بادرتنا وزارة التجارة والاستثمار الأسبوع الماضي بهاشتاغ مثير للجدل نُصب في لوحات إعلانية ضخمة في مدينة الرياض، وأعتقد بقية مدن المملكة، وسمَ #مايحتاج الذي أعلن عن ستة تسهيلات جديدة في مجال خدمات وزارة التجارة والاستثمار التي لا تتطلب الحضور الشخصي وكان منها مجال يتعلق بالمرأة ينص على: «#مايحتاج موافقة ولي الأمر لإصدار السجل التجاري». وقد بادرنا بالمقابل نساء ورجالاً بالتبارك بهذه الخطوة المتقدمة من قبل الوزارة استجابة للأمر الملكي السامي الذي أمر به خادم الحرمين بإتاحة الخدمات للمرأة السعودية دون شرط «الولي» ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية والذي صدر في 5 / 5 / 2017. لكن ولكن ولكن، وبعد فرحة وتصريحات في تويتر والإعلام وبعد مراجعة وسؤال لذوات الاختصاص من سيدات الأعمال المخضرمات في شأن المطالب النسائية في وزارة التجارة، اتضح أنه لم يكن هناك في الأساس ما يتطلب موافقة ولي الأمر لاستصدار سجل تجاري، وأن هذا أمر كان قائماً حتى العام 2009 من خلال فرض وكيل شرعي وكفيل غارم على المرأة التي تنشئ مشروعاً تجارياً، وقمتُ آنذاك وبريادة من كل من سيدتي الأعمال الدكتورة عائشة المانع وعالية باناجه بالمطالبة بأن يُرفع الوكيل الشرعي والكفيل الغارم عن المرأة وفق مطالبات مستمرة نتج عنها الاستجابة وإزاحة هذا الشرط وتحرير المرأة من سيطرة من كان يوقّع بالنيابة عنها ويجري العقود باسمه قبل اسم صاحبة الشأن، انظر مقالي في الرياض «سيدات الأعمال السعوديات يرفضن المدير العام»، 3 / 5 / 2009). وبعد ذلك استبْقت الوزارة مديراً للمشروعات التي تكون موجهة للجنسين، ومن بعد ذلك تم حذفها هي الأخرى من الاشتراطات المفروضة على أعمال ومشروعات النساء بعد معاودة الاعتراض. صحيح أن هناك كثيراً من التعقيدات التي ما زالت تواجه المرأة عندما تنشئ مشروعاً تجارياً، لا سيما من ناحية ملاحقة الشؤون البيروقراطية للعمالة والتراخيص الخاصة بالبلدية وغيرها من تفاصيل لا تنتهي، وهي ما تحاول وزارة التجارة والاستثمار أن تجمعها في مكان واحد إلكتروني من خلال مبادرة «مراس» (مبادرة اللجنة التنفيذية لتحسين أداء الأعمال في القطاع الخاص المنبثقة من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والتي يترأسها وزير التجارة والاستثمار) واختصارها «تيسير». وتقوم بتسهيل إجراءات البدء في ممارسة الأعمال التجارية من خلال تقديم كافة الخدمات إلكترونياً بشكل ميسر. وإن شاء الله تبادر الوزارة باقتراحات وتسهيلات تكون موجهة للنساء بالتحديد لا سيما في المناطق الريفية والنائية لتساعدهن على استكمال إجراءات تأسيس مشروعاتهن وإدارتها ومتابعتها دون الحاجة لكثير تعقيد أو للاعتماد على رجل بالذات. فكلنا ندرك أن مشاركة المرأة السعودية الاقتصادية هي الأضعف في العالم وأن ظاهرة الفقر المؤنث واقع في مجتمعنا لا نستطيع إنكاره وأمامنا طريق طويل لنحلحل مفاصل آلة تشغيل اقتصادنا ليسهل استثمار النساء بعيداً شيئاً فشيئاً عن معدلات البطالة المخيفة التي تحجب النساء عن العمل الحلال. فحسناً تفعل وزارة التجارة والاستثمار بمبادراتها التحديثية، ونذكّر بقية الوزارات ذات الارتباط بمصالح النساء بتقديم جردتها ومراجعتها لما لديها، وتحديث أنظمتها بما يحقق المصلحة العامة. Your browser does not support the video tag.