يُشكّل «تنوع مصادر الدخل»، عنواناً وطنياً مهماً، بل وهدفاً استراتيجياً، يستحق أن تتظافر حوله كل الجهود والخبرات والقدرات، فبعيداً عن عوائد إنتاج وتصدير النفط الذي يُمثّل المصدر الأول والأهم في وطننا العزيز، حان الوقت لأن تشتعل حمى المنافسة القوية بين مختلف المصادر والمنابع الوطنية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتنمية وتطوير وازدهار الوطن. ويبدو أن حزمة هذه المصادر في تكاثر وتنوع مستمر، ولعلّ أبرزها «البرنامج الوطني للمعارض والاجتماعات» الذي يُعتبر خطوة رائدة في صناعة الاجتماعات، بل وقفزة واسعة في فضاءات الاستثمار في هذا «القطاع الكوني» الذي يُعدّ علامة فارقة في مصادر القوى الناعمة التي أصبحت محل اهتمام العالم. ومنذ خمس سنوات فقط، بدأ هذا البرنامج الطموح الذي أقره مجلس الوزراء بهدف لمّ شتات عالم واسع ومنفلت يضم المعارض والمؤتمرات والملتقيات والاجتماعات التي تغص بها روزنامة الفعاليات الوطنية، ليكون تحت مظلة وطنية متخصصة وهي البرنامج الوطني للمعارض والاجتماعات. ويهدف هذا البرنامج الطموح إلى تنظيم وتطوير وتسويق صناعة الاجتماعات الوطنية بشكل كامل، والعمل على تنميتها وزيادة فاعليتها، ووضع الخطط اللازمة لتوفير البيئة المناسبة لنجاحها وتعزيز قدراتها. في وطننا العزيز، تُقام الآلاف من الفعاليات المتنوعة في العام الواحد والتي يُمكن إدراج الكثير منها ضمن حزمة المؤتمرات والملتقيات والاجتماعات، وهذا الكم الهائل من «الاجتماعات» يتطلب قدراً كبيراً من الاهتمام والتنسيق والمراقبة، وهذا ما لا تستطيع الجهات المختلفة التي تنظم تلك الفعاليات أن تقوم به بشكل مهني واحترافي، لذا كان من الضروري وجود «خيمة جامعة» تستظل بها كل تلك الفعاليات الموزعة والمبعثرة. ولنا أن نتخيل - بل نتيقن - حجم العائدات من كل هذه الاجتماعات والمعارض والمؤتمرات والملتقيات والفعاليات، سواء على خزينة الدولة أو تنمية المجتمع، إذ تستطيع كل فعالية أن تُحدث تموجات اقتصادية واجتماعية وإعلامية، تُسهم في تحريك عجلة التنمية الوطنية على كافة الصعد والمستويات، هذا إذا أحسن تنظيمها واستثمارها وتسويقها. والسؤال هنا: هل هذا ما يحدث في مؤتمراتنا وملتقياتنا واجتماعاتنا؟. والسعودية بما تملك من بعد ديني وثقافي وتاريخي وحضاري واقتصادي، هي قلب العالم العربي والإسلامي، وبوصلة الاقتصاد والاستثمار العالمي، تستحق أن تكون محطة جذب رئيسة في طريق «قوافل الاستثمار العالمي»، ولعلّ قطاع الاجتماعات الدولية الذي يُمثل طفرة اقتصادية كونية، هو بوابتنا لذلك. وبشيء من الصدق والشفافية والموضوعية، لابد من الاعتراف بأن الكثير من ملتقياتنا ومؤتمراتنا واجتماعاتنا التي تُقام في تلك القاعات الفارهة على امتداد الوطن، لم تكن سوى «تجمعات نخبوية» لم تُقدم شيئاً يُذكر للوطن، وهنا تُعلّق الآمال على «البرنامج الوطني للمعارض والاجتماعات» لقيادة هذا القطاع الحيوي الهام الذي يُحقق أرباحاً سنوية تصل إلى 800 مليار دولار على مستوى العالم. في الملتقى السعودي لصناعة الاجتماعات الذي أقيم قبل عدة أيام في العاصمة الرياض، شاهدت بعيني اهتمام الشركات العالمية الشهيرة في هذا القطاع بمستقبل صناعة الاجتماعات في السعودية التي تشهد حضوراً قوياً على أجندة المحافل الإقليمية والدولية. في هذا الملتقى الرائع، كانت الدهشة الأكبر صوب الطاقات الشبابية السعودية التي تملك العلم والمعرفة والإرادة، وتتحدث بجرأة وبصيرة وخبرة وبكل اللغات. شكراً لعرّاب الملتقى الشاب السعودي الرائع طارق العيسى المدير التنفيذي للبرنامج الوطني للمعارض والاجتماعات ولرجل التسويق الملهم فهد العرفج ولكل الكوكبة الملهمة لهذا البرنامج الوطني الطموح، والتي أكدت بما لا يدعو للشك بأن قوة الوطن في شبابها القوي. Your browser does not support the video tag.