يستغرب الكثير من المتابعين للمشهد النفطي كثرة التصاريح الروسية من مصادر متعددة، فتارة يصدر التصريح من وزير النفط، وتارة أخرى يصدر من رئيس إحدى الشركات النفطية العملاقة، في معظم الوقت هذه التصاريح تأتي متضاربة ومختلفة. الواقع الروسي في المجال النفطي يختلف كثيراً عن معظم الدول المنتجة للنفط بما في ذلك الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق، ما يدور حالياً من شد وجذب في الوسط النفطي الروسي يعبر بكل تفاصيله عن النموذج النفطي الروسي بتركيبته المختلفة. وزارة النفط الروسية لا يعدو دورها الدور القانوني الضريبي فقط؛ فهي في المقام الأول تهتم بطريقة فرض الضرائب وجبايتها من الشركات المنتجة، لم يكن لها دور في السابق بالتنظيم أو بكميات الإنتاج وحصص الشركات. الشأن الثاني لوزارة النفط الروسية هو حصر النفط والغاز الذي يتم تصديره للخارج ومعرفة كمياته، الوزارات الروسية هي في الأصل تابعة لرئاسة الحكومة التي على رأسها ديميتري ميدفيديف. خلال الأسابيع القليلة الماضية كانت تدور المساجلات ما بين ممثلي الشركات النفطية والبرلمان الروسي (الدوما) من أجل تغيير قوانين الضرائب إلى قوانين أكثر مرونة وتحفيزاً للشركات بأن تستثمر في الصناعة النفطية، لم تتفق الشركات مع الدوما حول طريقة جديدة للضرائب، فلم يوافق الدوما على ما تقدمت به الشركات من طلبات، وهو ما يعني البدء في مقترح جديد ودفعه من خلال البيروقراطية مرة أخرى إلى الدوما، وهو ما قد يستغرق وقتاً جديداً حتى ترى هذه المقترحات النور في حال قبولها، القوانين الحالية تعتبرها الشركات مكلفة ضريبياً وغير عملية حيث إنها لا تفرق بين الحقول القديمة والجديدة ولا تفرق بين الحقول باهظة التكلفة والحقول الأقل تكلفة في الإنتاج. الشركات النفطية الروسية لها نصيبها من التركيبة المعقدة فهي عادة مملوكة لأحد أباطرة النفط الروس أو ما يسمون (أوليجارش) كما يملك بعض حصص الشركات الروسية شركات نفط غربية. الشركاء الروس (أوليجارش) يهدفون إلى سرعة المداخيل بينما الشريك الغربي يريد التحكم بطرق الإنتاج بما يحفظ حيوية المكامن النفطية وعدم تلفها جراء سرعة الإنتاج. تتفاوت الحصص من شركة لأخرى وتتفاوت أيضاً أحجام الحقول المنتجة. لذلك فإن الشركات ليست سواسية في دفع الضرائب للحكومة، معظم الشركات النفطية الروسية تعتبر روسنفط وغازبروم ذات ميزة أكبر من غيرها كون الحكومة الروسية تمتلك حصص الأكثرية فيهما، ناهيك أنها تتربع على الحقول الكبرى في البلاد. الشركات الأصغر حجماً وذات الأصول الأقل في حقول النفط تطالب بجزء من الضرائب حتى تقوم بتطوير الحقول الجديدة الأصغر حجماً، هذه الشركات تجد نفسها مضطرة تحت القوانين الحالية لزيادة كمية الإنتاج من أجل الحصول على مداخيل كفيلة باستمرار استثماراتها في الحقول المستقبلية.