خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر تم اكتشاف 5 مخطوطات قديمة تتحدث عن رحلات ابن بطوطة.. نقلت فوراً إلى المكتبة الوطنية في باريس حيث تمت دراستها على يد العالمين الفرنسيين ديفريمري وسانقوينيتي.. وفي عام 1853 نشراها في خمسة مجلدات ترجمت إلى عدة لغات وكانت سبباً في شهرة ابن بطوطة حول العالم.. والعالم العربي!! وابن بطوطة قاض وأديب ومؤرخ واسمه الحقيقي محمد بن عبدالله بن محمد اللواتي.. ولد بطنجة عام 703 للهجرة خلال عهد الدول المرينية، وخرج منها في رحلة طويلة ولم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره.. تسمّى باسم أمه (بطوطة) ويرجع نسبه إلى أسرة من الأمازيغ امتهنت القضاء المالكي.. وبعد ثلاثين عاماً من الترحال عاد إلى المغرب وأملى تفاصيل رحلته في كتاب دعاه (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار).. وهو كتاب مذهل بمعايير ذلك الزمان لدرجة ترجم إلى معظم اللغات الأوروبية وأصبح يلقب في أوروبا بأمير الرحالة المسلمين. أول رحلة طويلة قام بها كانت بهدف الحج حيث زار في طريقه مدن الجزائر وتونس ومصر وفلسطين والشام والحجاز حتى وصل إلى مكةالمكرمة.. كتب بنفسه عن هذه الرحلة قائلاً: رحلت من طنجة يوم الخميس 2 رجب 725 للهجرة ناوياً حج بيت الله وزيارة قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم منفرداً عن رفيق أنس به أو راكب أكون في جملته... فحزمت أمري على هجر الأحباب وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور وكان والدي على قيد الحياة فتحملت بعدهما وصباً ولقيت كما لقيت نصباً».. في رحلته الأولى (بين عامي 1325-1332) زار الجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، والشام، والحجاز، ومكة، والصومال، ونجد، والعراق، وبلاد فارس.. وفي رحلته الثانية (بين 1332–1346) زار أفغانستان وأوزباكستان وتركمانستان والهند وإندونيسيا وماليزيا وجزر المالديف وشرق آسيا وجنوب الصين - وعاش ثمان سنوات في مدينة دلهي الهندية عمل خلالها قاضياً.. وبعد ربع قرن من الترحال عاد عام 1349 إلى مدينته طنجة حيث علم أن والده مات منذ خمسة عشر عاماً ووالدته قبل عدة أشهر فقط.. وبعد فترة قصيرة قضاها في طنجة بدأ رحلته الثالثة (1349-1354) حيث سافر إلى الأندلس قبل أن يعود منها إلى إفريقيا ويزور موريتانيا ومالي والصحراء الكبرى.. وبعد 30 عاماً في الترحال وزيارة كافة القارات المعروفة في ذلك الوقت، أمر حاكم المغرب (السلطان أبو عنان المريني) بتدوين رحلات ابن بطوطة واختار لهذه المهمة فقيهاً أندلسياً بليغاً هو ابن جزي الكلبي أملاها عليه في فاس عام 756ه.. ومن خلال المواقع التي ذكرها في كتابه يمكن القول: إن ابن بطوطة زار 44 دولة (حديثة) وقطع 121000 كلم.. وهي مسافة تفوق رحلات ماركو بولو وتتجاوز أي مسافة قطعها إنسان قبل اختراع البوينغ والأيرباص. Your browser does not support the video tag.