لطالما كانت المزايدات غير المنطقية عنواناً لكثير من الصفقات والتعاقدات التي أبرمتها الأندية السعودية لتعزيز صفوفها لأكثر من عقد مضى حتى تضخمت أسعار عقود اللاعبين بشكل غير مسبوق. ارتفعت معها الأصوات المطالبة بتحجيم هذه الأرقام كونها ستنعكس سلبياً على مستوى اللاعب السعودي والمسابقات ككل ما يعني بالضرورة تأثر الفريق الوطني وهو ما حدث بالفعل إذ تراجعت نتائج "الأخضر" بشكل مخيف للغاية طيلة السنوات العشر الماضية حتى بالكاد التقط أنفاسه واستعاد جزءاً من قيمته. بدأت الارتفاعات والأرقام القياسية في التعاقدات في بداية الألفية الجديدة وحاولت الأندية مجاراة بعضها والتنافس على استعراض عضلاتها المالية من خلال إدارات "الأفراد" وقراراتهم الارتجالية متكئين على ملاءتهم المالية أو داعميهم. ولأن العمل لم يكن مؤسساتياً تعثرت الكيانات وأصبحت تدفع ثمن تصرفات غير مدروسة نتيجة رغبة في كسب صوت المدرج، والبحث عن المزيد من الأضواء وتحقيق المكاسب الوقتية من خلال إحراز بطولة أو اثنتين. وعلى الرغم من محاولات كبح جماح هذه الارتفاعات "الجنونية" من خلال عقد مواثيق الشرف بين قيادات الأندية إلا أن عدم تفعيلها وبقائها حبراً على ورق لتتواصل وتيرة الصفقات المليونية دون توقف. واقع المرحلة الحالية فرض نفسه في ظل التغيرات والمرور بدورة اقتصادية وتراجع دور الداعمين الأفراد لتجد الإدارات أنفسها محاطة بسور رفيع من المديونيات الضخمة لتبدأ هيئة الرياضة بمحاولة وضع الحلول من خلال السيطرة على الأوضاع والقرب أكثر لما يحدث وإحكام الرقابة المالية. وعلاوة على هذا جاءت خطوة عقد ميثاق الشرف قبل ثلاثة أشهر والتي شهدها اجتماع رئيس الهيئة تركي آل الشيخ مع رؤساء الأندية وتشديده على احترام الميثاق ومراقبة درجة الالتزام به لتشكل خطوة مهمة في إيقاف الهدر والنزيف. ما حدث في تنافس الأهلي والنصر على لاعب وسط النجم الساحلي التونسي محمد بن عمر كان سيؤدي إلى العودة إلى المربع الأول لولا انسحاب النصر وعدم دخوله مع الأهلي في مزايدة سيخسر منها الفريقان أموالاً طائلة في صفقة لا يمكن التنبؤ بدرجة نجاحها وهو الموقف الذي جسد للمرة الأولى احترام الأندية لميثاق الشرف. وأمام ذلك، يبقى الأهم في المرحلة المقبلة أن تتمكن هيئة الرياضة من تعزيز هذا الميثاق كأحد أهم خطوات تقنين المصروفات فضلاً عن أن صموده سيسهم في تقليص حدة التوتر بين الأندية وجماهيرها وهو ما كان سيحدث لو استمر التنافس الأهلاوي النصراوي في حالة بن عمر. Your browser does not support the video tag.