل الأبواب والنوافذ التي قد يتسرب منها الفساد عند الشروع في برامج الخصخصة الجديدة، دون أن يقتصر فقط على ما يصاحب التحول من فساد وخلافه، ولكن يمتد أيضا ليشمل كيفية إدارة التحول وما بعد التحول عندما ينفرد القطاع الخاص بتقديم تلك الخدمات للمواطنين. Your browser does not support the video tag.