المتتبع للحراك الثقافي السعودي ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي يلحظ أن هناك جيلاً عالقاً بين الأعراف والعادات وبين التشدد الصحوي تتجاذبهم بشكل غير ملحوظ صنمية غير محسوسة. فما زالوا فريسة البيئة التقليدية التي ترعرعوا بها في ظل معتقدات خاطئة لرجال دين لا ثقافة لديهم غير ثقافة التشدد والاقصاء، ثقافة الرأي الواحد والمذهب الواحد، تلك الثقافة المتأزمة التي لا تحلل الأمور بناء على المنطق العقلي والعلمي بل تجنح نحو التشدد في الأحكام مما جعل هذا الجيل يسلم عقله دون وعي لهذه المعتقدات والمذاهب غير المنطقية، فهم يقطنون في كهوفهم المعزولة تماماً بعيدين كل البعد عن الرؤية والتطبيق العملي للمنطق والعلم ويحاربون كل فكرة جديدة (فقد حاربوا مدارس البنات، المحطات الفضائية، الجوالات.. الخ)، والمصيبة أنهم يطالبون المجتمع بمحاربتها لأنها دخيلة على بيئتهم الخاصة وثقافتهم الشخصية، بل ويفرضون عليه الوصاية كي لا يرى الحقيقة وأن يبقى رهيناً لأفكارهم المحدودة بفعل المحاصرة والعزلة والخوف من الخروج من كهوفهم، لذا هم يؤمنون بالتبعية المطلقة لأصحاب الكهوف، والمصيبة هي انتقال هذه الفئة الهشة الثقافة من الناس ليصبحوا في عداد النخبة والمشاهير مما ساعد على تفشي الجاهلية العلمية من خلال تأثيرها العميق على الأفراد وبالتالي على المجتمع. ولا مهرب من مثل هذه الأزمات الفكرية برأيي إلا من خلال تفعيل قنوات عديدة يأتي على رأسها المسرح، فالمسرح يصنع الوعي الجمعي ويثير التساؤل ويحرض على الخروج من التبعية والانغماس في الموروثات بأنواعها. والمطلع على أهمية المسرح يدرك كيف استخدمه الرومان لترسيخ الأفكار والمعتقدات في نفوس المجتمع، وتفعيل المسرح سيضمن انخراط النخب الثقافية للاضطلاع بواجبها الاجتماعي نحو الرقي بالأفراد وكذلك سيتيح الفرصة للشباب للتعبير عن أفكارهم ويحافظ على نصوصنا الأدبية من الاندثار والانزواء بين الكتب، فالمسرح بأشكاله المتعددة، سواء مسرح التراجيديا والدراما الجادة أو مسرح الكوميديا والدراما السوداء أو المسرح التجريبي أو المسرحيات الموسيقية (الغنائية) أو المسرح الصوتي الدرامي، له جمهوره وفئاته العمرية التي ستسعى للحضور مما يخلق حراكاً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً يُسهم في رقي المجتمع والأفراد، وبالتالي ينتشل هذا الجيل العالق بين الأعراف والعادات والتشدد المذهبي الإقصائي.. فالمسرح هو مرآة الأمم وهو الوسيلة الأنجع في التأثير الثقافي على المشاهدين. Your browser does not support the video tag.