إن كان عمرك فوق الأربعين ستذكر حتماً المسلسل الطفولي الشهير «جريندايزر».. أو على الأقل «عدنان ولينا».. هل تعرف إن كانا «كرتوناً أم إنمياً»؟ أنا شخصياً لن أعترض على أي إجابة لوجود عناصر كثيرة مشتركة بين الاثنين.. صحيح أنهما إنتاج ياباني، إلا أن الفرق بين الإنمي الياباني والكرتون الغربي يعتمد أيضاً على الرأي الشخصي والتقييم الذاتي للمشاهد.. في آخر مقال استعرضت تاريخ الاثنين وقلت: إن الإنمي هو النسخة اليابانية من أفلام الكرتون الأميركية.. بدأ معها في العقد الثاني من القرن العشرين، ثم اتخذ بمرور الزمن طابعاً يابانياً خاصاً ومختلفاً.. وفي حين يشترك الاثنان في اعتمادهما على الرسوم الكرتونية (والاستعانة بالكمبيوتر هذه الأيام) تظل هناك فوارق واضحة بينهما.. فحسب رأيي يغلب على «الكرتون» الرسم الهزلي والحس الكاريكاتوري للرسام، في حين يغلب على الإنمي الطابع البشري والوجوه ذات الملامح الحادة والأعين الكبيرة (كرد فعل على صغر أعين اليابانيين).. كما أن الكرتون يرسم غالباً ببُعدين ويبدو مسطحاً لا يملك عمقاً أو تركيزاً على الشخصيات، في حين يركز الإنمي على الملامح القريبة (كالأعين فقط) ويبدو عميقاً من خلال تحريك الأحداث خلف الشخصية ذاتها.. وفي حين يتضمن الكرتون شخصيات طفولية لطيفة بعيدة عن الواقع (إلا إن صدّقت بقدرة ميكي ماوس على الطيران) يستوحي الإنمي شخصياته من الواقع ويتضمن منافسات وصراعات تحدث بين البشر.. والكرتون يجنح غالباً للكوميديا وعدم الجدية ويراعي سن الأطفال ومستوى فهمهم، في حين يتميز الإنمي بالحدة والقسوة ويتضمن عنفاً ومبالغة في تعابير الوجوه وردود الأفعال (لهذا السبب يهجر طفلك أفلام الكرتون ويبدأ بالتعلق بأفلام الإنمي حين يدخل سن المراهقة).. وفي حال استثنينا أفلام ديزني الطويلة نلاحظ أن مدة الحلقات الكرتونية تتراوح بين ثلاث وخمس دقائق، في حين تستغرق حلقات الإنمي ما بين عشرين وثلاثين دقيقة (وعدد لا يكاد ينتهي من الحلقات).. ورغم كل هذا، تظل هناك عناصر مشتركة بين النوعين خصوصاً حين تفرض طبيعة القصة وجود شخصيات إنمي جادة وحادة الملامح (مثل دايسكي وكوجي في مسلسل جريندايزر) مع شخصيات كرتونية هزلية ومضحكة (مثل دامبي وجورو في ذات المسلسل)!! والآن؛ سواء أدركت حقيقة الأمر أم سخرت منه؛ تتجاوز صناعة الإنمي في اليابان الدخل القومي لبعض الدول، في حين تعد أفلام ديزني أحد أهم صادرات أميركا والمؤثر الأكبر في تربية أطفال العالم.. ويعود السبب بكل بساطة إلى امتلاك الرسوم الكرتونية تأثيرًا سحرياً على النفس البشرية (بصرف النظر عن الجنسية والخلفية الثقافية) الأمر الذي يجعلها تحظى بإقبال ملايين البشر حول العالم.. علماء النفس يعتقدون أن حب الكبار لأفلام الكرتون سببه اشتياقنا اللا واعي لأيام البراءة وذكريات الطفولة، أما متابعة الصغار للإنمي فسببه رغبة أبنائنا بتقمص دور الكبار ولعب دور الأبطال والهرب من واقع ينقصه الخيال!!. Your browser does not support the video tag.