ما إن يقترب موعد التقاعد إلا ويعيد الموظف النظر في نفسه وفي شبابه، وما إن يتقاعد من عمله الذي شغله بجد وإخلاص إلا ويصيبه الملل والإحباط وتحيطه الوساوس ويجثم عليه الكسل فتسوء حاله ويتبدل مزاجه لينعكس عليه سلباً داخل المنزل وخارجه. ويختلف الأفراد في تقبلهم لمرحلة التقاعد، ويختلف تأثيرها عليهم سلباً أو إيجاباً، فإما حياة يكتنفها البؤس والإحباط باعتبارها نهاية الحياة، أو مرحلة وردية يغلفها التفاؤل بحياة جديدة لا تقل حيوية ونشاطاً وتفاعلاً من سابقتها. بعض المتقاعدين يقضون جل أوقاتهم بالتنقل بين برامج التواصل، ليقضون على جزء كبير من الفراغ بالفائدة والمتعة وتبادل الخبرات مع الآخرين، لكن الكثير منهم لا يزالون يجهلون كيفية التعامل مع هذه البرامج، فالغالبية يتعاملون معها بالنسخ واللصق وتبادل الصور ومقاطع الفيديو، فيسرق ما تبقى لديهم من طاقة ونشاط وللقضاء على هذا الإحباط يجب تعزيز ثقافة العمل الحر لدى المتقاعدين وتشجيع المبادرات والمشاركات المجتمعية وتنفيذ أنشطة متنوعة، وفتح آفاق رحبة أمام هذه الفئة، وتنظيم الندوات والدورات والأمسيات لهم. أبواب مغلقة وقالت هند القرزعي - رئيسة قسم نشاط الطالبات بعنيزة سابقاً -: معظم المتقاعدين ينتابهم شعور أنهم أصبحوا خارج نطاق الحياة، رغم أننا لا يجب أن نربط جوانب الحياة بالوظيفة فإذا حان وقت الراحة اعتبروا الحياة انتهت، مؤكدة أن الجوانب السلبية ستنتهي مع انتهاء تلك النظرة. وأضافت أن بعض المتقاعدين يقضون جل أوقاتهم بالتنقل بين برامج التواصل، ليقضون على جزء كبير من الفراغ بالفائدة والمتعة وتبادل الخبرات مع الآخرين، لكن الكثير منهم لا يزالون يجهلون كيفية التعامل مع هذه البرامج، فالغالبية يتعاملون معها بالنسخ واللصق وتبادل الصور ومقاطع الفيديو، فيسرق ما تبقى لديهم من طاقة ونشاط. وترى القرزعي أن لكل شخص وسيلته الإعلامية الخاصة به في العالم الرقمي التي أصبحت تصل بسرعة هائلة وبقوة تأثير كبيرة إلى ملايين الأشخاص، لكنها أنارت جانباً واحداً لحياة المتقاعد وتظل أبواباً أخرى مغلقة يجب أن يتكاتف الجميع لفتحها. صياغة الأهداف وتشير فوزية السبيل - رئيسة نادي رفاق التطوعي للمتقاعدات - إلى أن التقاعد لم يكن محطة للنهاية ولم تكن تلك الفئة التي كافحت وناضلت طيلة سنوات العمر قد أعلنت إفلاسها الإبداعي، بل أثبتوا أن التقاعد نقطة البداية لنشاط آخر وتميز من نوع آخر، فما زالت لدينا طاقات لا يجب أن نهدرها وتضيع سدى، خاصة أنها متوجة بسنوات من الخبرة في مختلف الميادين. وأكدت أن على المتقاعد صياغة أهدافه من منطلق الاهتمام بالأوضاع الاجتماعية والصحية والاقتصادية والترفيهية، ومحاولة الاندماج في المجتمع بمختلف الوسائل للاستفادة من خبراته. ندرة الأندية وأوضحت مها الهذيل - القائدة التربوية السابقة - أن لجوء فئة كبيرة من المتقاعدين إلى برامج التواصل الإلكترونية قد أصبح واقعاً، إلا أنه يلاحظ المردود السلبي لصحة هذه الفئة بسبب الركون والركود الجسدي لهذه البرامج والتطبيقات، بسبب ندرة الأندية الثقافية والاجتماعية المناسبة التي ترتقي بجميع المستويات، وتساهم في تحفيز المتقاعد للمشاركة بما لديه من خبرات تطوعاً أو نشاطاً. العمل الحر وتقول حصة المغيولي - نائبة نادي رفاق التطوعي للمتقاعدات -: حياتي الحقيقية شعرت بها بعد التقاعد من خلال نقل خبرات سابقة صنعتها بمعين العطاء الذي لا ينضب، تحقيقاً لرسالة حملتها ويحملها كل مواطن في خدمة الدين والوطن، بقدر ما يمتلكه من خبرات محفزة لمواجهة التحديات التي قد تؤثر على عطاء أي متقاعد ومنها التأثير النفسي والجسدي. وتضيف: لا أنكر أن التقنية غيرت كثيراً في سير المجتمع للأفضل، بحسب الاستخدام الصحيح والتعامل الأمثل مع الأجهزة بما فيها من تطبيقات وتسخيرها لرغبات نتشوق لتحقيقها، وعلينا تعزيز ثقافة العمل الحر لدى المتقاعد والمتقاعدة على حد سواء وتشجيع المبادرات والمشاركات المجتمعية وتنفيذ أنشطة متنوعة، متمنية فتح آفاق رحبة أمام هذه الفئة، وتنظيم الندوات والدورات والأمسيات لهم. الأفكار السلبية وقال عبدالرحمن صالح - متقاعد -: لا يلام المتقاعد حينما تطغى الأفكار السلبية والوساوس على تفكيره وتتبدل تصرفاته، فهو يلتفت لأمور كثيرة طرأت على حياته، فالراتب هبط كثيراً ومعه يشعر بضائقة مالية، والفراغ الذي لا يحسن استغلاله، وتجارب الآخرين السلبية التي يتأثر بها بشكل كبير، وفقدانه لأجواء العمل والاختلاط بالآخرين. وأضاف: قد يستفيد المتقاعد من شبكات التواصل الاجتماعي ويشعر بقربه من الآخرين، وهناك مكمن آخر للاستفادة من أحد هذه التطبيقات من خلال التسويق، فهو يسوق لنفسه ببضاعة أو بعمل يتقنه ويكون مصدر دخل إضافي له، أو التواصل مع الآخرين في مجال التسويق، لكن ليس الجميع لديهم ممتلكات خاصة يديرونها ويشعرون بقيمتهم من خلالها بعد حصولهم على التقاعد. واقترحت أماني الفرهود - ممرضة متقاعدة - إيجاد قسم في كل دائرة أو قطاع يعنى بشؤون المتقاعدين لديها، ومن مهامه تنظيم برامج أو محاضرات أو ما تراه مناسباً وتكليف المتقاعدين بإنجاز المهام للاستفادة من خبراتهم أو الاستناد عليهم كجهة إشرافية والفائدة تعود على الطرفين. وطالب عبدالعزيز القرعاوي - متقاعد - من المتقاعدين أن يتداركوا أنفسهم قبل أن يفوت الأوان، بالتخطيط المسبق قبل حلول التقاعد الذي سيحل إما مبكراً وفق اختياره ورغبته، أو بالنظام، مؤكداً أن المتقاعد سينجح في حياته بعد نهاية الخدمة بشرط ألا يلقي بالاً لكلام المحبطين وتساؤلاتهم السلبية. ينبغي استثمار وقت المتقاعد بالمفيد بعيداً عن مواقع التواصل Your browser does not support the video tag.