بدأت المملكة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة.. صحيح أن هذا التطبيق مؤلم للمجتمع السعودي الذي لم يتعود عليه ولكنه إيجابي بشكل عام حيث إن التطبيق يشجع على إعادة اكتشاف الاقتصاد السعودي وتحويله من بلد نفطي إلى بلد منتج بدلاً من الاعتماد المطلق على النفط وتقديم الخدمات "مجاناً" لأن النفط يتكفل بتمويل الخدمات المقدمة للمجتمع ولكن مع النمو السكاني والجغرافي بشكل مرتفع الذي يربك الحركة الاقتصادية وتدهور الخدمات المجانية نتيجة تقلبات أسعار النفط، وارتكاز الميزانية العامة على النفط كمصدر وحيد غير مستقر وهذا مؤشر خطير جداً. لا شك أن ضريبة القيمة المضافة سوف تطور إيرادات الدولة بشكل مذهل وسيمنح استقراراً سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فالاقتصاد في كل مكان يعتبر الماكينة التي تحتاج إلى قوة دافعة للاستقرار، فالمملكة في الطريق الصحيح مثل الدول المتقدمة حيث إن الضرائب هي أساس التمويل لإيرادات الدولة واستقرارها، ولا يمكننا أن نطالب بتطوير الخدمات المجانية بل الضرائب هي مقابل رفع مستوى الجودة ورفع الكفاءة والإنتاج والخدمات المقدمة للمواطنين. صحيح أن ضريبة القيمة المضافة لها مخرجات إيجابيات وسلبيات في آن واحد ولكن الاستقرار فوق كل شيء الذي نحتاجه بغض النظر عن المخرجات السلبيات. يجب ألا ينظر أننا دولة نفطية وغنية وأننا لا نحتاج لهذه الضريبة وهذه نظرة مستقبلية غير موفقة، فيجب تنويع مصادر الدخل للميزانية الدولة من غير النفط. إن الثروات في الدول المتقدمة لا تأتي من ثرواتها الطبيعية بل مساهمة أبنائها وازدهار الانتاج، فالنرويج -على سبيل المثال- لديها نفط بشكل هائل ومع ذلك تفرض ضرائب عالية على السلع والخدمات. ندرك أن ضريبة القيمة المضافة ستمكن مجتمعنا السعودي من اكتشاف سلوكه وتقييمه بشكل أكثر رشداً، فالضريبة تغير من سلوك المستهلك وتقلل التبذير والإسراف غير الضروري وتحسن الادخار، ولذلك تعزز من قدرة المجتمع مستقبلاً على الادخار والإحساس بأهمية القيمة المالية وكيفية صرفها في الاتجاه الصحيح. باختصار بسيط: من حق الدولة فرض ضرائب على السلع والخدمات ولكن من حق المواطن أن يحصل على الخدمات الجيدة ورفع مستوى الجودة والشفافية. Your browser does not support the video tag.