ربما تكون الرواتب التي يتقاضاها البرتغالي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي وغيرهما من كبار لاعبي كرة القدم في العالم خيالية، لكن الأموال الناجمة عن عقود الأحذية تضاهيها ضخامة. في يوليو 2017، تسبب الوجه الجديد في كرة القدم الفرنسية كيليان مبابي الذي تلهث خلفه الأندية الأوروبية الكبرى، بضجة من خلال الإعلان في حسابه على تويتر بأنه على وشك الكشف عن خبر مهم جدا، وبدأ الجميع يتحدث عن أن الأمر يتعلق بانتقاله إلى ريال مدريد الإسباني أو باريس سان جرمان. لكن ما أعلنه المهاجم البالغ 19 عاما هو أن في صدد تمديد العقد الذي وقعه مع إحدى الشركات الأميركية للمستلزمات الرياضية منذ أن كان في ال13 من عمره، وبعدها بأسابيع معدودة، انتقل على سبيل الإعارة من موناكو إلى باريس سان جرمان الذي ترعاه الشركة، مع خيار التوقيع نهائيا مع نادي العاصمة مقابل 180 مليون يورو. إنها ليست مسألة تتعلق وحسب بربط شريط الحذاء المصمم خصيصا لهذا اللاعب أو ذاك، أو تقاضي أموالا طائلة من عقد الرعاية من دون أي مجهود، بل إن اللاعبين يصبحون سفراء للعلامة التجارية ولديهم التزامات صارمة على صعيد العلاقات العامة. وروّج نجم وسط أرسنال الإنجليزي والمنتخب الألماني مسعود أوزيل مؤخرا بالترويج لإحدى الشركات في حسابه على انستغرام، وأشار إلى أنه تربطه علاقة مدفوعة مع العلامة التجارية الألمانية. ويقال إن المبلغ الذي يتقاضاه جراء ذلك يصل إلى 3,7 ملايين جنيه إسترليني (4,19 ملايين يورو) في السنة. معظم اللاعبين الكبار لديهم صفقات مماثلة. فلاعب وسط فرنسا ومانشستر يونايتد الإنجليزي بول بوغبا وقع مؤخرا صفقة لأعوام عدة مع «اديداس» بقيمة 40 مليون يورو بحسب التقارير. وعلى الرغم من اعتزاله اللعب في 2013، مازال النجم الدولي الإنجليزي السابق ديفيد بيكهام على علاقة مع إحدى الشركات أيضا، ونمط حياة المشاهير الذي يعيشه يتناسب تماما مع الاتجاهات الرياضية الحالية. وبما أنه خلع حذاءه الكروي، أصبح التركيز حاليا على منتجات أخرى مثل البزة الرياضية السوداء التي كان يرتديها لدى وصوله إلى مطار لوس أنجليس «ال اي اكس». لا حاجة لتخمين هوية اللاعب الأكثر منفعة من عقود رعاية الأحذية في تاريخ كرة القدم، فنجم ريال مدريد الإسباني ومنتخب البرتغال كريستيانو رونالدو هو صاحب الصفقة الأغلى على الإطلاق، ويعتقد بأن عقده مع مع إحدى الشركات بقيمة 6,2 ملايين جنيه إسترليني سنويا. ولإعطاء فكرة عن حرب المناقصة التي تدفع قيمة هذه العقود نحو أرقام خيالية، فإن العقد الذي وقعه مهاجم نيس الفرنسي الحالي ومانشستر سيتي وليفربول الإنجليزيين سابقا ماريو بالوتيلي مع إحدى الشركات الألمانية قبل نهائيات مونديال 2014 كان مقابل 5,1 ملايين جنيه إسترليني سنويا. لكن من المستبعد أن هذه الشروط المالية مازالت قائمة بعد تراجع مستوى اللاعب واستبعاده عن تشكيلة منتخب بلاده. استخدام لاعبي كرة القدم من أجل الترويج للمنتجات ليس بالشيء الجديد. ففي ثلاثينات القرن الماضي، أطلق أندريه أبيغلن، المهاجم السويسري في نادي سوشو الفرنسي، علامته الخاصة للأحذية بشعار: «من أجل عامل جيد، أدوات جيدة، ومن أجل لاعب جيد، أحذية جيدة». لكن لا يخلو الأمر من تضارب في المصالح، فنجم هولندا الراحل «الطائر» يوهان كرويف لم يكن يوافق على اللعب مع منتخب بلاده إلا في حال سمح له بانتزاع أحد خطوط «اديداس» الثلاثة من قميصه لأنه كان موقعا مع العلامة التجارية الفرنسية «لو كوك سبورتيف». ووقع كرويف لاحقا مع «بوما» واستلم إحدى كراته الذهبية الثلاث مع شعار العلامة التجارية مزخرف على جيب سترة العشاء. وفي كأس العالم في فرنسا عام 1998، تجنب مدرب المضيف ايميه جاكيه مشكلة بعدما هدد عدد من لاعبي المنتخب بعدم المشاركة بسبب إجبارهم على ارتداء أحذية «اديداس» وهم مرتبطون مع شركات منافسة. وفي نهاية المطاف، خاض اللاعبون كأس العالم بحذاء «اديداس» وتوجوا أبطالا بين جماهيرهم على حساب البرازيل، لكن منذ ذلك الحين سمح لهم بارتداء الحذاء الذي يريدونه.