ما إن أعلن معالي وزير التعليم د. أحمد العيسى عن قرار تأسيس المركز الجديد المسمى بمركز الوعي الفكري مغرداً في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حتى انهالت الردود والتعليقات التي في مجملها تعكس مدى الوعي الفكري الذي تشكّل لدى عموم أفراد المجتمع تلقائياً من جرّاء فشل أو قُل إخفاق البرامج الفكرية السابقة التي تختلف في مسمياتها ولكن تجمعها ذات الأسباب التي نأمل أن يكون في تأسيس هذا المركز الجديد تصحيح حقيقي وفعلي وجذري عمّا سبقه فقد نختلف أو نتفق أن هناك من الإخفاقات في الرؤية والتخطيطي الإستراتيجي أو من المشاكل والفشل التنظيمي أو الإداري والتنفيذي ولكن تبقى كل تلك الأخطاء واردة ومقبولة نسبياً في أي برامج أخرى سوى تلك البرامج الفكرية أو مقابل خطورة نقض أن سلامة الفكر تسبق توعية الفكر والتي تتماس مع أمن الدول الوطني في أبنائها وشبابها. الإشكالية الكبرى في التوعية الفكرية أو المعالجة الفكرية المجتمعية من كون الوسيلة التي مرّت من خلالها الجماعات والتنظيمات المعادية والمستهدفة لوعي مواطني الدولة في أمنها واستقرارها أنها تنظيمات نشأت في الفضاء وحصلت على مشروعيتها الفكرية من خلال بوابة الدعوة إلى الله؛ وتم التلاعب بقانونية الدعوة ووسائلها ومنهجيتها، وهذا ما خوّل للفكر الصحوي آنذاك أن ينشئ أعماله المخالفة تحت بنود خفية ومنها المنهج الخفي في التعليم الذي لقي رواجاً فكرياً صارخاً في المجتمع وهذا المنهج يعبر عن خطط وأساليب تم إخفاؤها عبر لفائف الدعوة الصادقة وبتمكين مباشر من أصحاب تلك الجماعات الذين تمكنوا من أن يجدوا لأنفسهم رواجاً كبيراً في المجتمع. إن الدول في مواجهة الإرهاب لا تواجه جيشاً منظماً، وإنما تتعامل مع تشكيلات عصابية تقوم على أساس تنظيم عنقودي يستند فكره المزيف إلى مصادر المجتمع ذاتها، وهنا تقع إشكالية المعالجة الفكرية المجتمعية. المنهج التربوي والخطاب الدعوي والإعلامي هم أهم مؤسسات تُساءل إن المنهج الخفي ليس وسيلة واحدة ولا فكرة واحدة بل هو ظاهرة بأكملها استطاعت أن تنفذ مؤسسياً وتجد لنفسها مكاناً في مثل تلك البرامج -للأسف الشديد- وداخل فصول الدراسة وقاعات التدريس ومناهج ومقررات رسمية ولاقت رواجاً لعقود من الزمن واستطاعت أن تمرر عبر أخطر مؤسسات المجتمع أجندة فكرية وسياسية غيّرت المفهوم المعتدل لفكرة الدعوة إلى الله حيث قامت الصحوة وبلا اكتراث بتمرير كل وسائل الدعوة النقية إلى الله لتصبح وسائل لتسييس الدين ذاته وهو مايعبّر عن مفترق طرق مهم. فتسييس الدين يعني بكل صراحة الإعداد لمجتمع ثائر فكرياً وثقافياً وهذا ما يفسر سهولة التغرير بأولئك الشباب تحت مسمى الجهاد بتبني الكثير من دعاة السياسة والمبشرين بالثورات والمنظّرين لها وللتغيير الثوري ومروّجي الجماعات الإرهابية ومنتسبي النهج السياسي للدعوة.