في ندوة تكريم الدكتورة خيرية السقاف الأسبوع الماضي، عادت الثنائية وعادت حالة التوجس من الحضور النسائي في المحافل الرسمية. وبعد أن كانت الجنادرية قد قطعت شوطاً طويلاً من التردد في الأخذ بزمام المبادرة الثقافية وانتظرت حتى عام 2011 لتفتح ندواتها الثقافية للجنسين على المنصة والتي استمرت عدداً من السنوات، كما فتحت الموقع الرئيس في قرية الجنادرية للعائلات قبل ذلك منذ العام 2009 / 1430، وبعد أن أصبحنا نرى نساءنا مشاركات في كل محفل علمي وثقافي ودبلوماسي بكل احترافية ومهنية وإضافة مضمون، إذ بنا نعود اليوم إلى المربع الأول في الشأن الثقافي ونجد كل المحاضرات النسائية تنقل إلى جامعة الأميرة نورة وكأنها بذلك تتخلص من هذا العبء وتلقيه وراء ظهرها وتحصر النساء في إطار هذه الجامعة فحسب. المشرف على النشاط الثقافي احتج بأن الدكتورة هي من طلبت البقاء في قاعة النساء، وكأن السؤال كان حول فصل المكرّمة عن ضيوفها، في حين أن قاعة الملك فيصل الرئيسة تضم دوماً ومؤخراً الفعاليات التي تحضرها النساء سواء بسواء، بينما تتحول اليوم كل الندوات إلى ندوات ذكورية بحتة حيث النساء لا يتحدثن في السياسة أو الاقتصاد والرجال ليسوا بحاجة للاستماع لما لدى النساء المختصات من علم.. ناهيك عن عملية الإهمال التي لاحظناها في يوم ندوة الدكتورة، فقد كانت القاعة النسائية خالية من أي كتيبات للمهرجان. والسؤال الرئيس هو لماذا، ومن يتخذ هذه القرارات؟ وكيف تتواءم مع عملية تمكين وإدماج المرأة في الشأن والفضاء العام التي نراها اليوم حولنا في كل مكان، إلا في قاعة ندوات الجنادرية؟ فبعد أن كان المهرجان بندوته الرئيسة والندوات الأخرى المصاحبة هي الحراك الثقافي الرئيس الذي تنتظره الرياض سنة بعد أخرى. اللجنة الأمنية في مجلس الشورى كانت قد قدمت توصية في ديسمبر الماضي تدعو إلى تطوير المهرجان وتسليمه إلى جهات متخصصة وتمديد فترته إلى ثلاثة أشهر لتفادي الازدحام وتحقيق مكاسب أفضل، وهي توصية نجحت في تسليط الضوء على حاجة واقعة، وهي الحاجة لتطوير المهرجان، وليس بالضرورة لإخراجه من تحت مظلة الحرس الوطني الذي له الحق في أن تبقى منسوبة إليه، لكن الحرس الوطني بحاجة إلى أن يعيد النظر في آلية عمل المهرجان ورؤيته وربطه إيجابياً بمدارات ومسارات تطور المملكة القائمة لاسيما فيما يتعلق بالجوانب التي كانت مهملة ومهمشة قديماً. المهنية مطلوبة في التحضير للمهرجان بكل أطرافه، اللجان العلمية ينبغي أن تراجع وتتثبت من كل مفاصله وتناسبها مع رؤيتنا للوطن مستقبلاً. إن تكريمنا للشخصيات الحية (وهي قاعدة الجنادرية التقليدية) ينبغي أن تكون قائمة على الاحتفاء بكل إنتاج هذه الشخصية بشكل لائق يتناسب معها، سواء كان ثقافياً أو أدبياً أو فنياً، وهو ما غاب عن تكريم الدكتورة خيرية للأسف فلم تطبع كتاباتها أو مقالاتها أو قصصها ولم يتم تقديم حتى تعريف بها مقروءاً أو معروضاً واكتفت إدارة الجلسة بأنها «غنية عن التعريف». إن تولي مهرجان الجنادرية مهمة تكريم الشخصيات الوطنية مسؤولية، فهؤلاء هم وهن .. رموز الوطن. Your browser does not support the video tag.