عام 2002 كان مختلفاً لمنظمات مكافحة العمى والعاملين بها، حيث أقرت منظمة الصحة العالمية والوكالة العالمية لمكافحة العمى أن ضعف البصر الناتج عن «العيوب الانكسارية غير المعالجة» هو المسبب الأول في الإعاقة البصرية على مستوى العالم. وللتوضيح عن ماهية العيوب الانكسارية فهي تعتبر السبب الرئيس لحالات ضعف البصر كقصر وطول النظر والذي يمكن علاجه بشكل كامل من خلال وصف نظارة طبية للمريض من قبل اختصاصي البصريات. هذا الاعتراف المتأخر جاء نتيجة عدة دراسات وإحصائيات خلصت أن العيوب الانكسارية مسؤولة عن أكثر من نصف حالات الإعاقة البصرية عالمياً أو بما يقدر بأكثر من مئة مليون شخص حول العالم. منذ ذلك الحين بدأ دور اختصاصي البصريات يظهر على السطح كأول خط دفاع لمكافحة العمى والإعاقة البصرية على مستوى العالم، والذي على أثره تم تغيير خطط وسياسات مكافحة العمى عالمياً لتتناسب مع الدور المناط لمختصي البصريات الذي لا يقتصر على الدور الإكلينيكي في فحص وعلاج ذوي الإعاقة البصرية بل يتعداه إلى إدارة خطط مكافحة الإعاقة البصرية ودراسة أسبابها ومدى انتشارها. ولذلك في الوقت الحالي يشغر اختصاصيو البصريات نصف أعضاء مجلس إدارة الوكالة العالمية لمكافحة العمى تقديراً لهذا الدور المهم.. لكن ماذا عن السعودية؟ على الرغم أننا نفتقد للدراسات على المستوى الوطني لتحديد مدى انتشار العمى والإعاقة البصرية في السعودية كان هناك العديد من الدراسات والمحاولات الجادة لإحصاء مدى انتشار العمى والإعاقة البصرية في المملكة. بدأ هذه الدراسات الدكتور خالد طبارة في منتصف الثمانينيات من القرن المنصرف وتبعها في عام 1993 الدكتور مبارك الفاران وفريقه الذي خلُصت نتائج بحثهم الذي أقيم في مدينة بيشة أن 67 % من حالات الإعاقة البصرية كانت بسبب العيوب الانكسارية غير المعالجة. دراسات أخرى أقيمت في الطائف والأحساء وجازان أفادت أن نسبة الإعاقة البصرية في السعودية تتراوح من 2 إلى 3.8 % وهذا معدل ليس بالمنخفض عالمياً والتي يتسبب بها بشكل رئيسي العيوب الانكسارية غير المعالجة والماء الأبيض. دراسة أخرى أجراها قسم البصريات بجامعة القصيم حيث قاموا بعمل مسح ميداني لعدد من المدارس الابتدائية في منطقة القصيم ووجدوا أن أكثر من 16 % من الطلبة لديهم إعاقة بصرية بسبب العيوب الانكسارية وحوالي 2 % فقط منهم يستخدم نظارات طبية. كما يجدر الانتباه أن عدم تصحيح العيوب الانكسارية لدى الأطفال أقل من 8 سنوات قد يفضي إلى حالات كسل العين وبالتالي إعاقة بصرية غير قابلة للعلاج. قد تكون نقطة التحول في مكافحة العمى في السعودية هو الأمر السامي الكريم الذي ينص على انضمام المملكة إلى مبادرة (الرؤية 2020: الحق في الإبصار)، وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة العمى (لمع) تتولى مهام مكافحة الإعاقة البصرية. إن استحداث إستراتيجية لمكافحة الإعاقة البصرية الناتجة عن العيوب الانكسارية وتفعيل وشمول اختصاصي البصريات في اللجنة الوطنية لمكافحة العمى هو إعلان للبدء في إنقاذ نصف حالات الإعاقة البصرية في المملكة. * رئيس قسم البصريات بجامعة القصيم Your browser does not support the video tag.