يقوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بافتتاح أعمال منتدى الرياض الإنساني الدولي حيث سيجتمع في هذا الحدث قادة العالم والعاملين في مجال المساعدة الإنسانية ويعد المنتدى فرصة سانحة للمملكة ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لعرض ريادتها في تقديم المنح الإنسانية وتطوير السياسة العالمية في هذا الصدد، إنني بدوري أشيد بهذه المبادرة الكريمة التي تدعمها المملكة المتحدة على المستويين الاستراتيجي والفني. إن الحاجة للمساعدات الإنسانية العالمية الآن أصبحت أكبر من أي وقت مضى، حيث إن عدد الأفراد الذين تضرروا من جراء الأزمات قد تضاعف على مدار العقد الماضي، واليوم يوجد 135.7 مليون شخص في حاجة إلى الدعم الإنساني، ومنهم ما يزيد عن 100 مليون شخص يتلقون المساعدات وهناك حاجة إلى 22.5 مليار دولار أميركي لسد هذه الاحتياجات. وفي هذه المنطقة فإن اليمن وسورية والصومال والسودان والعراق هي حالات للمعاناة البشرية المروعة حيث أسفر الصراع والإرهاب عن انتشار النزوح وانهيار الأنظمة الداخلية، إن الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الإعاقة قد تضرروا بصورة أكبر من غيرهم وهم من الفئات المعرضة للخطر على نحو خاص. تعد المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة من المانحين الرائدين للاستجابة العالمية وهو أمر يجب أن نفخر به للغاية. وعلى المستوى العالمي فإننا نواجه تحديات إنسانية متزايدة ممثلة في الكوارث الطبيعية، واستمرار الجفاف الذي يؤدي للمجاعة والفيضانات المدمرة، لقد أدى التغيير المناخي إلى التصحر وزيادة مستوى سطح البحر وعلى الرغم من استمرار النمو السكاني العالمي إلا أن المساحة الزراعية المتاحة في تقلص مستمر الأمر الذي من شأنه الإشارة إلى استمرار الحاجة إلى المساعدات الإنسانية ويتطلب استجابة شاملة على المدى الطويل تتضمن حماية البيئة على المستوى المحلي والعالمي إضافة إلى تنمية الإحساس بتغيير المناخ ووجود إدارة قوية لمعالجة مسبباته. تقتضي كافة هذه التحديات تنسيق نهج عالمي حيث إنه بالإمكان دائماً أن تكون الأنظمة الإنسانية الدولية أكثر استجابة وشفافية. وأصدرت المملكة المتحدة العام المنصرم "نظام الإصلاح الإنساني" الخاص بها مع تركيز على استجابات إنسانية أكبر وأفضل وأسرع. ونحن بدورنا ندرك الحاجة إلى نهج طويل المدى للأزمات الممتدة والذي يشمل دعم سبل كسب العيش للدول والمجتمعات التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين. وقد التزمنا بتحسين الجاهزية والصمود للحد من الآثار السلبية للأزمات أو الكوارث ويشمل ذلك استثمار الآليات المالية مثل أنظمة التأمين، كما أننا نؤكد على أن تكون الأنظمة الإنسانية المسؤولة عن إدارة وتقديم المساعدات شفافة وتخضع للمساءلة، وذلك يتضمن معايير رفيعة وجودة في الإدارة من قبل شركائنا. إن الاستجابة للأزمات الإنسانية تعد أمراً معقداً ومكلفاً. وإنني مدرك للحاجة إلى تطوير الأنظمة بصورة مستمرة علماً أن التنسيق يعد ضرورياً لتحقيق النجاح. يركز جدول أعمال منتدى الرياض الإنساني الدولي الافتتاحي على تحسين هذه الأنظمة، تقوية العلاقات والنهج المبتكرة لمستقبل الأنظمة الإنسانية وتقديمها. كما أرحب بهذه الفرصة لتحديد كيفية القيام بما هو أفضل حيث إن المستفيدين من المساعدات الإنسانية يستحقون ذلك. وأخيراً أود أن أتطرق إلى الجانب الروحي المتعلق بالاستجابة الإنسانية وهو البعد الإنساني المتعلق بالعطاء، وهو البعد الذي حث عليه الإسلام والأديان السماوية الأخرى. لقد خلق الإنسان في هذه الحياة ليخدم نفسه والآخرين. ولذلك فإن لكل إنسان دور في هذه الحياة، سواء كان هذا الإنسان قوياً أم ضعيفاً، غنياً أو فقيراً. ولكي تستقيم الحياة يجب على القوي أن يساعد الضعيف وعلى الغني أن يساعد الفقير. كما يجب على الإنسان أن يتنبه إلى حقيقة أن دوام الحال من المحال، وأن المعطي اليوم قد يكون الآخذ غداً. وفي المجتمعات الإسلامية تتجلى صفة العطاء سواء عن طريق الزكاة أو الصدقات العادية. وعلى عكس ما يفهم البعض، أن العطاء، فيما يتعلق بالزكاة أو الصدقة ينتج عنه نقص ولكن العطاء في حقيقة الأمر هو النماء والزيادة. وأن في قضاء حاجة الناس لذة لا يعرفها إلا من جربها ولذلك حث الإسلام والأديان السماوية الأخرى على العطاء. وفائدة العطاء تتعدى مصلحة الفرد سواء كان معطياً أم آخذاً إلى مصلحة المجتمع. فالعطاء يزيل الأحقاد والضغينة بين الناس ويقوي اللحمة الوطنية وينتج مجتمعاً متسامحاً ومتكافئاً. * وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية Your browser does not support the video tag.