صدر نظام المناطق العام 1412ه، وبناءً عليه تم تحديد ثلاثة عشر مجلس منطقة تشَّكل لها مجالس مناطق برئاسة أمراء المناطق، وعضوية رؤساء الأجهزة الحكومية في المنطقة، وعدد من الأهالي لا يقل عن عشرة يتم اختيارهم من ذوي الخبرة والعلم، ومدة كل مجلس أربع سنوات، ويهدف نظام المناطق إلى رفع مستوى العمل الإداري والتنمية إضافةً إلى المحافظة على الأمن والنظام وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم في إطار الشريعة الإسلامية. ويختص مجلس المنطقة بدراسة كل ما من شأنه رفع مستوى الخدمات في المنطقة وله صلاحيات ومهام متنوعة، لعل من أبرزها تحديد احتياجات المنطقة التنموية، وكذلك تحديد أولويات تنفيذ المشاريع واقتراح اعتمادها في ميزانية الدولة السنوية، بالإضافة إلى دراسة المخططات التنظيمية لمدن وقرى المنطقة ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها، ومتابعة تنفيذ ما يخص المنطقة من خطة التنمية والموازنة والتنسيق في ذلك. تجربة مجالس المناطق بلغت 27 سنة وقد قامت بأدوار حيوية أنجزت خلالها تلك المجالس واللجان المتخصصة المنبثقة عنها أعمالاً تنسيقية وتوصيات صنعت قرارات مهمة في مسيرة التنمية الشاملة التي تحققت في أرجاء المملكة بحمدالله، ولست في هذا المقال بصدد تقييم هذه التجربة ولكنني هنا أطرح وجهة نظر تتعلق بفكرة تطوير عمل تلك المجالس وتحويلها من مجالس مناطق تنسيقية تمارس دور المطالبة والمتابعة إلى مجالس مناطق تنفيذية تطبق إستراتيجيات التنمية الإقليمية والوطنية تحت إدارة وإشراف الحاكم الإداري للمنطقة وبعضوية مديري القطاعات التنفيذية بالمنطقة. وأعني بذلك إعطاء ومنح صلاحيات أوسع لتلك المجالس وتحويلها إلى مجالس صانعة للتنمية للإسهام بشكل أكبر في تحقيق رؤية وتوجهات المملكة المستقبلية، ومواكبة التغيرات والإصلاحات في السياسات التنموية والاقتصادية على مستوى المملكة من خلال رفع مستوى قدرات تلك المجالس لتطوير المناطق وفقاً لتخصصها الوظيفي ومواردها الذاتية التي تمتاز بها من خلال القيام بأدوار تنفيذية وإنتاجية بتخصيص ميزانيات مستقلة للمناطق بناءً على مردودها الإنتاجي بحيث يتم توجيه تلك الميزانيات نحو تخطيط أو إنشاء المشاريع والخدمات التي تحتاجها المنطقة بحيث يترك للمجلس التنفيذي بكل منطقة حرية اختيار نوعية المشاريع والخدمات في المنطقة ويكون له القرار في توزيعها داخل المنطقة، وإعطاء تلك المجالس دوراً أوسع في توجيه التنمية وإنشاء شركات تنموية منبثقة عن المجلس التنفيذي تكون بمثابة الأذرعة الاستثمارية تقوم وتعمل على استغلال الموارد والإمكانات والمزايا النسبية في المناطق كإنشاء شركات استثمارات بلدية أو إنشاء شركات استثمار تعديني وصناعي وزراعي، وكذلك شركات تسويقية تبرز ما يتوفر في المنطقة من مزايا نسبية تعزز من قدرتها التنافسية، وبالتالي ارتفاع مساهمة كل منطقة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.