«سنعود بالمملكة إلى الإسلام المعتدل»؛ هكذا التقطت صحيفة الغارديان أهم رسالة سياسية عالمية في حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على إثر جلسة الحوار حول مشروع «نيوم» في مبادرة مستقبل الاستثمار قائلاً: «السعودية» لم تكن كذلك قبل مشروع «الصحوة» وسنعود للإسلام الوسطي المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وأن السعودية لن تضيّع 30 سنة من عمر مواطنيها في التعامل مع الأفكار المتطرفة، وأنها ستدمرها الآن وفوراً». وقال الأمير محمد بن سلمان خلال حديثه مع صحيفة «الغارديان» البريطانية: «ما حدث في السنوات الثلاثين الماضية ليس السعودية، كما أن ما حدث في المنطقة خلال الثلاثين عاماً الماضية ليس الشرق الأوسط» الخطورة الفكرية في التوظيف السياسي للتطرّف والمتطرفين كانت تكمن في الخلط الذي لا يدركه الجميع بين عمليات التدين الطبيعي أو المعتدل وبين التمظهر بالدِّين المربوط بالإسلام السياسي؛ وذلك عبر تحويل الإسلام من مضمون روحي وديني إلى مجرد أفكار أيديولوجية تتجه نحو طلب السلطة عبر تهديد الدول الآمنة والتأسيس لأفكار تحارب الحكومات. هذا التحويل للإسلام من دين أمة إلى دين حزب هو ما كان يهدد السمعة الجميلة التي كسبها الإسلام عبر التسامح الذي رسخه أتباعه المعتدلين. إن الدول في مواجهة الإرهاب لا تواجه جيشاً منظماً، وإنما تتعامل مع تشكيلات عصابية تقوم على أساس تنظيم عنقودي يستند فكره المزيف إلى مصادر المجتمع ذاتها، وهنا وقعت إشكالية المعالجة الفكرية المجتمعية وبسبب ذلك تمكّن مشروع الصحوة لعقود من الزمن واستطاع أن يُمرّر عبر أخطر مؤسسات المجتمع أجندة فكرية وسياسية غيّرت المفهوم المعتدل لفكرة الدعوة إلى الله حيث قامت الصحوة وبلا اكتراث بتمرير كل وسائل الدعوة النقية إلى الله لتصبح وسائل لتسييس الدين ذاته وهو ما يعبّر عن مفترق طرق مهم. فتسييس الدين يعني بكل صراحة الإعداد لمجتمع ثائر فكرياً وثقافياً وهذا ما كان يفسر سهولة التغرير بأولئك الشباب تحت مسمى الجهاد بتبني الكثير من دعاة السياسة ومروّجي الجماعات الإرهابية ومنتسبيها النهج السياسي للدعوة. وللحديث بقية.