كيف نستطيع أن نقدم أدباً راقياً وذلك لايأتي «فجأة»، صحيح أن الإبداع يولد أحياناً مع الفطرة، لكننا يجب أن نصنع روحاً بلغة شاعرة، من هنا جاء مصطلح أدب الطفل وهو أحد المصطلحات للفنون الأدبية من نثر وشعر، والتي تُؤلف للأطفال دون سن المراهقة، هذا الفن الأدبي الذي بدأ في القرن السابع عشر الميلادي في أوروبا تحديدا، وازدهر في القرن العشرين. وفي العالم العربي ظهر في العام 1910م، وتحديداً من خلال أمير الشعراء أحمد شوقي في ديوانه (شوقيات) 1898م. في هذا التحقيق نحاول أن نقدم قضية أدب الطفل من خلال هذه التساؤلات: هل بالفعل لدينا في وقتنا الحاضر أدب للطفل؟ وهل أسهمت مكتباتنا العربية في إثراء مكتبته؟ وهل أسهمت كذلك التقنيات الحديثة في بث الإبداع لأطفالنا؟ استطلعنا آراء عدد من المهتمين بهذا الخصوص.«اهتمامات الطفل» في البدء تحدث القاص ابراهيم شيخ مؤلف متخصص في قصص الأطفال قائلا: إن المكتبة العربية تحاول جاهدة أن تقدم للطفل العربي أدباً يلبي كل رغباته لكنها لم تنجح بسبب أفلام الكرتون الأجنبية التي استولت على اهتمامات الطفل وجذبته لها والسبب الثاني نظرة المجتمع العربي لأدب الطفل للمادة والربح قبل الفائدة ولذا تجدهم يحجمون عن الطباعة للطفل إلا ما ندر خوفاً من الخسارة ولذا حتى الآن لايوجد أدب حقيقي للطفل يستولي على اهتمامات الطفل ويغنيه عن ما يصنعه الآخرون له حتى ولو كان مضرا، اذا ما نظرنا لما يقدمه الذين لا يدينون بدين الإسلام للطفل وقصدهم الكسب المادي ولا يهتمون بدينه وأخلاقه مما جعل المسلمين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً على أبنائهم مما يقدمه لهم الأعداء خصوصاً وهو يتلقاه بنهم ويصغي له بكل اهتمام وقد حاولوا ثني الأطفال عن مشاهدة تلك المواد لكنهم لم يستطيعوا وفي نظري أنه لا يوجد حل جذري إلا بمضاهاتهم بمواد فاعلة مثلما يقدمونه لكنها تربي الطفل على قيمنا الإسلامية السمحة. وأضاف نستطيع أن نجعل الطفل ينشأ منذ طفولته يعشق اللغة الشاعرة ويعنى بالأدب إذا جعلنا هدفنا الأسمى هو تعليمه قبل الربح والخسارة وفي نظري أن الإمارات تخطو بخطوات ثابتة نحو تحقيق ذلك خصوصاً إذا استمرت فيما هي تسعى نحوه. «آفاق أرحب» عيسى نهاري أحد الشباب المبدعين والفائز بالمركز الأول في القصة على مستوى إدارات التعليم بالمملكة العام الماضي فينطلق من رؤيته أن أدب الطفل من الفنون الأدبية المخاتلة، والتي ليس من السهل خوض غمارها، لأنها تحتاج لغة شفافة واضحة غير متكلفة وهذا يشكل تحدياً كبيراً لأي كاتب، هناك أدباء سعوديون أبدعوا في هذا المجال لاسيما بفن القصة القصيرة كجبير المليحان وغيره من الرواد. وأضاف نهاري أن القراءة التي أعتبرها أيسر السبل لإنشاء جيل واعٍ محب للغة والفنون الأدبية المختلفة، والأدب العربي والعالمي زاخر بالعديد من المؤلفات والكتب التي تقدم أدباً راقيا يستحق أن يكون بين أيادي أبنائنا. والاهتمام بالمكتبة المدرسية كذلك أمر ملح، ومن المؤسف أن الاهتمام بالمكتبة المدرسية تدنى ولم تعد تشكل مرفقا ثقافيا ينمي شغف الطفل بالمعرفة كالسابق، ولا المكانة هي نفسها المكانة التي قد تحصلت عليها قديما؛ كل ذلك أدى إلى جيل بعيد عن الثقافة والأدب والفن. واعتبر أن ميزة أدب الطفل لاسيما المترجم منه يفتح للطفل آفاقا أرحب، ويتلقى من خلاله دفقات عالية من الخيال، وتجعله متقبلا للثقافات المختلفة مستقبلا. وفي رأيي أنه متى ما برز النقد الأدبي والمبادرات المختلفة في فن أدبي؛ فإن ذلك تأكيد تام حول نقلة نوعية بالانتاجات الأدبية التي تخص هذا الفن، وكذلك فيما يخص أدب الطفل فهناك الكثير من الدراسات النقدية التي تتطرق له والكثير من المبادرات الرائدة للارتقاء به. ولتشجيع الأدباء والباحثين بهذا المجال وذلك كله يصب في مصلحة المكتبة العربية. «دور المؤسسات الثقافية» ويرى الأديب محمد حسن رياني أن نظرة مؤسسات التعليم هي المعنية بأدب الأطفال، ومالم تقم مؤسسات التعليم ابتداء برياض الأطفال ثم مراحل التعليم العام وفي مقدمتها المرحلة الابتدائية؛ بأدوار متكاملة من أجل لغة راقية للطلاب فإننا سنرى جيلا ضعيف اللغة في المرحلة الجامعية وبعد ذلك، ولاشك أن التعليم سابقا عني بجانب اللغة كلغة فيها تذوق وخيال وحفظ بالإضافة إلى فن الخط العربي أفضل مما هو عليه الآن، وكانت مقررات اللغة العربية متفرقة مما أوجد اهتماما بهذه المفردات كل على حدة، وكان بالمدارس معلمون أدباء وشعراء ومثقفون الأمر الذي جعل الطلاب يحاكون معلميهم في تقمص دور الملقي والشاعر. وقال رياني كثرة الضغوط الإدارية على المعلمين وارت تلك الإبداعات الأدبية، ولاشك أن عودة أدب الطفل مرتبط بعودة المناهج الدراسية إلى سابق عهدها بتكثيف الحفظ للقصائد المشهور والقطع الأدبية الرصينة، بقي أن نضيف أن المؤسسات الثقافية يقع عليها الدور المكمل والمتمم من خلال استقطاب الطلاب الموهوبين وإقامة الدورات في فنون الشعر والقصة والرسائل والسرد عموما، وتشجيعهم من خلال المسابقات والجوائز، وكذلك فتح المكتبات، مع التوسع في طباعة الكتب والإصدارات المهتمة. «بناء الشخصية» وقال الدكتور عبدالرحمن بن يحيى الصايغ المتخصص في الأصول الاجتماعية والفلسفية للتربية: إنه من الناحية التربوية يمكننا النظر إلى أدب الطفل من زاوية التنشئة وبناء الشخصية إذ من المعروف أن أي شيء يطالعه الطفل سوف يكون له أثر لديه بشكل أو بآخر بغض النظر عن نوعية الرسالة التي تقدمها مادة أدبية بعينها ونوعية اللون الأدبي الذي يتلقاه، هذا بالإضافة لكونه يشكل فضاءً رحبا للمتعة والتشويق لدى الأطفال ولاكتشاف الملكات والمواهب الأدبية وغيرها مما يجعل من أدب الطفل رسالة سامية ومنطلقاً وطنياً ذا أهمية. «جمع الشتات» وأكد الباحث الدكتور عبدالله العمري على الحاجة الماسة لجمع شتات الدراسات والأبحاث والمنجزات التي تخدم النشر للأطفال مستشهدا بمشروع معجم الأطفال الذي انجزته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهو مشروع جبار يحتاج إلى إشهار على حد رأيه. ويضيف الدكتور العمري أننا نحتاج كذلك الى وثيقة وطنية لوضع معايير في المحتوى الموجه للأطفال، من النواحي التربوية والنفسية والاجتماعية واللغوية مؤكدا أن معرفية الإنتاج الأدبي لدي الأطفال جيد ويشير إلى توفر طاقات كامنة قادرة على الابداع، واعتبر ان مشكلة أدب الأطفال في أنه يفتقد إلى الدافع الذاتي الذي نجده في الشعر والسرد لكنه ينطلق بدافع تربوي داعيا إلى تحفيز النشر عند الأطفال خاصة مع تلاشي عائق النشر في الوقت الحاضر مع وجود وسائل التقنية للنشر وأصبح الإنتاج في المحتوى أكثر من قالب النشر معتبرا أن الأدب هو روح المجتمع وصورته الصادقة والأطفال هم أحوج إلى الأدب والفنون الجميلة. وحمل العمري الأندية الأدبية ومؤسسات الطفولة مسؤولية إثراء المحتوى الإلكتروني بما يناسب المرحلة والجيل من خلال الأدوات والقوالب. «المضمون والفكرة» بدوره قال الدكتور خالد ربيع الشافعي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة جازان: أدب الأطفال لايختلف عن أدب الكبار في جوهره وأدواته ولكن يختلف من حيث المضمون والفكرة التي يعالجها هذا النوع من الأدب الموجود في أدبنا العربي معتمدا على رواياته للفصص والحكايات والخرافات التي تعزز في الطفل الشجاعة والعادات الحميدة كما في كليلة ودمنه وألف ليلة وليلة مضيفاً أن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس من خلال عالم التقنيات الحديثة. وأشار الدكتور الشافعي إلى أن انتشار المكتبات والمجلات والمسارح أسهمت كثيرا في أن يأخذ أدب الأطفال اهتماما واسعا من المؤسسات الحكومية والجهات الداعمة معتبرا أن أهميته تنبع من خلال إثراء قواميس الأطفال من خلال اللغة والمفردات الجديدة بما ينمي قدراتهم ويعودهم طلاقة الحديث ودعا القائمين على هذا الأدب أن يراعوا فهم طبيعة الأطفال من خلال النمو وطريقة التفكير في شتى الجوانب. وأوضح الشافعي إلى أنه لايمكن إغفال ماتحقق من أعمال في المكتبة العربية، ومدى إفادة أطفالنا فهنالك أشياء تنبئ عن عمل ضخم ينبغى أن يكون محل تقدير الجميع فهنالك التفاتات صادقة ومشروعات طموحة والأهم أن تتم مخاطبة حواس الطفل بمختلف البرامج المدعمة بالحركة والتفكير لتزيد واقعية التعلم لدى الاطفال. إبراهيم: الرسوم المتحركة أقصت الكتاب نهاري: نحتاج لغة شفافة رياني: جيل ضعيف معرفياً د. الصايغ: رسالة منطلقها وطني د. العمري: محتوى يفتقد الدافع الذاتي د. الشافعي: نحتاج مشروعات واقعية Your browser does not support the video tag.