من الأمراض الشائعة التي لا يكاد يمر يوم إلا ويردنا في العيادة رجل يعاني منها ومنهم من بلغ به اليأس من نجاح العلاج مبلغه وقاد البعض إلى اللجوء إلى المعالجات الشعبية غير المأمونة أو إجراء تدخلات جراحية خاطئة، متلازمة التهاب البروستات المزمن. وهو مرض شائع الحدوث يقدر أن نصف الرجال يعانون من أعراضه في وقت ما من حياتهم. وتعتبر الإصابة بالتهابات البروستات من الالتهابات الأكثر انتشاراً عند الرجل مقارنة بالالتهابات الأخرى، وأثبتت البحوث الوبائية خلال السنوات العشر الأخيرة أن التهاب البروستات يعتبر واحداً من أهم المعضلات الطبية في مجال علاج وجراحة أمراض المسالك البولية والتناسلية. ونستطيع القول: إن التهاب البروستات المزمن (prostatitis) ينافس سرطان البروستات وتضخم البروستات الحميد(BPH) فيما يتعلق بنسب حدوث الانتشار، وعدد الاستشارات الطبية، وتقدر نسبة حدوثه في الولاياتالمتحدة من 5 إلى 8 % بين الرجال في وقت واحد. وظيفة البروستات: البروستات هي عبارة عن غدة بحجم ثمرة الجوز تقع تحت المثانة البولية، وتحيط البروستات بمجرى البول مثل الكعكة. تعتبر وظيفة البروستات غير معروفة على وجه التحديد لكنها تساهم بجزء بسيط في صنع السائل والأنزيمات التي تساعد في تكوين المني الضروري للخصوبة الذكرية، وتمثل متلازمات التهاب البروستات كياناً سريرياً مشتركاً وتصنف معاً لأنها جميعا تشترك في الأعراض والعلامات السريرية المرتبطة باضطرابات غدة البروستات. وفي السابق صنفت إلى أربعة كيانات سريرية: التهاب البروستات البكتيري الحاد (acute bacterial )، التهاب البروستات البكتيري المزمن (0chronic bacterial)، التهاب البروستات اللابكتيري المزمن (chronic nonbacterial)، ألم البروستات المزمن( prostatodynia) ويمكن الاستدلال على أي نوع منها بأخذ التاريخ المرضي والفحص السريري مع عمل بعض التحاليل اللازمة والتي تفرق بين نوع وآخر. ويعتبر التهاب البروستات المزمن اللابكتيري أو ما يسمى بمتلازمة الآم الحوض المزمنة أكثر الأنواع شيوعاً وتبرز أعراضه في آلام الحوض التي قد تكون على شاكلة ألم في الخصيتين، ألم في منطقة العجان بين أسفل الخصيتين وفتحة الشرج، آلام أسفل الظهر أو أعلى المثانة. كما قد يصاحبه حرقان في التبول والقذف أو حدوث قذف دموي، كما يعاني كثير من المصابين من ضعف في التبول وعدم الراحة عند الجلوس لفترات قصيرة على الأسطح غير اللينة. * ما الأسباب وراء التهاب البروستات..؟ * مسببات التهاب البروستات غير معروفة في 90 % من الحالات، والنسبة الباقية يكون سببها بكتيرياً، وقديماً كان ينسب التهاب البروستات إلى عدة عوامل من أكثرها تداولاً مستوى هرمونات الجنس، أنواع الأغذية خاصة الحارة منها، الأمراض التناسلية السابقة، التوتر، العوامل النفسية، التحسس العصبي، والحالة الاجتماعية. ولقد قام بعض الباحثين بمحاولة الكشف عن تلك المسببات فتمت دراسة تأثير العمر، العرق، الجراثيم بما فيها الفيروسات والأمراض التناسلية الجنسية، تركيز حمض البول، زيادة أو نقص النشاط الجنسي وعوامل أخرى كثيرة، ولكن لا تزال أصابع الاتهام تتجه إلى البكتيريا كسبب أساسي. طرق تشخيصية مختلفة لالتهاب البروستات: تشخيص التهاب البروستات البكتيري الحاد يتم بشكل مباشر وبسهولة سريرياً ومن ثم في المعمل، ولكن من الناحية الأخرى، فإن التشخيص المعملي لالتهاب البروستات المزمن وألم البروستات (بروستاتودينيا) يمثل تحدياً خاصاً من الناحية التشخيصية والعلاجية. استخدام المضادات الحيوية قد يؤدي إلى زوال مؤقت للأعراض: يوجد عدة ميكروبات ترتبط بحدوث هذه المتلازمة، مثل تريكوموناس فاجيناليس، كلاميديا تراكوماتيس، مايكوبلاسما (mycoplasma)، ستافيلوكوكي، كورينيفورمز والفيروسات. وتعتبر هذه المسببات الجرثومية نظرية إذ أنه في الغالب لا يتم العثور على هذه الميكروبات الدقيقة في نتائج التحاليل التي تتطلب زراعة البول أو السائل المنوي، هنا تجدر الإشارة إلى أن التشخيص بالتحليل المعملي يواجه صعوبة كبيرة متمثلة في وجود مواد مثبطة في إفراز البروستات تمنع نمو مثل هذه الميكروبات، بالإضافة إلى الاستخدام السابق والمتعدد للمضادات الحيوية لدى المريض قبل عرض نفسه على الطبيب المتخصص والذي بدوره يؤثر على نتيجة المزرعة. * هل هناك مسببات أخرى غير السابق ذكرها؟ * يشعر العديد من الباحثين أن أغلبية المرضى بالتهاب البروستات المزمن يكون سبب الالتهاب لديهم جرثومة ما، ولكن أحيانا كثيرة لا يتم العثور على الجرثومة المسببة للالتهاب، ويدعو بعض الباحثين إلى زيادة مدة المزرعة إلى 5 أيام بدلاً من يومين والبعض الآخر يدعو إلى استخدام التقنيات الحديثة مثل البي سي آر(PCR) لمحاولة الكشف عن الأجزاء الجينية الجرثومية، فإن وجدت تلك الإشارات الجرثومية يمكن أن نتوقع الاستجابة إلى العلاج بالمضادات الحيوية، وإن لم توجد فسيكون من الأفضل تفادي الآثار الجانبية الناتجة عن الاستخدام غير الضروري والمطول للمضادات الحيوية، والتوجه حينها إلى العلاج بواسطة مضادات الالتهاب والأدوية العصبية العضلية الذي قد يكون الاختيار الأفضل في هذه الحالات. نعم يوجد علاج لجميع أنواع البروستات: الطرق العلاجية لالتهاب البروستات اللابكتيري. تتواجد العديد من المصنفات الدوائية لعلاج التهاب البروستات المزمن تم التطرق لها في عدة دراسات طبية وذلك باستخدام أدوية خاصة بتضخم البروستات الحميد، وأدوية مضادات الالتهاب، وباستخدام المضادات الحيوية، وكذلك العلاج الحراري، وأدوية مختلفة أخرى. وتشكل المضادات الحيوية الركن الأساسي في العلاج على الرغم من أن نتائج الزراعة تكون غالباً سلبية وقد يعود السبب لهذا الاستخدام غير الموثق للمضادات الحيوية إلى أن العديد من المرضى يستفيدون من ذلك. ويوجد خيارات دوائية أخرى مثل محصرات ألفا alpha - blockers والعلاج الهرموني مثل 5 ARI والتي تستخدم لعلاج تضخم البروستات الحميد، فبالرغم من أن آلية تأثيرها مازالت غير واضحة، إلا أنها قد أفادت في تحسين حالات بعض المرضى. ومن العلاجات الفعالة والحديثة والمؤكدة بنجاحها عن طريق الدراسات الإكلينكية علاج الالتهابات المزمنة لغدة البروستات وكذلك متلازمة آلام الحوض المزمنة (CPPS) بواسطة حقن مادة البوتكس (BOTOX) في داخل غدة البروستات. كذلك تدليك البروستات المتكرر، والذي كان يعتبر العلاج التقليدي وتم وقفه بعد عام 1968، لكنه أصبح يستخدم ثانية، والسبب في ذلك جزئياً بسبب عجز العلاج الطبي التقليدي على تحسين أعراض أكثر المرضى، وأيضا بسبب الاعتقاد أن تلك العدوى الجرثومية المزمنة توجد في غدة البروستات في قنوات مسدودة على هيئة خراجات صغيرة جداً، وفي المحصلة فإن الجمع بين تدليك البروستات والمضادات الحيوية للمعالجة في الحالات المقاومة والصعبة ربما يساعد، ولكن قيمته النهائية يجب أن تثبت بواسطة الدراسات المحكمة. ومن المناسب ذكره أن العلاج الحراري باستخدام موجات الميكرويف والعلاج بالأبر الصينية والعلاج الطبيعي لمنطقة الحوض واستخدام بعض الأعشاب قد يفيد أيضاً في تحسين حالات بعض المرضى. كما أود أن أشير إلى أن الجراحة ليست هي الاختيار الأفضل في معظم حالات التهابات البروستات. ومن النصائح العامة لتجنب الإصابة بهذا المرض خاصة لدى الشباب: * الامتناع عن حبس البول لفترات طويلة وإفراغ المثانة بصورة منتظمة. * عدم الإسراف في ممارسة الجنس أو التهيج الجنسي دون إتمام القذف. * العفة والابتعاد عن العلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية. * وبالنسبة لراكبي ورياضيي الدراجات: ينصح باستخدام كرسي مفرغ من منطقة النصف لتخفيف الضغط على هذه المنطقة. في خاتمة هذا الحديث تجدر الإشارة إلى قلق الكثير من المصابين بهذه المتلازمة من حدوث عواقب على المدى البعيد لهذا المرض. وهنا أحب التأكيد أن الدراسات مازالت مستمرة في هذا المجال ولم يثبت إلى وقتنا هذا أن التهاب البروستات المزمن غير البكتيري يؤدي إلى حدوث سرطان البروستات أو يقلل من فرص الإنجاب عند الرجال، كما تجدر الإشارة إلى أن هذه المتلازمة المتعلقة بالبروستات غير معدية ولا يوجد سبب للقلق من أن ينتقل الالتهاب إلى الزوجة. البروستات عبارة عن غدة بحجم ثمرة الجوز تقع تحت المثانة البولية، وتحيط البروستات بمجرى البول تشكل المضادات الحيوية الركن الأساسي في العلاج