في هذا العدد من أدب فيس بوك نطالع نصاً عن بنات الأفكار تنشره الشاعرة والقاصة لبنى يّس عن عثرةٌ تقف في طريقِ الفكرة: تسترق النظر إليّ من فتحة الباب.. ذلك الباب الموصد بيننا. حكاية شاعرية في حافلة للشاعر غسان زقطان.. هاهي الطريق تصعد والحافلة تبتعد وأنت تفكر بهم، المرأة الخائفة على وجه الخصوص والبنت الصغيرة، البنت التي تذكرتها الآن، كانت تنظر من النافذة وتعد أشياء على أصابعها. تواجهة الكاتبة ريم رباط فكرة أن كتاب الفيس بوك يعيشون في عالم افتراضي مؤكدة أن شخصيّاتنا ليست افتراضيّة.. في رؤية جديدة يكتب الأديب إبراهيم المصري على صفحته الحيوية في الفيس بوك عن أغداً ألقاك لأم كلثوم, مؤكداً أنه في «أغداً ألقاكَ», تجد أم كلثوم وقتاً كافياً لإزاحةِ كلِّ شيءٍ إلى المستقبل وإن كان الخوفُ يُمسكُ بخناقِها من الغد. الكاتبة أنيسة السعدون ترى أن المزاح هو مفتاح الدفء الإنسانيّ بعد قراءتها لرواية بقايا اليوم. ويودعنا هذا الفضاء الأزرق بنصين مبدعين.. تأمرني أحلامي أن أشعل الفرن للشاعرة غادة خليفة: كل هذا الخيال سيزول, أقدم حياتي إلى الحب على أمل أن تزهر, حديقتي ساحرة لكنها مُصمتة, أطلب من الحب أن يمنحها الكلام. وللشاعرة ساناز داود زاده نص مستوحى من هدير المعارك المجانية: عندَما تَفتحُ الصَّحيفةَ.. يقفزُ مِنها صاروخٌ إِلى الخارجِ. ثمة عثرةٌ تقف في طريقِ الفكرة تحول بيني وبينها لعلها قادمةٌ.. أو ربما تنتظرني في مكان ما تسترق النظر إليّ من فتحة الباب ذلك الباب الموصد بيننا تترك لي ما يثير الشبهة بوجودها وأنا أركن إلى الصمت أتداول فِطرة المعنى لعلها تصل.. على ظهر تأويل أسأت فهمه لبنى يس الحافلة جيد أنك هبطت من الحافلة دون أن تتعثر بأمتعة الركاب في الممر تستطيع أن تتذكر الآن كم كان الأمر غريباً، مضحكًا إلى حد ما. السائق المشوش وجابي التذاكر المتنمر العجوز المتحرش والمرأة الخائفة، ولكنها واصلت التحديق في السقف كأن لا شيء يحدث. الرجل الأربعيني الذي صعد أخيراً وبدأ يتوعد وهو يبري غصناً جافاً بسكين صغيرة... الفتى الذي يدخن ويضحك من أشياء يتذكرها على ما يبدو ها هي الطريق تصعد والحافلة تبتعد وأنت تفكر بهم، المرأة الخائفة على وجه الخصوص والبنت الصغيرة، البنت التي تذكرتها الآن، كانت تنظر من النافذة وتعد أشياء على أصابعها. غسان زقطان شخصيّاتنا ليست افتراضيّة لجميع يصرّ على اتّهام «الفيس بوك» بأنّه افتراضيّ ويصرّون على شخصيّاتنا الافتراضيّة فيه، أمّا أنا فأرى العكس تماماً.. في هذا الفضاء أنا حقيقيّة وأقرب إلى شخصيّتي الدّاخليّة، جرأتي في التّعبير عن نفسي عن طريق الكتابة (طبعاً لا أقصد الكتابة في الأدب الذي لا علاقة لي به... وإنّما قد يكون تعليقاً بسيطاً في صفحة أحد الأصدقاء أو فكرة معيّنة أنشرها على صفحتي)، هذه الجرأة الكتابيّة تفوق جرأتي في المحادثات الشّفهيّة. *ما هو «الفيس بوك»؟ * من منظوري الشّخصيّ (أعلم بأنّه لا يُعوَّل على رأيي) «الفيس» هو تبادل للآراء والأفكار وحتّى الصّوَر والمراسلات، عندما أفكّر في هذه الطّريقة والتي أراها الأقرب إلى الواقع، فأنا أجزم بأنّ فكرة «الفيس» قديمة جدّاً! *أوليست الصّحف والمجلّات المطبوعة منذ عشرات السّنين هي قراءة الأخبار المتنوّعة والاطلاع على آراء البعض من النّاس إزاء مواقف ووقائع معيّنة؟ (كما يجري اليوم على صفحات «الفيس بوك»)! أوليست المراسلات التي جرت منذ القِدم وعلى جميع الصّعد (بين الأقارب، بين العشّاق، بين السّياسيّين ،....) هي كالتي تجري اليوم على أحد تطبيقات المراسلة؟! أوليست صورنا الفوتوغرافيّة، والتي كنّا ننتظر أيّاماً لنراها ونضطرّ آسفين لتمزيق نصفها أو أكثر لأسبابٍ تعرفونها جميعكم، هي نفس صورنا اليوم والتي نراها مباشرة ونرسلها إلى مَن نريد في نفس اللحظة؟! ريم رباط «أغداً ألقاكَ» في «أغداً ألقاكَ» تجد أم كلثوم وقتاً كافياً لإزاحةِ كلِّ شيءٍ إلى المستقبل وإن كان الخوفُ يُمسكُ بخناقِها من الغد فلأنَّها مطعونةٌ بشوقٍ لا تشفيه لحظةُ الحاضر حتى لو «كان حلواً» وبالنسبةِ لإنسانٍ مثلي لم يعد يأسفُ على الأمسِ ولا يأملُ شيئاً من الغد يصبح الحاضرُ أحلى بالتأكيد حين أسمع أم كلثومَ وأرى الحياةَ لعبةً غنائية مَن يحرِّكُ أوتارَها بمهارة يفوزُ بالدنيا والكتابِ والفِكَرِ والليالي والعمرِ والعيونِ والبصرِ والسماءِ القمر وهي جوائزُ كما ترى من الثراءِ الذي يغطِّي فناءً واسعاً يُغنِي عن الجنَّة وإن كان لا يُغنِي عن «أغداً ألقاكَ» ممشىً يعبره الهادي آدم وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وقد تواطأوا على أنَّ الغناء ما يكون حناناً على النفس «فلا نأسى على ماضٍ تولَّى» و.. «قد يكون الغيبُ حلواً... إنَّما الحاضرُ أحلى، إنَّما الحاضرُ أحلى» ما بين الأقواس من أغنية «أغداً ألقاك» للشاعر السوداني الهادي آدم. إبراهيم المصري المزاح هو مفتاح الدفء الإنسانيّ قرأت رواية بقايا اليوم لكازو إيشيغورو وكنت أنتظر حلّاً يفرط به مستر ستيڤنس من الدوّامة التي ظلّ يدور في محيطها طوال حياته كرئيس للخدم؛ فلم أجد ما أصبو إليه سوى حلٍّ وحيد يمكن أن يخفّف صداع الدوران، وقد أفصح عنه مستر ستيڤنس نفسه في نهاية الرواية عندما قال: «المزاح هو مفتاح الدفء الإنسانيّ». إنّها عبارة ذات دلالة واسعة، وقد يستعين بها الإنسان لتخفيف محنته وَفْق منظوره الخاصّ. أنيسة السعدون تأمرني أحلامي أن أشعل الفرن الماضي يغرق الآن يتبدد درجة الحرارة تقفز لقلبي رائحة اللبن المحترق غيابك ووجودك لا يستويان نحوك يتحرك الخيط فمي يصمت وهو يكتب من خيط قديم ومهمل صنعت نفسي الخوف خيط يلمع والحب خيط يعمل سأدس لك بحرًا في الساندوتش وبعد أن تأكله سآكلك أنا معدتي لن تهضم بحرين معًا للأسف كل هذا الخيال سيزول أقدم حياتي إلى الحب على أمل أن تزهر حديقتي ساحرة لكنها مُصمتة أطلب من الحب أن يمنحها الكلام حبيبي يهديني وردة مع أنه شائك حبيبي وردتي الأجمل يهديني نفسه وأنا أفكر في المربى هكذا سآكله بعد طبخه مع السكر أصابعي تمسد جسدك جسدك طبلة كبرى تدق أفتح خزائنك مثل لص ضليع في لصوصيته الهواء بيننا كتلة ساخنة من الرغبة خيوط جسدي تتفكك هكذا يتمكن حبيبي من غزل المودّة أنا فطيرة تتخمر وتنتظر الدخول إلى الفرن. غادة خليفة عندَما تَفتحُ الصَّحيفةَ يقفزُ مِنها صاروخٌ إِلى الخارجِ. المآتمُ والموتَى الَّذينَ يخشَونَ القبرَ خفيُّونَ وراءَ ظهرِكَ أَصواتُهم صفاراتُ إِنذارٍ حمراءَ. طائراتٌ عدَّةٌ علَى المائدةِ تخترقُ حاجزَ الصَّوتِ فِي الغُرفةِ. تحصلينَ على خندقِ خلفَ منضدتِكِ وتُهدِّدينَهم كلُّهم لأَن يَعودُوا إِلى الصَّحيفةِ. تُزحفِينَ، وتُطبِقينَ الجريدةَ علَى بعضِها، وتتظاهرينَ بالنَّومِ. معَ هذهِ الصَّحيفةِ لاَ يمكنُ إِزالةَ هذهِ النَّافذةِ. ساناز داود زاده من ديوان: أمشي على حروف ميتة فهد العتيق Your browser does not support the video tag.