خلال العشر سنوات الأخيرة، اعتدنا أن نرى كل باحث عن الربح السريع يتوجه للإنتاج الدرامي، وليس أي إنتاج، بل ذاك الذي يستفز المشاهد السعودي بالتحديد من منطلق أنه الأكبر عدداً والأكثر تأثيراً وقدرة على صنع نجومية البعض في يوم وإسقاطها في اليوم الآخر. وجرت العادة أن يقوم المنتجون من ذوي الخبرة الفنية المعدومة و»الكاش» باختيار أكثر الروايات رفضاً في المجتمع السعودي، حتى يحولوها إلى مسلسلات، وإن لم تحظ تلك المسلسلات بعدد كبير من المشاهدات بسبب سوء جودة تنفيذها، المهم هو أن تحقق أصداءً قبل العرض وخلال مرحلة تحضيرها تضمن لها تدفق العروض من الفضائيات بغض النظر عن نجاح العمل بعد العرض من عدمه. ولأن الرواية أصبحت «سوقاً» والفن أيضاً أصبح سوقاً سوداء، استخدمه البعض للتجارة بكل شيء قد يحقق ربحاً، حتى وإن كان هذا الشيء هو انتهاك خصوصية المجتمعات العريقة والإساءة لقيمها ومبادئها. المرأة السعودية بالتحديد أصبحت قضية من ليس له قضية، وباتت مستهدفة من قبل كل الطامعين على المستويين المادي والاجتماعي، ولذلك فهي العنصر الذي يدور حوله صناع الدراما منذ سنوات طويلة دون أن ينجح أي منهم في تقييمها كما يجب. منهم من حاول تصحيح الصورة المطروحة عنها لتقترب قدر الإمكان من الواقع ففشل، ومنهم من حاول تشويه تلك الصورة لإثارة فضول الجميع وتحقيق أكبر دعاية لعمله فنجح.. ولكن ليس بعد اليوم! فبعد الكثير من الأعمال والمسلسلات التي اقتبست اسوأ الروايات، وصورت المرأة السعودية وواقعها في أقبح وأتفه أشكالهما، جاء الجمهور السعودي اليوم لينتفض بوجه هذه التجارة، تجارة «دراما السعوديات» التي انتهكت ما استطاعت من خصوصية المرأة السعودية، مع الإعلان عن مسلسل يتم تصويره حالياً تم اقتباسه من رواية لم تنجح قبل «11» عاماً في إقناع أي ناقد أو قارئ بقيمتها الأدبية والواقعية للكاتبة سارة العليوي بعنوان «سعوديات» يجسده فريق من ممثلات عربيات معظمهن من شهيرات مواقع التواصل الأكثر تعرضاً للهجوم كشيلاء وأبرار سبت ومريم حسين، وينتجه رجل أعمال أردني يُدعى إياد خزوز، كتبت السيناريو الخاص به اقتباساً عن الرواية كاتبة سورية تُدعى سوسن القابسي، ويتم تصويره في سويسرا! حيث شن الجمهور وأهل الإعلام حملة ضد المسلسل، تطالب بمنع عرضه، وإيقاف تصويره، ورفضه التام لعنوان الرواية المقتبسة التي وصفها سابقاً بالمسيئة، مصعداً تلك المطالبات لوزير الإعلام الدكتور عواد العواد عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». المنتج إياد خزوز بدوره أعلن تغيير اسم المسلسل إلى «صيف بارد»، معتقداً أن تغيير الاسم كاف لإيقاف تلك الحملات، ومؤكداً أن من يقف خلف تلك الحملة عجوز شمطاء، حيث رد على الحملة قائلاً: لن أستطيع إيقاف عجلة الزمن. أي أن منتج العمل تجاهل رفض مجتمعاً بأكمله، محولاً المواجهة إلى غريمة «العجوز» حسب وصفه، والذي قيل انه يقصد الممثلة ميساء مغربي، نظراً لسوء العلاقة بينهما. لا نعلم من المقصود في عجلة الزمن التي جعلته يبدل أسم المسلسل متحاشيا مواجهة هجوم الجمهور السعودي، دون أن يفهم أن القضية تحولت إلى قضية «رأي عام»، لن تهدأ أمام حساباته الشخصية أو لعبة الأسماء، قبل أن يوقف إنتاج هذا المسلسل. تغريدة الممثلة البحرينية شيلا سبت خزوز يتحاشى ردة فعل الجمهور بتغيير أسم المسلسل