من يحاول البحث في حقيقة الكبار وبطولاتهم وصولاً إلى معرفة الفوارق فلن يخرج من هذا البحث الدؤوب إلا وبين يديه ما يكفي لتأكيد أن القمة هلالية والثبات في أعتابها أزرق، حقيقة لا تمليها العواطف بقدر ما تمليها لغة الرقم ولغة الرقم كما يقولون هي المستند الذي لا يكذب. أعوام تعاقبت فصولها وأحداثها ومناسباتها والهلال فيها لايزال الوحيد من بين الكبار الذي نجح في أن يحافظ على توازناته الفنية والبطولية، أما البقية من منافسيه، فالبقية الباقية تتناوب على دور واحد هذا يحضر وذاك يغيب والثالث ينتظر لعل وعسى أن تتبعثر المعادلة ويصبح هذا "الثابت" ماضياً تولى. ليس بالجديد إذا ما تحدثنا عن هذا التفرد الهلالي اليوم، ذلك أن كل من له علاقة بمجال الرياضة وتاريخها الطويل يعي ويدرك أن هذا الفريق الكبير يختلف عن أنداده ومنافسيه، يختلف بتركيبته وثقافته ومنهجيته التي أسست له مناخاً تهب نسائمه فرحاً وبكل ما يطمح إليه جمهوره من بريق الذهب ولحن البطولات وسعادة الانتصارات التي لا تزال تتوالى. بالأمس القريب، خسر الزعيم اللقب القاري لكنه وعلى الرغم من مرارة تلك الخسارة إلا أنها لم تثن نجومه ولا إدارته عن المضي قدماً صوب محاولات أخرى يكون الشعار فيها شعاراً للتحدي وشعاراً للقوة وشعاراً لترسيخ ماذا يعني الهلال لأنصاره، ولهذا عاد من طوكيو ليتزعم ويتصدر هرم ترتيب الدوري ويعلن سريعاً رغبته في أن يكون التعويض تعويض الحفاظ على اللقب الذي حاز عليه الموسم المنصرم. نعم هذا هو السر الذي يكشف لنا حقيقة هذا الفريق وحقيقة كيف يفكر وكيف يعمل وكيف يمنهج خططه وبما يضيف لتاريخه المرصع بالذهب المزيد من الأرقام. في الهلال لا مكان للإحباط، لا معنى للتهاون، لا وجود لبطولة الذات، وحين نقول: إن هذه وتلك لا مكان ولا معنى لتواجدها فهذا دليل واضح على متانة العمل وطبيعة المفهوم وطريقة النهج الذي يسير عليه الهلاليون منذ عقود ولأنهم خططوا ومنهجوا وقدموا الكيان على كل الأشياء فمن الطبيعي أن يصبح الزعيم الهلالي متفرداً بقمة لا تهوها الأعاصير ولا تزيدها الظروف إلا قوة ومتانة. عموماً لو أن أنديتنا الغالية جميعها وبالتحديد الكبيرة منها سارت بما يسير عليه الهلاليون في أفكارهم وتطلعاتهم وطموحاتهم لأصبحت المنافسة غاية في الروعة متخطية محيطها المحلي والإقليمي ولشهدت جماهيرية تنافس جماهيرية ما نراه في إسبانيا وبلاد الإنجليز. ختاماً نبارك للأشقاء الكويتيين الإفراج عن رياضتهم من قبل الاتحاد الدولي، خبر مفرح بالنسبة لنا لكن العتب على من تجاهل وقفة المملكة العربية السعودية في هذا الجانب وارتمى في أحضان القطريين ليثني ويمتدح ما يسمونه بالمواقف الداعمة. بالفعل خير تعمل شر تلقى وسلامتكم.